أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

رفـقــاً بأطـبّـاء الـوطـن !!..

أ. عصام بن محمود الرئيسي

مدرب ومحاضر في البروتوكول والإتيكيت الوظيفي

 

رفـقــاً بأطـبّـاء الـوطـن !!..

 

على الرغم من أنّ مهنة الطب من أقدم المهن في العالم، إلّا أنّ هذه المهنة لم تفقد بريقها ومكانتها وأهميتها في ضمان صحة البشر، وما زال أبناءنا يسعون للحصول على لقب طبيب بكل شغف، على الرغم من طول سنين الدراسة والمعاناة التي يمرون بها للحصول على المؤهل، حيث أن الكل يُدرك أن مهنة الطب من المهن المقدرة، وهي من أعظم وأنبل القيم الإنسانية، وأبلغها شأنًا ومكانةً؛ لما تقدمه من خدمات إنسانية على هذا الكوكب، فكل المحبة والاعتزاز لهذه الفئة أصحابُ “المعطف الأبيض”، المقدّرةُ انجازاتهم وخدماتهم البيضاء الجليلة المستمرة التي يقدمونها بكل صدر رحب في كل ربوع الوطن العزيز.

إن النظرة الموضوعية إلى الوقائع والأحداث التي مر بها العالم من أنتشار الأوبئة وغيرها من الأمراض المستعصية تُلزمنا إعادة النظر الى مكانة أطباء الوطن؛ حيث سطر أطبائنا والعاملون في الرعاية الصحية أروع قصص التفاني لحماية الناس من هذا الوباء، ولا بد أن يُقابَل ذلك بالتقدير وهو كذلك أمر يفرضه الضمير الإنساني، وأصبح تقديرهم وتكريمهم واقع لا مفر منه، بعيدًا عن أي مؤثرات أو عقبات خارجية أو داخلية.

إن الطبيب انسان مثل سائر البشر له قدراته ومشاعره، لا يختلف عنا من حيث التكوين النفسي والطموح بدون شك، فهو مثل غيره يطمح لبناء حياة كريمة تتوافق مع مكانته في المجتمع له ولأسرته من الجانب المادي والترفيهي، الفرق أنه وهب نفسه ووقته على حساب الكثير من الالتزامات الأسرية لهذه المهنة الإنسانية العظيمة، والتي لها خصوصيتها في العطاء بدون كلل أو ملل، وسخر ذلك الجهد والوقت للارتقاء بمهنته وخدمة وطنه، ويكاد أن يغفل عن الجانب الترفيهي في حياته بحكم مهنته الإنسانية الشاقة، لهذا عندما نتحدث عن حقوقه الطبية والاهتمام به فهذا ليس من فراغ ويعتبر أمر مُستحق له بكل جدارة ويجب أن يعطى إياها كاملة وبدون نقصان؛ لكون مهنته تفرض عليه بطبيعة الحال التعامل الانساني مع مشاعر الناس وحياتهم التي قد تتعرض للخطر، ويدفعه في هذا ضميره الأخلاقي الذي تبلور عبر سنين دراسته وخبرته التراكمية في مجال العمل.

إن الجانب النفسي للطبيب من حيث المعاناة والذي يحاول أن يخفيه بحكم مهنته الإنسانية أمر مجهول من قبل البعض ولا يشعرون به، فضلًا عن مشاعره الانسانية التي غالبًا ما تكون عُرضة للقلق والخوف من طبيعة عمله؛ خاصةً اذا واجه حالات من المرضى المصابين بالمرض العضال فهو بدون شك يتألم ويتأثر بتلك المشاهد اليومية، ناهيك عن الحالات الطارئة التي تصل المستشفى، وهذا الأمر ينطبق أيضًا على كل الطواقم الصحية المساندة ضمن المنظومة الصحية، لهذا علينا ان نحافظ على أطباء الوطن ونتمسك بهم بكل قوة ونكرمهم ونجعلهم في مكانة تليق بمهنتهم الانسانية وما يقدمونه من خدمات جليلة، فقد انفقت الدولة الكثير والكثير الى أن وصلوا الى هذا المستوى من الخبرة  العلمية والعملية، يفخر بهم الوطن.

لقد سمعنا العديد من القصص الواقعية كيف كان أطباء الوطن ينقذون الأرواح من المرضى، فالناجون من الأزمات القلبية والأوبئة وامراض السرطان وغيرها من الامراض المستعصية بفضل الأطباء المحترفين كل هؤلاء المرضى يدينون للأطباء لبقائهم على قيد الحياة – بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى – وذلك بسبب كفاءتهم وإخلاصهم لعملهم، ومن هنا وُجب علينا جميعًا سواء من قِبل الجهات الرسمية المعنية بتكريمهم وبمتابعة حقوقهم، وكمواطنين احترامهم وتوقيرهم ووضعهم في المكانة التي يستحقون.

ولكي نحافظ على أطباء الوطن لا بد من الاهتمام الكبير بالجوانب التالية:

  • لا بد وأن تهتم الجهات المعنية بهموم أطباء الوطن وحل مشاكلهم حيث في كثير من دول العالم أصبح الأطباء الأكفاء عملة نادرة؛ بسبب ظهور الأوبئة والمتحورات التي تأتي تباعًا، ومعاناتهم الكبيرة في وقت تلك الأوبئة، إن كثرة الاستقالات من قبل الأطباء العمانيين لم تأت من فراغ وهو يدل على انخفاض معدل الرضا الوظيفي بينهم، لهذا لا بد أن تكون هنالك وقفة لدرء أي مشكلة قد تتسبب في فقدان الأطباء العمانيين الاكفاء مستقبلا.
  • يجب الاستماع الى اطباء الوطن وبكل جدية، وخاصة بعد الإرهاق الشديد الذي مرت به الطواقم الطبية والصحية بشكل عام لجائحة كورونا، والنظر الى مشاكلهم ومطالباتهم ووضعها موضع الاهتمام والرعاية، ومشاركتهم في وضع الحلول المناسبة والمُرضية؛ تجنبًا من هجرة هذه الكفاءات الوطنية الى الخارج، أو تقديم استقالاتهم من الخدمة.
  • علينا ان نعي كمواطنين بأن الإساءة لأطبائنا أو اتهامهم بالتقصير والادعاءات الباطلة بدون أدلة وبراهين أو التسرع برفع أي شكوى ضدهم أمر غير مقبول، ويجب ان نضع ثقافة التسامح والصبر والحلم والحكمة في مقدمة التعامل الأمثل مع الطواقم الصحية بشكل عام.
  • الثقة المتبادلة بين الطبيب والمريض أمر في غاية الأهمية ويجب الحفاظ عليها من أجل مصلحة المريض، وعلى المريض المراجع أن يبدي الاحترام للطبيب لخلق جو من الطمأنينة بينه وبين طبيبه، وفي المقابل أيضا على الطبيب العمل ضمن قواعد أخلاقيات المهنة.

وأخيرا دمت يا وطني عمان عزيزا شامخا ودامت رايتك خفاقة بالعز على أرض السلام والوئام.

وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى