أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

انـتـق جـلاسـك..

ياسـمـيـن عـبدالمحسـن إبراهـيم

صانعة محتوى ، ومدربة في مجال اكتشاف وتنمية الذات

 

انـتـق جـلاسـك..

 

هل سمعت يوما بأن الأفكار مُعدية؟!.
تأمل من حولك الآن ..
مجموعات في العمل، فرق تطوعية أو غيرها، أسر وعائلات، أصدقاء، تأمل كلماتهم، تأمل تلك المصطلحات التي يستخدموها للتعبير عن مشاعرهم أو رغباتهم.

إنتظر..
هل يمكنك أن تنظر إلى نفسك وتسترجع القليل من الماضي ؟، من الذي ساهم في تشكيل تلك الأفكار والكلمات التي تعيشها الآن؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”..
وكلمة دين هنا لا تعني الديانة ولكن تعني الصفة، بديهيا جدا أن يكون الإنسان على شاكلة من حوله، ليس فقط من باب أن الطيور على أشكالها تقع، ولكن أيضا لما في المخالطة والصحبة من سحر، كأنه سلاح ذو حدين.

والأمر غير قاصر على الصغار والناشئة، ولكن له التأثير نفسه، ويمكن أكثر على الناضجين والكبار، تخيل أنت اليوم بحالة نفسية جيدة، وكان حظك أن تقابل أشخاص منطفئين نفسيا طوال اليوم، مهما حاولت فقد يصيبك انطفاؤهم ولو قليل، فما بالك لو طالت العشرة معهم.

تخيل أن ترافق حاسداً، أو ناقماً وكثير الشكوى، أو طماعاً وغيرها من الصفات الدميمة، هو صديق جيد بالنسبة لك وتبرر لنفسك أن هذه سيئته الوحيدة، ولكن مع مرور الوقت ستلاحظ أن قلبك أصبح لا ينفر من الحسد، وبدأ استصاغة الشكوى المستمرة، وجعل للاستغلال مبررات مقنعة، هذا ليس أنت إنما الصحبة عزيزي.

تخيل أن ترافق أحدهم وهو حسن الطباع، مهذب الكلمات، يحسن الظن بالآخرين، ستجد نفسك تلقائيا تفعل الشيء نفسه، هذا ليس ضعفاً في الشخصية إنما مرونة الانسان الطيب.

قلب الإنسان كالإسفنجة يمتص ما حوله وهو وحده القادر على اخراج ما به من شر وخير، قد يقاوم الشر وقد يطلق له العنان .. فالإنسان الذي يحمل هذا القلب لا يقدر على العيش وحيدا، ويؤثر فيه جميع من حوله سلبا وإيجابا.
إطرح سؤالاً على من حولك، ما رأيك في اسبانيا؟
ولاحظ الإجابات، ستجد أن أكثر من %50 من الإجابات هي ليست تجارب شخصية وإنما تجارب الاخرين .. هكذا هي الحياة…

أنظر حولك سترى أن الشئ الأكثر تأثيراً في الحياة هم الصحبة .. انتق جلاسك إذا كنت تحب نفسك بصدق، لا تطاوعها، إختر لها الأفضل دوما.
إفعل مع نفسك ما تفعله أو ما ستفعله مع أبنائك .. لن تسمح لإبنك أو ابنتك بمصاحبة شخص فاشل من وجهة نظرك، أو شخص غير محترم، ولن تسمح لهم بأن يكونوا موجودين في أماكن غير مناسبة لهم .. كذلك نفسك.

أنت لست معصوماً من الخطأ، وكونك ناضجاً جسدياً لا يعني أنك كامل فكرياً ونفسياً؛ فالكمال لله وحده.

انتق جُلاسك.
حِبّي نفسك كما هي، لا تسمحي لأحد أن يقلل من جودة حياتك، أو أن يقلل من شأنك، أنت جميلة كلما حافظتي على طبيعتك وسجيتك النقية.

انتق جُلّاسك
لو كانوا ناجحين صدقاُ ما تركوك تغرق.

انتق جلاسك
الصداقة لا تقاس بالمدة، فمرور الأعوام على أرض بور لن يحييها.

أنظر إلى جُلّاسك الآن؛ ما هو تأثيرهم في حياتك ؟، أين وصلت بهم؟، وكيف كنت ؟ وكيف أصبحت؟.
أنت لست عربة قطار، يدخلون ويخرجون بحجة أن هذه سنة الحياة، كل نبي ورسول كان له صحبة تُعينه على مشاق الحياة.

انتق جُلّاسك..
رجل الأعمال الناجح صاحب الأثر لن تجده في ملهى ليلي، والصديق الصادق مودته سترى أثره في كل زوايا حياتك..
خلقنا لنعمر الأرض بالعلم والعمل والإحسان ولن يحدث هذا طالما حياتك مليئة بأناس فارغة قلوبهم.

قف مع نفسك بجدّية، أعد ترتيبات الأشخاص، لا تقل لن انتظر شيئاً من أحد، فالله قد خلقنا شعوباً وقبائل لنتعارف ونتَّحد، معا نقف ونعلو ومتفرقين ننهزم ونسقط.

إن كان في قلبك غصة، أو تعاني من خذلان أو تشعر بالحزن؛ ربما هذه ليست أفضل أيامك، ربما تمر بظروف صعبة، ربما لا تنام جيدا، ربما وربما..
والأكيد بين ذلك أنك لم تنتق جُلّاسك حتى الآن !.
أنت تستحق صحبة منتقاة.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى