أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

الحرب النووية قد تحدث .. لكن ماذا عن الأمم المتحدة والأطراف الدولية الفاعلة ؟!!..

وافـي الـجـرادي

صحفي ومحلّل استراتيجي

 

الحرب النووية قد تحدث .. لكن ماذا عن الأمم المتحدة والأطراف الدولية الفاعلة ؟!!..

 

لم يكن بوتين وإدارته على علمٍ أن الحديث عن خوض عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا سيستمر لأكثر من سبعه أشهر وربما لسنوات، ولم يكن هناك حسابات على ما يبدو بأن الغرب سيُقدّم كل هذا الدعم السخي والفاعل، فالعملية العسكرية بحسب إعلان الروس وتسميتهم لها بالخاصة؛ لم تحقق لبوتين ماكان يطمح به من إسقاط لعقر دار خصمه زيلنيسكي في كييف العاصمة.

تتحدث مجريات الحرب ومنذ الـ 24 من فبراير الماضي أن روسيا أُستُنزِفتْ مادياً ومالياً وبشرياً وبشكل كبير، وأن مايحدث في الأراضي الأوكرانية من اه٩قتتال ودمار مُكلّف جداً، وأن الروس يواجهون جيشاً تم تنشئته وتثقيفه على عقيدة قومية مناهضة للروس؛ فضلاً عن الشعب الأوكراني، وجيش أوكرانيا يتلقى الدعم العسكري والمعنوي من الغرب وحلف الناتو ليس من الأيام الأولى للحرب بل من قبل عشرات السنين، وأن الغرب كان ولازال يحسب في حساباته استمرار هذا البلد المجاور لروسيا بمكانة اثأحد حصونه المنيعة أمام روسيا، وأن التفكير اثأو محاولات الإطاحة به هو تقويض للنظام العالمي وربما إنهائه.

منذ بداية شهر سبتمبر والقوات الأوكرانية تحقق مكاسب عسكرية؛ حيث استعادت قرابة 6000 كم2 من أراضي الشمال الشرقي التي كانت تحت سيطرة القوات الروسية، وبات الكثير من القادة الأوكرانيين يتحدثون عن إمكانيات استعادة شبه جزيرة القرم؛ التي سبق وأن ضمتها روسيا إليها في 2014م، ولولا الدعم العسكري المتطور للغرب لما حدث كل هذا التقدم العسكري، ولما تحدّث القادة الأوكرانيين عن استعادة أراضٍ سبق وأن سيطرت عليها روسيا قبل ثمان سنوات من الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر.

تُقدم الولايات المتحدة وباقي دول حلف الناتو جُل الدعم العسكري والمعنوي والإعلامي والسياسي لأوكرانيا؛ إلا ان الدعم العسكري لم يرقَ لسلاح طويل المدى الذي يمكن إطلاقه إلى عمق الأراضي الروسية؛ لكون الولايات المتحدة ودول الغرب يدركون أن أي إمداد عسكري لأوكرانيا بأسلحة قادرة على ضرب العمق الروسي بمكانة تجاوز للخطوط الحمراء، وعامل مباشر لاندلاع حرب نووية مباشرة.

مابعد إستعادة الأوكرانيين لمساحات واسعه في الشمال والشرق.

العملية العسكرية المضادة للجيش الأوكراني منذ بداية سبتمبر ونجاحاتها على الأرض في خاركيف ومناطق أخرى، وانسحاب الجيش الروسي من تلك المناطق؛ أفضى إلى جدوى شحنات أسلحة الغرب المتدفقة إلى كييف، ودورها في قلب موازين المعركة.

ماحدث يؤكد بأن الغرب له اليد الطولى في استمرارية الحرب الروسية الأوكرانية لشهرها السابع، أيضاً ما حدث يؤكد بأن احتمالات هزيمة روسيا مُمكنة، وأن الغرب وبإمكاناته قادراً على نقل الحرب الى العمق الروسي، إلا أنه يدرك أن نقل المعركة من الداخل الأوكراني إلى الأراضي الروسية سيؤدي إلى اندلاع حرب مباشرة نووية؛ تجاوزاً للخطوط الحمراء؛ فلا يمكن لروسيا أن تتقيّدْ بخوض حرب مع دول الناتو بالأسلحة التقليدية، وإنما بأسلحة الدمار الشامل؛ نظراً لما يمتلكه هذا الحلف من ترسانة عسكرية تفوق الترسانة العسكرية الروسية عشرات المرات، وأي مواجهه مباشرة بينهما سيتم اللجوء للسلاح النووي والذي قدرته التدميرية هائلة، وروسيا لديها من الأسلحة النووية ما يدمر قرابة 35% من مدن دول الناتو، وستتعرض روسيا للدمار أيضاً وسيدفع الجميع الثمن.

ونتيجةً لتراجع وانسحاب القوات الروسية مؤخراً في مناطق الشمال والشرق الأوكراني نظرت القيادة الروسية للتعبئة الجزئية كاستراتيجية جديدة لحربها وأعلن بوتين ذلك، وهدد باستخدام السلاح النووي؛ في إشاره إلى أنه عازم على استعادة ما فقده، وأن على حلفاء كييف التوقف عن إرسال المزيد من شحنات الأسلحة التي تسببت في قلب موازين المعركة مؤخراً، وأطالت من أمد الصراع والحرب منذ بدء الغزو، واستنزفته وأرهقت بلاده .. وبالنسبة للاستفتاءات التي تمت في أقاليم “دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا” ومحاولات ضمها لروسيا؛ فروسيا تحاول أن تجعل من هذه الأقاليم الأربعة ضمن “الجغرافيا الروسية المُحرّمة”؛ بمعنى أن أي توجه لاستهداف هذه الأقاليم من الجانب الأوكراني أو من قبل الغرب؛ هو بمكانة استهداف لأراضٍ روسية، والرد سيكون باللجوء إلى استخدام السلاح النووي.

تعرف القيادة الروسية أن ما يثبط الغرب ويشغله هو سلاحها النووي، ولو لم تكن دولة نووية لوجدنا دبابات ومدرعات دول الغرب تجوب العاصمة موسكو، ولم يعد هناك رئيس اسمه بوتين.

إذاً ما حدث خلال الاشهر الأخيره من تراجع وإنسحاب للجيش الروسي وتقدم للقوات الأوكرانية، وما أعقب ذلك من إعلان روسي للتعبئة الجزئية لقرابة 300 ألف جندي من الاحتياط، وإجراء استفتاءات لضم أربعه أقاليم أوكرانية، وتزايد نبرة التهديدات بالسلاح النووي ما كل هذا إلا دخول الصراع الروسي الأوكراني مرحلة معقدة وحرجة، فضلاً عن تزايد حدة الخلافات الروسية مع دول حلف الناتو ، وأن مسألة اندلاع حرب نووية واردة إن إستمرّ الناتو في ضخ المزيد من الاسلحة وتجاوز “المحرمات الروسية” وتبقى مسألة اندلاع حرب نووية رهن توجهات حلفاء اكرانيا ومن يمدونها بالسلاح تحديداً فقدرات اكرانيا الدفاعيه لا تسمح لها بشن ضربات صاروخيه تطال المدن الروسية والناتو لايريد ان تندلع حرب نووية وهو ما تظهره صفقات الأسلحة الممنوحة للجيش الأكراني، فلم يتم تزويده بالصواريخ طويلة المدى القادرة على ضرب العمق الروسي، ولا يريد الحلف نقل المعركة إلى الاراضي الروسية كل ما يهمه هو أن تبقى أوكرانيا رهن سياساته وتوجهاته، وضمن مساحة الطوق المهدد لطموحات موسكو، وتقضي استراتيجيته في إمداد الأوكرانيين بالدعم العسكري والمعنوي الذي يمكنهم من استعادة السيطرة على ما سيطرت عليه روسيا، وأن يتم هزيمة روسيا إما من خلال استعاده كافة الأراضي الواقعه تحت سيطرتها أو من خلال إجبارها على الانسحاب وهو ما لن يحدث.

يتعيّن على الامم المتحدة والأطراف الدولية الفاعله العمل على ايجاد مخرج آمن للقوى المتصارعة وأن تحول دون اندلاع حرب نووية مدمرة قد تهدر دماء الملايين من البشر ، ودمار عواصم ومدن بأسرها، وأن لابد للمنطق الآمن والسليم والحافظ للجميع أن يتوفر ويحدث، وأن تدرك القوى المتصارعة أن ثمناً باهضاً سيدفعونه في حال استمروا في نهج الحرب وتغذيتها وتصعيدها، على هذه القوى أن تعلم أن ما بحوزتها من أسلحة فتاكة وغليظة لا تنال من الخصم بقدرما هي تنال منها وتوقعها في المجهول، فما بنوه بأيديهم وشيّدوه ومنذ عقود زمنية طويلة لربما تهدمه أشنع اخطاءهم هذه المرة، فالكل يرى العصا الغليضة والفتاكة ويفكر ب استخدامها متناسيين أنهم قد يكونوا أول ضحاياها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى