أصداء وآراء

خمـس سـنـوات عـلى اسـتـشـهاد مفـجـر انتـفاضة السـكاكـيـن مهـنـد الحلـبـي..

الكاتب/ نَـوّاف الـزَّرو

باحث خبير في الصراع العربي الإسرائيلي

Nzaro22@hotmail.com

 

خمـس سـنـوات عـلى اسـتـشـهاد مفـجـر انتـفاضة السـكاكـيـن مهـنـد الحلـبـي..

جيل الشباب الفلسطيني الجديد عصي على الكسر ويرعب الاحتلال..

تصادف اليوم السبت الثالث من تشرين اول/اكتوبر الذكرى الخامسة لاستشهاد البطل مهند الحلبي الذي يعتبر مفجر انتفاضة القدس-السكاكين ضد الاحتلال في القدس وفي انحاء الضفة الغربية، ففي مثل هذا اليوم من عام 2015 ودع الشهيد مهند الحلبي عائلته وأسرته، متجهًا إلى مدينة القدس المحتلة ووصل إلى باب الاسباط بالبلدة القديمة، وما أن رأى مهند جنود الاحتلال الإسرائيلي المدججين بالسلاح يذلون الفلسطينيين ويهينون كبار السن حتى انتفض صارخًا “الله أكبر” وتمكن من طعن جندي والاستيلاء على سلاحه وفي تلك اللحظة فتح مهند النار على الجنود المتواجدين في المكان ليقتل منهم اثنين ويصيب 3 بجراح متفاوتة قبل أن يتمكن جنود الاحتلال من اصابة مهند بعشرات الطلقات النارية.

وقد أسست هذه العملية البطولية التي نفذها الشهيد مهند الحلبي لمرحلة جديدة وهي انتفاضة القدس والتي عرفت ايضًا بانتفاضة السكاكين، وانطلقت العمليات البطولية في كل مكان في الضفة والقدس المحتلتين، حيث تمكن منفذي العمليات البطولية من قتل عدد كبير من جنود ومستوطني الاحتلال الإسرائيلي، وقد فشل العدو الصهيوني في رهانه على تدجين جيل ما بعد اتفاق أوسلو، ودفعه إلى نسيان قضيته ووطنه ومقدساته، ويعتبر هذا الجيل …جيل مهند الحلبي وأبناء جبارين في سجل النضال الفلسطيني، عصي على الإنكسار والنسيان، وقد فتحت  هذه العملية البطولية للحلبي الباب أمام عشرات الشبان الثائرين لتنفيذ عمليات في القدس والضفة الغربية.

لذلك نقول – إستنادا الى الوقائع والشهادات – ببساطة وبمنتهى الوضوح : إن جيل الانتفاضة الجديد يرعب الاحتلال، وان شهداء وجرحى ومعتقلي الانتفاضة اليوم، أيقظوا القضية من سباتها العابر، بل انهم أعادوا القضية والاقصى الى قمة الاجندات  مرة اخرى، في مواجهة وعد-اعتراف ترامب البلفوري ب”القدس عاصمة لاسرائيل”، فبرغم كل الضغوطات والحصارات والاجراءات  التي فرضها ويفرضها ويصعدها الاحتلال يوميا ضد اهلنا في الوطن المحتل، وفي القدس على نحو خاص منه، الا انهم نجحوا في اجتياز واجتياح كافة الحواجز والاجراءات الاحتلالية، ليكرسوا هواجس الانتفاضة وليأكدوا ان نفس الانتفاضات الكبرى الاولى والثانية، وكذلك نفس انتفاضة القدس التي انطلقت عام 2015 ومرت بانتفاضة القدس في وجه البوابات الالكترونية وازالتها، حاضر ومستمر، وان روحية المقاومة الشبابية لم تهدأ ولم  تنطفىء، بل انها في كل مرة تعود بقوة لتعيد الى المشهد جذوة الرفض والمقاومة لكل الاوضاع السائدة في فلسطين، وكل المؤشرات تتحدث عن جيل جديد من الشباب الفلسطيني الجرىء الذي لا يهاب التصدي والاستشهاد في مواجهة قوات ومستعمري الاحتلال. وفي هذا البعد نقتبس شهادة مجلة “إسرائيل ديفينس” العسكرية الاسرائيلية التي اعترفت قائلة : “أجهزة الأمن الإسرائيلية تواجه ورطة كبيرة، بالنظر إلى أن الهجمات التي ينفذها الفلسطينيون في الوقت الراهن تختلف كثيرا عن سابقاتها في السنوات الماضية، حيث تتمييز بروح تضيحة عالية غير مسبوقة”.

ولعلنا في هذا السياق نتوقف امام الدور الشبابي في مجريات الاحداث، فهناك زخم هائل من التقارير والمعطيات التي تتحدث عنهم وعن بطولاتهم وروحيتهم الاستشهادية، فالذي يحمل سكينه ويتوجه للجنود او المستوطنين المسلحين  ليهاجمهم وليطعنهم، فانه يعرف مسبقا انه متوجه للموت حتما، فيحمل روحه على كفه بمنتهى الجرأة والاقدام، وفي ذلك جاء في تقرير فلسطيني:” ولدوا من رحم انتفاضة الأقصى، وقد تسموا بأسماء شهداء الانتفاضة تيمناً ببطولاتهم وتضحياتهم، ترعرعوا على أنموذجين في الساحة الفلسطينية؛ أنموذج قهر المحتل وإجرامه منقطع النظير، وأنموذج البطولة والتضحية الذي يرفع الهمم ويؤجج نار الثأر والثورة في صدورهم. الشاعر قتيبة عبد الرحمن يؤكد بأن هذا الجيل لم يرَ الذل، ولم يعرف المحنة ولم تقهره السجون ، فقلبه قوي وجنانه شديد لم ينكسر، واثق معتد بنفسه، ثابت راسخ القلب، جيل فتح عينيه بعد الحلم على حروب الاحتلال العدوانية على الشعب الفلسطيني وعلى المعارك اليومية، ويؤكد بأن هذا الجيل هو من يصنع الثورة والانتفاضة، وهو جيل النخبة في غزة، وهو جيل الطعن في القدس والضفة، جيل لا يعرف الحسابات، ولا يتردد”.

وإسرائيلياً، هناك العديد من الشهادات الموثقة التي تؤكد دور جيل الانتفاضة في قلب الحسابات الاسرائيلية رأسا على عقب، فكشفت مجلة “إسرائيل ديفينس” العسكرية العبرية عن مفاجأة مفادها “أجهزة الأمن الإسرائيلية تواجه ورطة كبيرة، بالنظر إلى أن الهجمات التي ينفذها الفلسطينيون في الوقت الراهن تختلف كثيرا عن سابقاتها في السنوات الماضية، حيث تتمييز بروح تضيحة عالية غير مسبوقة”، وأضافت المجلة في تقرير لها “أن جهاز الأمن الإسرائيلي العام “الشاباك” أصدر تقريرا حول العمليات الفلسطينية أظهر أن منفذي هذه العمليات “نوعية جديدة من الشباب الفلسطينيين غير المنتمين لحركات فلسطينية مسلحة، ويتمتعون بروح تضحية عالية”.

وكانت الكاتبة الإسرائيلية عميره هاس قالت : “إن المواجهات المتصاعدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية تعكس فقدان الأمل لدى الأجيال الفلسطينية الجديدة, بسبب ممارسات إسرائيل وفشل السلطة الفلسطينية”، وأضافت الكاتبة في مقال نشرته بصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن المواجهات المستمرة في الأراضي الفلسطينية، يقف خلفها جيل جديد من الفتيان والشبان الفلسطينيين, الذين فقدوا كل أمل في اتفاق أوسلو”، وتابعت : “هذا الجيل الجديد من الفتيان والشبان الفلسطينيين يواجهون يومياً حواجز الجيش الإسرائيلي المنتشر داخل القدس وخارجها، بدل أن تتوفر لديهم أماكن عمل. واستطردت ” الفلسطينيون يواجهون يوميا أيضا الجدار العازل في الضفة الغربية، بدل أن تتاح أمامهم حرية الحركة والتنقل، والحصول على الأمل في مستقبل أفضل”.

وتحت عنوان “جيل لا يخافنا” قال نوعم أمير في معاريف 11/12/2015 : “منذ بدأت موجة الإرهاب – أي العمليات الفدائية – الحالية يعمل جهاز الأمن في تضافر بالقوى لإحباط العمليات، في الأيام والليالي تعتقل القوات المطلوبين، تجمع المعلومات الاستخبارية وتصادر مواد تحريضية، منذ بدأت موجة الإرهاب اعتقل نحو ألف مطلوب، معظمهم مخلون بالنظام بالعنف. الاعتقالات، كما يقولون في جهاز الأمن، هي أحد العوامل الاساس في أن موجة الارهاب لا تنجر إلى انتفاضة مثلما كان في العام 2000، ويعرب قائد اللواء العسكري في منطقة قلقيلية عن تشاؤمه قائلاً : “تربى هنا جيل لا يتذكر السور الواقي ولا يخاف”.

وخلاصة القول عن الشباب والفتيات الفلسطينيين والفلسطينيات : اإن الفكرة الأهم في هذه الإنتفاضة، أنها كسرت فكرة أن هنالك جيل فلسطيني يهزم، لأن الإسرائيلي منذ العام 1948 راهن على كسر إرادة الأجيال الفلسطينية، وفي كل مرة كان هنالك جيل يفاجئه ويطلق ثورة من نوع خاص، ترسّخ بقاء المقاومة في البيئة الفلسطينية وتحبالإسرائيليين…الإسرائيليون راهنوا على أن الجيل الفلسطيني الجديد هو جيل “أوسلو” لأنه في الضفة الغربية عاش في ظل وجود “دايتون” ، لكن العدو الإسرائيلي فوجئ بأن هذا الجيل يقاوم بكل ما أتيح له من قوة، ولا ينتظر أن يمتلك أدوات مميزة ليقاوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى