أصداء وآراء

قـراءة في كتاب : “جوانتانامو قصتي‎”..

       فهـد الجهـوري – كاتـب

     almnsi2020@gmail.com

 

 

قـراءة في كتاب : “جوانتانامو قصتي‎”..

 

ربما يكون السجين 345 من أشهر السجناء المعتقلين في سجن جوانتانامو سيئ الصيت ..!!

الحديث هنا عن الصحفي السوداني سامي الحاج ، الذي تم اعتقاله على الحدود الباكستانية الأفغانية أثناء محاولته الدخول للأراضي الأفغانية ، مكلفاً من قناة الجزيرة لتغطية العدوان الأمريكي على أفغانستان .
يسرد سامي الحاج تفاصيل دقيقة ومؤلمة وبشعة في أحيان كثيرة ، و مأساته هو وغيره من المعتقلين ، في كتابه الذي يندرج ضمن أدب السجون (جوانتانامو قصتي) ..
إن ما كتبه الحاج من تفاصيل في كتابه لأساليب التعذيب الوحشية ، لم تكن في الحقيقة إلّا كشف للعقلية الإمبريالية المجرمة التي تتوالى في حكم البيت الأبيض ، يتضح هذا جلياً من خلال التحقيقات التي مورست على سامي الحاج وطريقة الضغوط النفسية الشديدة أثناء تلكم التحقيقات الشاقة ، وصولاً إلى التعذيب الجسدي الوحشي ، ومن ثم التغذية الاجبارية للمضربين عن الطعام ، وهو الاصعب و الأقسى مثل ما يصفه سامي الحاج .
وما يلفت الانتباه بعد كل الصور الفظيعة التي سردها الحاج ، ومحاولته تقريبها لذهن القارئ ، نجد محاولة تجنيده للاستخبارات الأمريكية .
أضع أمامك عزيزي القارئ الحوار التالي لمحاولة تجنيد سامي الحاج على يد رجل الاستخبارات الأمريكي ستيفن رودريجنس بعد تعذيبه ولنا عودة .
 (يا سامي ، نحن نريدك أن تعمل معنا . قلت له : من أنتم ؟ ، قال : نحن الاستخبارات الأمريكية !! ، قلت له : إنني لا أعمل مع الاستخبارات . قال : لا تظن أن عمل الاستخبارات هو عمل جيمس بوند وما تراه في الأفلام البوليسية ، نحن عملنا دبلوماسي ، ونريدك أن تعمل معنا مقابل منحك الجنسية الأمريكية أنت وزوجتك وإبنك ، وتسكن في فيلا في أمريكا وتكون لديك سيارة ورصيد في البنوك الأمريكية ، هذا الرصيد لا نقول إنه يساوي مليوناً ولا مليونين ولا ثلاثة ، بل يمكن أن يكون عشرين مليوناً ، المتحكم في ذلك هو اجتهادك في العمل ، كلما كنت مجتهداً وأتيت بمعلومات ذات قيمة استخباراتية ، كان رصيدك أكبر في البنوك ، سنقوم بتدريبك وتأهيلك ، بحيث تخرج من هنا صحفياً على درجة عالية ، ونقوم أيضاً بإعداد كتاب لك يُنشر بعد خروجك ، وعبر المنظمات الكثيرة في العالم التي تعمل معنا نستطيع أن نجعلك شخصية مميزة تنال جوائز عالمية ، سنكون إلى جانبك ونجعل آخرين يُزكونك وتكون لك مكانة كبيرة ، ونحقق لك كل طموحاتك وكل أحلامك في وقت وجيز . سألته : وما المقابل ؟، قال : بسيط ، أن تواصل عملك في قناة الجزيرة بعد خروجك من هنا ، وعندما يُطلب منك مثلاً أن تُجري مقابلة مع معمر القذافي ، تصف لنا المكان والإجراءات الأمنية وتحركات القذافي وتصرفاته ، وطريقة كلامه بعيونه ، وعمله ، والملاحظات التي تراها ، فهذا مما يفيدنا في عملنا ، إذا اتصل بك أفراد من القاعدة لإجراء مقابلة ، تنظر إلى المكان الذي تجري فيه المقابلة ، فتصف الغرفة وأسلوب من ألتقيت بهم ، وتفكيرهم وتعاملاتهم ، فهذه أشياء تفيدنا ، نحن لا نحتاج منك أن تقول لنا : الآن أنا في ليبيا ، فنحن سنزرع أجهزة في جسدك نتابعك بها أينما كنت وأينما حللت ، ونستطيع أن نستمع عبر بعض الأجهزة للحديث الذي يدور حولك ، ونحن في الوقت نفسه حريصون كل الحرص على التقارير التي ترفعها مما قد لا تراه الآلة وتستطيع أنت أن تراه ، سنعمل على تدريبك على حفظ الأرقام ، وعلى كيفية رسم الأشخاص وأسلوب التعامل معهم ، سننظم لك دورات تدريبية كثيرة ، وستجد من يساعدك في هذا العمل داخل قناة الجزيرة وداخل قطر ، ستجد من يعينك على هذا الأمر ولن تشعر بأنك وحدك ، سيكون لعملك هذا حوافز مادية كبيرة وستكون حياتك سعيدة ، وقد تحقق ما لا يستطيع أن يحققه غيرك في سنوات طويلة وفي عمل شاق …) .
يتضح من الحوار السابق أن أذرع الولايات المتحدة الأمريكية نافذة على المنظمات الدولية بما فيها الأدبية والثقافية ، وباستطاعتها رفع شخصية وجعلها مهمة ومرموقة في المجتمع العالمي ، بمجرد التعاون الاستخباراتي معها ، وهذا ما يجعل الجوائز الممنوحة للأدباء و الفنانين وغيرهم ، وجوائز نوبل للسلام ، كلها محل شك كبير في أحقية الفائزين بها .
وضعت الحوار السابق أعلاه كدليل على أن الأمريكان ما زالوا يتقدمون على العالم بخطوة ، سواء تقنياً أو حتى إعلامياً ، إن ما عرضه سامي الحاج في هذا الكتاب ليس إلا نقطة صغيرة جداً في محيط ضخم يضج بالظلم لبشر لا زالوا منسيين ، أو تم إسقاطهم من مبادئ الإنسانية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى