أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

ماذا تعلمنا من سجن “جلبوع”؟؟..

الدكتور/ م. محمـد المعـمـوري 

كاتـب عـراقـي

 

ماذا تعلمنا من سجن “جلبوع”؟؟..

 

 

حقاً ماذا تعلمنا من سجن ” جلبوع ” الصهيوني” ؟؟!!..

سؤال يجب ان نتوقف عنده ونحن “تعصر” قلوبنا الحسرة بعد أن تمكن الاحتلال الغاشم من إعادة الأسرى إلى ذالك السجن البغيض، الذي يحوي في جوفه شباب العزة والكرامة ، شباب منحوا لنا نصراً كنا قد حلمنا به وظننا انه لن يتحقق ، سجن الصهاينة المحكم الذي تجرد من كل الانسانية واتخذ طابع الصهيونية طابعا له ، ظن من صمم جدرانه، ونصب اجهزة المراقبة في مداخله ومخارجه وشماله وجنوبه وشرقه وغربه، وعزز أمنه بأبراج للمراقبة وضع فيها جنوداً اشداء “حسب ظنهم” وطائرات استطلاع تحوم حوله وغرف مراقبة تنظر اليه في  شروق الشمس وغروبها، وما بين ذاك على مدار الساعة ، فظن الصهاينة أنهم في مأمن من رجال عاهدوا الله فصدقوا فصدق ظنهم برب السموات والارض فجاءهم النصر مسرعا فتوجوا بأبهى صور العز والكرامة.

بوركت عقول خططت، وسلمت أيادٍ فعلت ، ونسال الله ان تكون لهم في ميزان حسناتهم وان يكون عملهم هذا شعلة تضيء دروبنا وتحرق الاعداء ، ولكن علينا ان نستلهم من بطولتهم العبر وأن لا تمر محاولتهم هذه كفقاعة سرعان ما تنفجر فتتلاشى ، يجب ان نحلل مساراتها ونمضي قدما في دلالاتها ، فهي  كما قال رب العزة جل في علاه : (قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا ) نعم هي الدلالة والاشارة المبينة للنصر واحتسبه عند الله انه لقريب.

لكن .. ليس علينا ان نحرز النصر فنتوقف ، الاصعب ان نحافظ عليه وان نستثمره والاندفاع نحو نصر مبين يجلي تلك الفئة الباغية من ارض الانبياء فقد طال مكوثهم ولا اظن اننا سنقول كما قال اسلافهم لنبي الله موسى عليه الصلاة والسلام وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام : (قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ) ولا نقول كما قال اسلافهم (قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون) ، نعم سوف لن نقول كما قالوا ولن نفعل كما فعلوا بل نتوكل على الحي القيوم ، بعقيدة مؤمنة وبتضحيات تجرد النفس فيها من كل خضوع ، وتهون فيها الانفس والمال والبنون واهم مايديم النصر بعد هذا كله التخطيط الصحيح منذ البدء حتى يتم الله نصره علينا ، ربما سيقول من يقول انها احلام وقد ذهب عصر المعجزات وتوارت عن الافق منصات المنادين “بأمة العرب” وأمجادها وأصبح اليوم كل ينادي ” موطني ” ، ولكن قبل ان نستكين ونمسك الارض غير متحركين علينا ان نذكر قول الله سبحانه وتعالى (أَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُون) ، وذا كان ذاك صعب او ربما يعتبره البعض خرافة فسبحان الله الذي جعل آيته في سجن “جلبوع” حيث انهارت اركان السجن بكامله اما فتية لم يتجاوز عددهم جنود (برج من ابراج حراستهم) إنهم ستة فتيان عاهدوا الله فصدقوا وكان سلاحهم (ملعقة طعام) وكانت جدران ما يفصلهم عن الحرية وتحقيق النصر جدران شاهقة البنيان وحراسة ومراقبة وكيان صهيوني غاشم وضع كل مفردات الغدر والاحتراز في زوايا هذا السجن ولكن الله قال فصدق قوله (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ).

نعم النصر لا يـأتي إلا بالأسباب ، ويجب ان تكون تلك الاسباب مبنية على عقيدة سليمة وهمة متواصلة وثقة بالله ، وليس النصر فقط بالعدد والعدة ولا النصر بطائرات او دبابات واو دروع تمشي على الارض النصر مقرون بالية القلب والاخلاص  ، النصر مقرون بالاتكال على الله ، وليكن ووقع الاسرى بعضهم او جميعهم مرة اخرى بأيدي المجرمين الأوباش وليكن تحول هذا النصر الى ألم وحسرة في قلوبنا لأنه لم يكتمل بقرحتنا بنجاة الاشاوس الابطال ولكن يجب ان نستقرأ ما جاء به النصر لامتنا العربية وما حصل من تصدع للثقة في الكيان الصهيوني فانه ضربة موجعة تألمت منها كل اركان النظام الصهيوني بل بكى منها اليهود وظنوا ان لا ملجا من جيش محمد الا ان يتخذوا الجبال بيوتاً لهم او ان يسيحوا متفرقين في ارض الله كما عهدناهم ، فما بنيت دولة الصهاينة الا على ركام تخاذلنا وما اصبحت ايديهم تلعب بمقدرات شعوبنا واصبح التطبيع معهم حلم الكثير من بلدان امة الله واكبر ، ، الا بعد ان اصبح الايمان خارج قلوبنا وما كان الصهاينة يحلمون بنصرهم لولا  ان وجهنا اسلحتنا لأبناء شعوبنا وما كانوا ليجتمعوا علينا الا بعد ان اصبحت العروبة في بعض اقطارنا إثم ٌ شنيع يحاسب عليه من يدعي العروبة.

ولازلت اسأل : ماذا تعلمنا من سجن “جلبوع” الصهيوني ؟؟.

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى