أصداء وآراء

الفرق ثانيتين..

الإعـلامي – د.خالد بن علي الخوالدي

         Khalid1330@hotmail.com

 

 الفرق ثانيتين..

الصيف حار ودرجة الحرارة تصل أحيانا قرب الخمسين درجة، وجزى الله خيراً الذي اخترع أجهزة التبريد (المكيفات)، وجعلنا باختراعه لا نشعر بالحر، ففي السيارة مكيف، وفي البيت، وفي مكتب العمل، وربما هذا هو السبب الذي جعل البعض لا يشعر ولا يحس بالآخرين الذين يعملون في هذه الأجواء الحارة، وأعجبني في هذا الصدد حملة التوعية التي قامت بها شركة (بيئة)، الخاصة بوضع القمامة والنفايات في الحاوية مباشرة، بدل رميها على الأرض وحول الحاوية، وكانت الحملة بعنوان (الفرق ثانيتين).

 الفرق ثانيتين بين التقدم والتأخر، بين العلم والجهل، وبين والرقي والانحطاط، الفرق ثانيتين بين السمو بالقيم الإنسانية والاستهانة بها، وبين الرحمة والعطف وعكسهما، ورمي القمامة في المكان المخصص لها لا يحتاج منا إلى جهد كبير، العجيب والغريب أننا نمارس أخطاء تضطر معها المؤسسات المعنية إلى عمل حملات توعية حول ذلك، بينما الحبيب المصطفى قال منذ أكثر من 1400 سنة (النظافة من الإيمان).

إن مثل هذا العمل لا يحتاج إلى توعية وإرشاد، وتخصيص حملات إعلامية تحتاج إلى جهد وعمل وتصوير وإخراج ونشر إعلامي على المنصات الإعلامية والاتصالية وأموال تهدر بلا جدوى، ولعمري أن الإنسان المسلم يفترض أن لا يقال له مثل ذلك، فتعاليم الدين الحنيف جاءت بالرحمة والعطف على كل المخلوقات، فكيف إذا كان هذا المخلوق بشر ؟ فما يضير الذي ذهب لرمي القمامة أن يرميها في الحاوية المخصصة لها ؟ وما هي الاستفادة التي يجنيها عندما يرمي القمامة خارج الصندوق المخصص ؟ وهل يدرك أنه بهذه الطريقة يكبد ذلك العامل المسكين جهداً شاقا ومضاعفاً لكي يجمعها في هذه الأجواء الحارة ؟، الرحمة الرحمة الرحمة بهؤلاء العمال، ضعوا نفاياتكم في المكان المخصص، وبلغوا عمال وعاملات المنازل معكم بهذا، فالله أرحم الراحمين، وقد أرسل رسوله بالرحمة، واعلموا أن الجنة دار الرّحمة لا يدخلها إلّا الرّاحمون، وقد قال رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم (الراحمون يرحمهم الرحمن، إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).

 واسمحوا لي بالقول أن هناك أناس فيما بيننا، يجيدون النقد والشكوى والتذمر والمطالبة بالحقوق المشروعة وغير المشروعة، ويوهموا أنفسهم بأننا شعوب متقدمة ومتطورة وراقية وملتزمة بتعاليم ديننا الحنيف ولكن في الواقع لا يرحمون ولا يعطفون، ولا توجد لديهم مراعاة للقيمة الإنسانية، وإلا ما هو المانع في جعل القمامة في مجمع النفايات ورميها بدلاً من ذلك خارج المكان المخصص لها لتحملها بها الريح وتبعثرها، وتلعب بها القطط والكلاب وتوزعها، فتصدر منها الروائح الكريهة، إن الدين سلوك وأفعال وليس شعارات نتغنى بها، وقد صدق من قال (لا تحدثني عن الدين كثيراً، ولكن دعني أرى الدين في سلوكك وأخلاقك وتعاملاتك).

 الفرق ثانيتين، ولكنهما كفيلتان بمعرفة من أنت ؟ وما تحمل من قيم ومبادئ وتربية ؟ لا تستهينوا بأبسط الأشياء لأن الأمور العظيمة تبنى عليها، ودمتم ودامت عمان بخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى