أصداء وآراء

اليـوم العالمـي للفـتـيـات..

الكاتـبة/ د . كريـمة الحفـناوي

اليـوم العالمـي للفـتـيـات..

فى اليوم العالمى للفتاة كل عام وبناتى وحفيداتى بخير كل عام وجميع بنات العالم بخير وفى مأمن من كل شر، كل عام والفتاة الحالمة الطامحة تحقق أحلامها وقادرة على تحويل المحنة إلى منحة والألم إلى أمل، كل عام يقربنا من تحقيق أهداف الحرية والمساواة وعدم العنف والتمييز على أساس الجنس أو النوع، كل عام وأنتن أجمل صبايا وبنات الكون، أمهات المسقبل صانعى المستقبل يدا بيد مع الفتيان تتمتعون معا بحقوق الإنسان فى كل زمان ومكان دون تمييز.

منذ 25 عاما إنعقد مؤتمر عالمى للمرأة فى العاصمة الصينية بكين حضرته آلاف من النساء من 200 دولة لوضع النقاط فوق الحروف، وللتأكيد على حقوق النساء والفتيات باعتبارها من حقوق الإنسان، وتم الإعلان عن منهاج بيجين للعمل على تمكين المرأة ودمجها فى المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وثقافيام وسياسيا ومشاركتها فى مواقع صنع القرار من أجل بناء وتقدم المجتمعات. وجاءت إحصاءات المنظمات الدولية والأمم المتحدة لتؤكد على أن مشاركة المرأة فى مواقع صنع القرار تعمل على مزيد من النهوض والنمو للأمم وأن وجود المرأة فى المناصب العليا فى الدولة تعمل على تقليل الفساد وزيادة تقدم البلاد.

ولليوم العالمى للفتيات حكاية تبدأ من مبادرة منظمة “بلان إنتر ناشيونال”، وهى منظمة خيرية عالمية للأطفال منظمة غير حكومية، أطلقت مبادرة “لأننى فتاة” والتى سلطت الضوء على الحاجة إلى مزيد من التعليم والرعاية الصحية والحقوق القانونية. التقى ممثلو منظمة بلان انترناشيونال الحكومة الفيدرالية الكندية لتكوين ائتلاف رفع الوعى بالمبادرة على الصعيد الدولى وحثت الأمم المتحدة على المشاركة وتم التصويت داخل الأمم المتحدة عام 2012 باعتبار 11 أكتوبر من كل عام يوم عالمى للفتاة لدعم الأولويات الأساسية من أجل حماية حقوق الفتيات والمزيد من الفرص لحياة أفضل، ولزيادة الوعى بمناهضة التمييز الذى تواجهه الفتيات فى جميع أنحاء العالم على أساس الجنس، وللتصدى للمشكلات والتحديات التى تواجهها الفتيات من تفاوت فى التعليم والتغذية والحقوق القانونية والرعاية الصحية. ولقد اختير لكل عام عنوان تعمل عليه الدول من أجل تحقيق أهدافه فكان عام 2012 عام ” القضاء على زواج الأطفال”، وعام 2013 “تعليم الفتيات” وعام 2014 “إنهاء دائرة العنف” عام 2015 “قوة الفتاة المراهقة” وعام 2016 “تقدم الفتيات =التقدم فى الأهداف التى تهم الفتيات” وعام 2017 “تقوية البنات قبل وأثناء وبعد الأزمات” وعام 2018 “قوة الفتاة الماهرة”.

لقد أختير هذا العام 2020 للاحتفال باليوم العالمى للفتيات من أجل “مساعدة المراهقات على العيش فى مأمن من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعى والممارسات الضارة”. وأنا اعتبر أن هذا الاختيار والعمل على تحويله إلى فعاليات على أرض الواقع هاما وخاصة مع ازدياد حوادث العنف والاغتصاب ضد النساء عموما وضد الفتيات الصغيرات ومنها أيضا زواج القاصرات حيث تشير الإحصاءات إلى أن واحدة من كل أربع فتيات تتزوج قبل سن الثامنة عشرة أى فى سن الطفولة مما يسبب مشاكل صحية ونفسية وبدنية بالنسبة للفتاة وأيضا يزيد من حالات الطلاق فى هذه السن الصغيرة وبالتالى على استقرار الأسرة والأطفال والمجتمع.

وهناك ظاهرة ضارة بالصحة النفسية والإنجابية والعلاقة الزوجية تتعرض لها الفتيات الصغيرات فى مجتمعاتنا العربية وبالذات فى مصر والسودان وهى ظاهرة “ختان الإناث” والتى تتسبب فى عدد من الحالات فى وفاة البنات والصبايا فى عمر الزهور وهى جريمة وجناية بدأت الدول تسلط الضوء عليها وتغلظ العقوبات بخصوصها.

ونجد فى الفترة الأخيرة إزدياد جرائم إغتصاب البنات الصغيرات، المقترنة بقتلهن في العديد من بلدان العالم، وشاهدنا فى الأيام الأخيرة حادثة بشعة فى الهند باغتصاب جماعى لفتاة فى عمر 19 سنة، إنتهت بقتلها، وفي مصر إقشعرت الأبدان في الفترة الأخيرة وصرخت الأمهات وارتعبت من جرائم اغتصاب فتيات صغيرات في عمر من 5 إلى 10 سنوات إنتهت بقتلهن.

إن مواجهة هذه التحديات التى تواجه الفتيات تتطلب تربية ترتكز على القيم والفهم الصحيح للأديان، وتتطلب المشاركة بين الأسرة والمؤسسات التعليمية والدينية والثقافية لبث الوعى بالمخاطر والضرر الذى يقع على المجتمع، مع العمل على تغيير المناهج التعليمية بحيث تقوم هذه المناهج على أساس المواطنة والمساواة وعدم التمييز بين البشر على أساس الجنس أوالنوع أو الفكر أو العقيدة أو الوضع الاجتماعى أو الجغرافى، مع صدور قانون موحد لتجريم العنف ضد النساء.

كما تحتاج إلى الإهتمام بتعليم الفتيات، ومعالجة أسباب تسرب الفتيات من التعليم ومحو أمية الكبار.

وينبغى الإشارة إلى أهمية دور الإعلام المقروء والمسموع والمرئى بكل أشكاله من صحافة وإذاعة وتليفزيون من الاهتمام ببث التوعية بقضايا المرأة وقضايا المواطنة وتخصيص أبواب خاصة بالمرأة فى الصحافة وبرامج ثقافية فى الإذاعة والتليفزيون بخصوص الفتيات والنساء هذا بجانب الدور الهام لإبراز الدور الإيجابى والنماذج الإيجابية للنساء فى الدراما وفى أيضا الأفلام السينمائية والتى لها دور هام فى نشر الوعى والتذوق الفنى وتشكيل الفكر والوجدان.

وينبغى التأكيد على أن السياسات الرأسمالية الجديدة والتى تسببت فى السنوات الأخيرة إلى مزيد من اتساع الفجوة الطبقية بين البشر نتيجة لتركز الثروات فى يد قلة احتكارية على حساب إفقار اغلبية الشعوب، هذه السياسات كان من نتيجتها ماتعانيه النساء من عنف وتمييز فى كل بلدان العالم الغنية والفقيرة. كما أن اجتياح فيروس كورونا للبشرية فى بداية عام 2020 وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية كانت من نتائجه مزيد من البطالة وفقدان العمل والوظائف وانخفاض دخل الأسرة وكل هذا تسبب مع الحظر إلى مزيد من العنف ضد المرأة والأطفال كما أوضحنا فى مقالاتنا السابقة.

إن تمكين الفتيات يتطلب مشاركتهن النشطة في عمليات صنع القرار والدعم النشط ومشاركة آبائهن وأولياء أمورهن والعائلات ومقدمي الرعاية.

إننا نتمنى أن نعيش فى عالم خال من العنف والتمييز، عالم ينهض ويعلو ويتقدم بجناحي المرأة والرجل معا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى