أصداء وآراء

الكويت تنتخب .. هل ستنجح بعد توالي السقطات ؟..

المستشار/ عبدالعزيـز بـدر القـطان

كاتب وباحث وحقوقي – الكويت

 

الكويت تنتخب .. هل ستنجح بعد توالي السقطات ؟..

 

مما لاشك فيه أن الإنتخابات في أي بلد هي إستحقاق دستوري، وتشاركية جماهيرية شعبية واسعة، تضع نصب عينيها، إيصال الشخص الصحيح للمكان الصحيح، لتمثيلها، والعمل ضمن ما تقتضيه مصلحة الوطن أولاً، ومن ثم مصلحة الشعب في المقام الثاني.

والجميع يعلم أن الكويت على موعد مع إنتخابات مجلس الأمة في الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري “2020”، حيث تنتهي الدورة الماضية التي كانت في العام 2016 للمجلس في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وبموجب المادة رقم (83)  من الدستور الكويتي التي تنص على أن “مدة المجلس 4 سنوات من تاريخ أول اجتماع له”، ويجري التجديد خلال الستين يوما السابقة على نهاية تلك المدة.

إلى شعب الكويت..

لنسأل أنفسنا هذا السؤال، ولنجاوب بشفافية ووضوح، ولن نتكلم عن الناجحين في هذا الإستحقاق الآتي، هل حقق أعضاء مجلس الأمة السابقين ما فيه الخير للكويت وشعبها ؟ وهل أسأنا الإختيار أم لا ؟.

أسئلة مشروعة لكل مواطن كويتي يريد النهوض بأمته ووطنه إلى القمة، وهذا حق للجميع ومطلب الجميع، الآن لم يعد هناك أي شيء مخفي، لا بل على العكس إنكشفت الأمور بشكل واضح وجداً، على سبيل المثال، عدم التدخل من أي طرف مسؤول ومهما كانت مسؤوليته ومنصبه في مسألة الإنتخابات خاصة لإنجاح أطراف على حساب أطراف أخرى، فلتكن هذه الإنتخابات إستحقاق نزيه وشفاف وفيه من الوفاء للكويت وشعبها الكثير، وهذا المطلب الأول والذي أعتقد أن ما من أحد يختلف معي فيه، فالشعب هو المسؤول عن الإخيتار، ولا يحق لأي طرف أن يتدخل في تلك العملية الديمقراطية والسياسية، فهناك البعض من الوزراء السابقين والمسؤولين السابقين يستخدمون نفوذهم وهذا خطأ لن يحقق تطلعات شعب الكويت إن لم يكن الناجح حاملاً معه برامج إصلاحية تطور لا توقف البلاد على ما هي عليه.

ليس هذا فقط، هناك تحالفات التجّار الكبار الذين يضغطون على الشعب من الناحية الإقتصادية، خاصة في فترة الإنتخابات لتمرير أجندات مرشحين بأعينهم، وهذا واقع بدأ منذ بداية المجلس التأسيسي الأول وإلى اليوم، وهي أشكال التحالفات، مرة تراها مع التكتلات الشيعة، ومرة تراها مع التكتلات السلفية والإخوان، أما اليوم فهي بإتجاه التحالفات مع التجار، أو ليس التاجر بمواطن ؟!

بالطبع وبوضوح، إن الضحية من ذلك هي الكويت وطناً وشعباً !!.

إحـقـاق العـدل..

لست بصدد فتح الجراح النازفة والتي هي بطبيعة الحال من الماضي، لكن ما يعنيني هو الإلتفات إلى الأمام، الأمر الأول، نتمنى على السادة المرشحين الكويتيين عدم إستخدام منابرهم الخاصة للحديث بنفس طائفي، لأنهم يمثلون الشعب الكويتي بكل مكوناته لا فئة معينة وظلم الفئات الباقية، بل يكون إستخدام مواقعهم للنقاش والإستماع إلى مشاكل الشعب من خلال الطروحات الراقية التي تحمل مصلحة الكويت العليا، لأننا الآن أمام مرمى الأعداء في كل الإتجاهات، خاصة في مسألة “التطبيع”، خاصة وأن العالم الإسلامي اليوم والعربي على وجه الخصوص يعاني ما يعاني، فيجب أن تكون الأولوية لترتيب البيت الداخلي الكويتي.

هذا لا يتحقق إلى من خلال الشعب الكويتي، فيجب ألا ينتخبون أي مرشح يحمل نفس طائفي، تابعوهم على مواقع التواصل الإجتماعي، لتكتشفوا بأعينكم ماهية مرشحكم، قبل أن يفوت الأوان، دون التدخل بميول وعقائد الغير إن كانت شخصية، لكن إن كانت على مساحة الوطن، فهذا وضع خطير، يهدم ولا يبني، وإنتخبوا المرشح الوطني الذي يتكلم بإسم دستور الكويت وشعبها بكل مكوناته وشرائحه، وينادي بالدولة المدنية، فكل إنسان قلبه على بلده ثقوا لا يقدر ولا يستطيع أن يتاجر بكم، وأن يكون غير مرتشياً، ونظيفاً من الداخل والخارج، الذي لا يقف على أبواب الشيوخ أو المسؤولين أو التجار، لمصالحه الخاصة على حسابكم،  لأن من يملك من العقارات والشركات ويريد القدوم إلى المجلس، هؤلاء ألف علامة إستفهام تحيط بهم.

الطائفية والقبلية داء..

وأشدد مرة أخرى، على الشعب أن يبتعد عن كل مرشح طائفي وقبلي، لأن الوطن ليس في حساباتهم، بدليل إن نجح، ترون كل القبيلة والأقارب هم من يتولى المناصب فولاؤه لقبيلته لا لوطنه، وأخذ مكاناً ليس له، وهذا فيه من الظلم الكثير، بما يعني ظلم المتخصصين والكفاءات وتهميشها.

كذلك الأمر بما يتعلق بالطائفية، لنتذكر بعض النواب وما كانوا يطرحونه في البرلمان، من أمور تحمل نفساً طائفياً، وخاصة أولئك الذين ولاءاتهم تعود لبعض السفارات (الخليجية والإسلامية) داخل البلاد، التي تعبث وتدعم مرشحون محددين، فهناك لاعبون إقليميون يحاولون إستغلال مساحة الديمقراطية والحرية في الكويت، فيدعمون أعضاء برلمان سابقين أو حاليين، ترى ذلك من خلال تغريداتهم التي في جلها دفاع عن سياسات وقادات الخارج، ويدافعون عن مشاريع سواء كانت (إسلامية أو خليجية)،  على عكس غير الطائفي الذي تراه مهما كان مذهبه، يدافع عن الآخر وإن إختلف معه عقائدياً، أو فكرياً، ومن تلقونه كذلك، تمسكوا فيه وانتخبوه لأنه أحد دعائم مشروع نهضة الكويت والمدافع عن مكوناتكم وفقرائكم والمستضعفين، فتراه يشهد له من العدو قبل الصديق لتفانيه وإخلاصه، فهل مثل هؤلاء نادرون على ألا يكونون في مجلسنا!

بالنسبة لي كل إنسان له أجندة خارج الوطن، هو خائن للدستور والشعب الكويتي، لذلك إحرصوا على من يبني الوطن والإنسان قلباً وقالباً، فمنذ أن بنينا سور بلادنا العظيم والذي يقول البعض بأنه بني بسواعد غير كويتية، وهذه حماقة وعار كبيرين، لأنه لم يقرأ التاريخ جيداً، بل بني بسواعد أهلنا وإخواننا الكويتيين (سنة وشيعة وبدو وحضر وحساوية ومسيحيين)، هؤلاء بنوه يداً بيد أولى الناس في تمثيل الشعب والبلاد، كما في معركة القرين التي دافع الجميع عنها ودفنوا جميعاً في مقبرة واحدة،  هؤلاء هم أهلنا الأصلاء.

أخيراً، إن الكويت ولادة فيها من الشخصيات الجميلة جداً والمبشرة بالخير، تجعل دستور البلاد الرقم واحد، وتنظر للكفاءات في مكانها الصحيح، ماذا نريد نجن كشعب كويتي؟ نريد أن تعود بلادنا درة الخليج، وستعود إن شاء الله فالشباب الكويتي مثقف وواعي وعنده ثقافة وحصانة وفراسة، ومتعلم ووصل إلى أعلى المناصب، وشعبنا السبّاق والمتميز بالدين والفكر والفن والرياضة وفي الوسطية والإعتدال وفي الصحافة والإعلام، نحن محسودون على نعمة الحرية التي نمتلكها ونعمة التآخي والحب بين جميع المكونات، فلا يعكر صفوكم إنسان طائفي أو حاقد، أو مؤدلج، فلا يغرنكم الكلام المعسول اليوم، عودوا إلى الأمس وتبينوا الحقائق، الإنتخاب مسؤولية وأنتم معنيون ومسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى وأمام أنفسكم وعائلاتكم، وإختاروا خير من يمثل الوطن، والوطن يبدأ من الإنسان. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى