أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

فن الدبلوماسية .. مفاهيم البروتوكول والإتيكيت..

الدكتور/ سعـدون بن حسين الحمداني

 دبلوماسي سابق ، عضو جمعية الصحفيين العمانية

 

فن الدبلوماسية .. مفاهيم البروتوكول والإتيكيت..

 

كثيراً ما يستفسر المواطنون من مختلف شرائح المجتمع وبمناصب مختلفة عن الفرق بين البروتوكول وفن الإتيكيت ، وهل فن الإتيكيت يختصر فقط على الأكل أم له مجالات واستخدامات أخرى وهل ممكن أن نقول بأن هذا الشخص عنده برتوكول أو نقول عنده إتيكيت ؟ وكثيراً من الاستفسارات الأخرى التي طلبوا مني الإجابة عليها ولو بمقال مختصر عن الفروقات بين الإثنين.

مقال اليوم سوف أتطرق ولو بشكل مقتضب عن الفروقات بين البروتوكول والإتيكيت وما له من أهمية كبيرة في حياتنا اليومية والذي يعكس كاريزما الشخص ومرآة للأخلاق الكريمة وفضلٌ كبير في سمو الشخص ورفعته وثقافته بالمجتمع.

يُعَرَّف الإتيكيت بأنه فن الذوق واللباقة والمظهر والسلوك الفردي والأخلاق الراقية الأصيلة بالمجتمع والتعامل بهذه العناصر مع الآخرين وأن من مقومات وحجر الأساس لهذا الفن هو احترام المقابل والتعامل معه بأفضل ما يكون من تواضع ومحبة وإبداء المساعدة لمن يريد والتمسك بالعادات والأخلاق الاسلامية الحميدة تجاه الجميع وهذا ما يفرضه علينا ديننا الحنيف والسيرة النبوية الشريفة.

الإتيكيت هو مصطلح فرنسي يعني فن التعامل الفردي والشخصي مع الآخرين ، ويختلف بالشكليات وليس بالمفاهيم من بلد إلى بلد و يعتبر من السلوكيات الإنسانية التي يجب على المرء أن يضعها في اعتباره أينما ذهب وأصبح للإتيكيت أسس وقواعد معروفة يعمل بها في المجتمعات المتحضرة.

فن الإتيكيت من أهم عناصر الحياة المَدنية في عصرنا الحديث وتتبارى المدارس الدبلوماسية على اختلاف تصنيفها منها بوضع اللمسات الجميلة والهادئة والمميزة بفن الإتيكيت سواء للرجل أم المرأة ، هناك مدارس متخصصة في:  إتيكيت الدعوات العامة الرسمية أو الاجتماعية والمآدب الملكية لكبار الشخصيات وأنواعها سواء النهارية منها أم الليلية ، إتيكيت العطور والزهور والهدايا، إتيكيت (الاعتذار والعتاب والمصارحة) ، إتيكيت التحية والمصافحة والمسافات الشخصية اثناء ذلك، إتيكيت التعارف والكارت الشخصي، إتيكيت الانتقاد والنقد الذاتي، إتيكيت ألوان الملابس وأنواعها ومناسبتها، إتيكيت سلوك المرأة بمختلف المجالات ، لباقة الكلام ، لغة الجسد، الإتيكيت الوظيفي ، أنواع الدعوات وأوقات الانصراف والحضور في المناسبات الرسمية والاجتماعية ،إتيكيت الحديث وفن الانصات ، إتيكيت الاجتماعات واستخدام الهاتف، إتيكيت الأكل في المطاعم والأماكن العامة، إتيكيت الحياة الزوجية، إتيكيت التعامل مع كبار الشخصيات، إتيكيت التعامل مع كبار السن ومع ذوي الاحتياجات الخاصة، وغيرها من مجالات الحياة المتشبعة وهذا الفن لا يمكن تغطيته بمقال واحد لكونه يدخل في أدق تفاصيل الحياة الرسمية والاجتماعية الشخصية.

 أما فن البروتوكول : فهو مجموعة من القواعد أو التوجيهات التي تصدر من جهة عليا وصولا لتحقيق هدف معين في أغلب الأحيان شفهية أو مكتوبة مستنداً الى الاتفاقيات  المتفق عليها بين الطرفين، والتقيد بها لأنها مبينة على أسس علمية وعملية في نفس الوقت وهذا يعكس السلوك السليم اتجاه البروتوكول المتفق عليه بين الجانبين “هذا ما يخص الاتفاقيات ، الاستقبالات ، الزيارات ، المباحثات” وغيرها ، أما البروتوكول في الحفلات والعشاء الرسمي بمستوى كبار الشخصيات فيقصد بيه ارتداء الزي الرسمي لكبار الشخصيات بمختلف المناصب  وأغلب الأحيان يكتب في بطاقة الدعوة نوع الملابس وحتى اللون ، إن كان حفل عشاء يكتب فالبرتوكول يسمح بحمل الاوسمة والنياشين لذلك دائما يعمم على البرتوكول بانه عمومي ويحسب له على  أنه يتعلق بالإجراءات والتنظيم وعلى أن يكون الشخص في أعلى درجات  الدقة والتهذيب واللطف والمعرفة الكاملة بقيمة الوقت في الحضور والانصراف وخاصة أن يكون ضمن جدول مستواه الوظيفي فلا يمكن لرئيس قسم ان يحضر متأخرًا بعد حضور المدراء العموم أو وكيل الوزير وصعدواً وكذلك بالنسبة الى السلك الدبلوماسي فلا يمكن أطلاقاً أن يدخل المحلق الدبلوماسي أو السكرتير الثاني بعد السفير أو راعي الحفل لذلك بروتوكولياً أن تحضر الدرجات الدنيا قبل كبار الشخصيات وصعودا وعليه فأن البرتوكول يقتضي الالتزام بنظام الأسبقية في الحضور والتقيد ببرتوكول مكان الجلوس ، ومراعاة الترتيب الزمني (حسب الأقدمية) للدبلوماسيين عند تنظيمهم في حفل استقبال أو توديع السفير أو العيد الوطني لدولتهم.

وهذه لإجراءات كلها من اختصاص دائرة المراسم في وزاره الخارجية أو الديوان الملكي أو الرئاسي أو السلطاني أو ما يخص هرم الدولة وتختلف الجهة التي تهتم بتطبيق قواعد البروتوكول حسب كل دولة ولكن تشترك في برنامج الزيارة للوفود الرسمية الزائرة من حيث التنظيم والاعداد ، ويشمل ذلك الرؤساء والشخصيات رفيعة المستوى.

البروتوكول بصورة دقيقة ينظم سلوك الآخرين ضمن اتفاقيات ومقابلة بالمثل مكتوبة ومدونة ومتفق عليها؛ على عكس الإتيكيت الذي ينظم سلوك الشخص أمام الاخرين وكما قلت سابقاً هما توأم في كل التعاملات والحضور الرسمي أو الشخصي والإتيكيت يميل الى الخصوصيات وهو شي اختياري عليه إظهار السلوك الحسن المَهذب بين جميع الأفراد وكذلك هو القواعد غير المكتوبة وهو أقرب الى حس وذوق وثقافة وبيئة الفرد بما يجعله يتصرف لائقاً في الأنشطة العامة والخاصة بينما البرتوكول يميل الى الرسميات وهو إلزامي تفرضه أصول التعامل بين الدول وممثليها وسفرائها في السلك الدبلوماسي حسب اتفاقية فيينا عام 1961وبعدها ينطبق على مستوى نظام الدولة في المؤتمرات والأنشطة الرسمية لهيكل الدولة لأنه يمثل قواعد المعاملات بين مختلف شرائح المجتمع وجهد كبير يستهدف التوفيق بين أركانها للوصول الى أفضل النتائج وهي بالحقيقة تمثل سمة نجاح أو فشل المؤسسة أو من يمثلها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى