أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

التنمر المدرسي مشكلة العصر..

الدكتـور/ محمـد المـعـمـوري

كاتـب وباحـث – العـراق

 

التنمر المدرسي مشكلة العصر..

 

يجب أن نبحث أولا عن الأسباب التي جعلت من المتنمر يتنمر ومن المتنمر عليه أن يقبل بهذا الوضع فيلتزم الصمت، ومن ثم يبقى تحت سطوة التنمر، نعم إن التنمر عادة ذميمة، ولكني اعتقد انها من نتاج المجتمع وهي لا تتحرك الا بإطاره ولا يمكن ان تنمو الا في مجتمعات افتقدت الى الثقافة والرقابة والمتابعة؛ لذا فإننا نراها تزداد ما دمنا في واد غير وادي الثقافة، وفي طريق غير الطريق الذي يرشدنا نحو الكتاب.

أما التنمر المدرسي فإنه المشكلة الأكبر التي تواجه مجتمعنا العربي في الوقت الحاضر، ولا يمكن تجاوزها إلا بعد ان تستطيع المدرسة ان تراقب الطلاب بشكل دقيق، وأن يكون هناك تواصل بين المدرسة وولي الطالب بشكل مباشر وقد وفرت لنا برامج التواصل الاجتماعي هذا الجانب من التواصل وبإمكان المدرسة استخدامه كأداة فعاله للتواصل بين الادارة المدرسية واولياء امورهم، وكذلك ان يتم اضافة درس يبحث في نفسية الطلاب وان لم يكن داخل المنهج ليتعرف المدرس النفسي عن آثار التنمر ويشخص المتنمر والمتنمر عليه، وليس فقط هذا فإنني افضل ان يكون مدرس مادة علم النفس من الاختصاص ذاته، ومن هنا نستطيع ان نوقف هذا الداء، ونتمكن من التعرف على المتنمر وضحيته لأن المتنمر عليه سيكون اكثر خجلا ومتخوف من شيء ما وركن الى الوحدة ويخشى الاخرين وربما يسبب هذا الى تراجعه في دروسه او ربما يؤدي ذلك الى خسارته كشخص فاعل في المجتمع.

والسؤال هنا :
هل نحن جادين في البحث الحقيقي في الاسباب الذي جعلت المتنمر يقتنص ضحيته ليكون قادر على السيطرة عليه باهانته او جمع شلته للضحك علئ سلوك قد يتصرف به ام اننا نرصد الحالات ثم نبتعد عن معالجتها؟!.

يعتبر التنمر المدرسي من الظواهر المنتشرة في اغلب المدارس وهو ظاهرة خطيرة جدا كونها تسلك مسلكين مهمين؛ ألا وهما المسلك الذي يخص المتنمر، والمسلك الآخر الذي يخص المتنمر عليه، وهنا علينا ان نبين اسباب التنمر و انواعه قبل ان نخوض في شخصية هذين الشخصين لأن الخوض في أسباب التنمر لكلا الطريف يحتاج أن نمر مرورا سريعا على انواعه وكذلك اسبابه ومن هذين السببين سيتيح لنا معرفة الشخصيتين المراد البحث في تكوينهما.

معنى التنمر والتنمر المدرسي..

التنمر هو اظهار عيوب شخص او مجموعة اشخاص او مجتمع والتشهير بها من قبل شخص او مجموعة اشخاص وهو بحد ذاته صفة ذميمة يحملها المتنمر وسلوك سلبي يسلكه للانتقاص من اشخاص او التنكيل بهم.

والتنمر المدرسي يقصد به ايضا سيطرة بعض الطلبة على بقية زملائهم الآخرين، ومحاولة تجريدهم من الكثير من الامتيازات والحريات التي تمنحها لهم البيئة المدرسية.

أشكال التنمر..

وهنا يجب الاشارة إلى أن التنمر بصورة عامة هو اكيد الاعتداء على حقوق اشخاص ومحاولة الانتقاص منهم باشكال مختلفه ومنها :
1. التنمر اللفظي
2. التنمر الجسدي
3. التنمر الاجتماعي
4. التنمر الجنسي
5. التنمر النفسي
6. التنمر الإلكتروني
7. التنمر العِرقي

لو انفتحنا على تعريف مفردات التنمر والتي أجملت بما ورد في اعلاه من اشكال التنمر؛ فإننا سنقف عند اخطر انواع التنمر ألا هو التنمر العرقي، وهذا التنمر يدعو الى ان يكون المتنمر يحمل عقدة الفخر بعرقه سواء كان عشيرته أو بلدته، ويعتقد ان له الحق في تجريد من سواه في امتلاك حق العيش الكريم ضمن المحيط الذي يكون فيه واكيد يذهب بعض المتنمرين الى اسلوب الثقتل او اقصاء الاشخاص المتنمر عليهم وطبعا هذا يحدث بشكل جلي في المدارس بين التلاميذ الذين يمتلكون ذات النزعة العدوانية ،وقد تذهب بهم الامور الى تكوين مجموعات تقوى على مر السنين لكي تكون تلك المجموعات هي الاقوى في المدرسة او خارجها وقد نرى الكثير من الطلاب يتجنبون المساس بهذا الكيان وان اضطروا الى التنازل عن حقوقهم ومن يعترض امرهم قد يكون يومه حافل بعد انتهاء يومه الدراسي وربما يتعرض الى ابشع انواع التنكيل والاعتداء عليه ضربا من قبل تلك الثلة التي ربما تكونت نتجة اهمال المدرسة في متابعتها واستقصاء نشاطها العدائي ضد الطلاب داخل المدرسة او خارجها.

وايضا التنمر اللفظي يؤثر بشكل سلبي على الطلاب داخل كيانهم المدرسيفان العديد من الطلاب يتعرضون الى السب والشتم والتنابز بالالفاض التي لا تتيح لمن في سنهم سماعها ولكنها موجودة في الكثير من المدارس خاصة المدارس الاعدادية والثانوية.

أما التنمر الاجتماعي فإنه يوصف ذاك التنمر الذي يتعرض له الطالب في مدرسته من قبل المتنمرين بأنه إيذاء التلميذ وتركه وحيدا داخل المدرسة وذلك بدفع الآخرين على ترك صحبته مما يتسبب في عزلته، وبالتالي ربما يرغب بالعزوف عن الذهاب الى مدرسته، أو انه يضطر للذهاب الى مدرسته لإرضاء اهله، وربما يوهمهم بالدوام إلا أنه لا يحقق الحضور الفعلي في المدرسة نتيجة ما يواجهه من ضغوط نفسية وعزلة داخل المدرسة.

أما التنمر الجسدي فقد أشرت اليه ضمنا في فقرة التنمر العرقي؛ حيث يتعرض هذا التلميذ الى الضرب من قبل زملائه المتنمرين عليه، وإهانته مما يسبب له أذى نفسي.

والتنمر النفسي هو ما يحدث بين المتنمر والمتنمر عليه من محاربة نفسية من خلال النظرات التي تستهين بكيانه او من خلال الايحاء اليه بضعفه وهذا ايضا يتبع في المدارس بشكل كبير.

التنمر الإلكتروني وهو التنمر الذي يحدث من خلال الرسائل الالكترونية او البصمات الصوتية التي تنكل بهذا الشخص وهو الاسلوب “الرخيص “الحديث الذي استحدث مع استخدامنا للهواتف الذكية وكذلك مشاركتنا في منصات التواصل الاجتماعي، وهنا يجب ان نشير الى خطورة التنمر الكتروني الذي يوصله المتنمر الى الشخص لمتنمر عليهم من خلال منشور في الفيس يشير اليه بطريقة يشعر به الشخص المتنمر؛ هذا النوع يحدث غالبا بين طلاب المدارس الاعدادية وصولا للجامعات.

التنمر الجنسي وهو إيذاء الطالب باستخدام الفاظ بذيئة غير مناسبة تخدش الحياء، ومحاولات التحرش .

ومع تنامي صفة التنمر في المدارس إلا أننا لا نجد طريقة تحد من هذه الصفة الذميمة، واكثر بيئة تكثر فيها هذه الصفة تلك التي تكثر فيها المكونات السكنية المزدحمة لانها تجمع ثقافات متنوعه وتكثر، وربما يتكون البيئة الملائمة لوجود صفة المتنمرين فيها والتي من السهوله نقلها من شوارع تلك الاحياء الى المدارس، ومن ناحية أخرى فإن العدد الكبير من الطلاب في المدارس يجعل من اداراتها غير قادرة على السيطرة عليها او القضاء على صفة التنمر فيها لذا فان الكثير من البلدان العربية تفضل المدارس الاهلية على المدارس الحكومية لتلك الاسباب وكذلك تمنع وقوع ابنائهم ضحية للتنمر، أو ربما تأثرهم بسلوك ثقافات ربما تكون بعيدة عن واقع حال الاسرة التي ترغب بان تخط لأبنائها طريق يمهد لنستقبل اكثرا بعيدا عن الامراض النفسية التي قد تسببها ظواهر ربما يكتسبها الطفل من بيئته الدراسية.

أسـباب التنمر..

1. ممكن ان نجملها بعدد من الاسباب التي قد تكون هي الاساسية في تكوين الشخصية السلبية داخل مجتمع الطلاب في المدارس فإن المتنمر ربما يحمل معه عُقَداً أهَّلته لأن يتمرد على واقعه ويرغب بأن يقنع نفسه أنه الأفضل من أقرانه، فإن الكثير من المتنمرين يعانون في محيطهم العائلي نتيجة كثرة المشاكل في بيوتهم أو ربما نتيجة التعنيف الجسدي أو اللفظي أو الجنسي او العاطفي، وهذا يؤدي الى تكوُّن روح الانتقام لدى هذا الشخص فيحاول رد أفعال البيئة العائلية لكي يعكسها على زملائه بطريقة ترضي ذاته.

2. الغيرة من النجاح او المستوى الاجتماعي هي من الأسباب الرئيسية التي تُحَفِّز الشخص المتنمر لأن يتنمر على شخص آخر ربما يكون مستواه الاجتماعي اعلى منه فيتسبب في ازعاجه والتنكيل به.

3. التكبر والغرور؛ بعض المتنمرين يشعرون بهاتين الصفتين مما يعتقدون أنهم الأفضل، وبالتالي لا يستطيع هذا الشخص أن يضع نفسه إلا موضع المتنمر على زملائه كونه لا يرى إلا نفسه.

4. يشعر بأنه غير ذكي وأن مستواه العلمي أقل من زملائه او انه لا يُقَدِّر ذاته من خلال رؤية نفسه غير جميل غير قادر ماديا كسول؛ لذا فإنه سيلجأ الى الضغط على الطلاب المتميزين ليتنمر عليهم لكي يظهر مواطن قوته كما يعتقد.

5. تكوين بما يطلق عليه (شلَّة) مع زملائه من المتنمرين مما يمنح هذا الشخص قوة ومساندة منهم تتيح له المضي في تنمره على زملائه، فيُحَوِّل ضعفه الى قوة “كاذبة” يستطيع ان يقنع نفسه بها.

إن أخطر ما نخشاه هو ما يتسبب التنمر في خلق مشاكل على الاشخاص الذين يتعرضون للتنمر فقد يؤدي هذا السلوك الى تكوين عقد ومشاكل نفسية وعاطفية وسلوكية على المدى البعيد وربما يتحول الشخص المتنمر عليه الى شخص انطوائي قلق وقد يتحول نتيجة ذلك الى شخص عدائي وربما يتحول الى انسان عنيف، وربما يصل نتيجة انطوائيته وعدم مشاركته الجو العام الاجتماعي الى الانتحار،
والأكثر مؤشراً للسلبية تلك الاحصائيات العالمية التي تشير إلى أن 1 من ثلاثة اولاد يتعرضون يوميا للتنمر، وأن أكثر من 70 بالمئة من الأولاد شهدوا التنمر على الآخرين واكثر من 65 بالمئة من المسؤولين في المدارس شهدوا التنمر على الطلاب من تلاميذهم، وربما تشير الدراسة إلى أن أكثر من 50 بالمئة من حالات التنمر توقفت بعد تدخل ذويهم أو ربما المدرسة في تجنبهم هذا النوع من التصرفات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى