أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

ناقوس الخطر (4) .. مشكلتنا ليست في كمية الطرق..

عـلـي بن ناصـر الحـضـرمي

 

ناقوس الخطر (4) .. مشكلتنا ليست في كمية الطرق..

 

إن المتابع لأحوال العالم ليسمع ويشاهد التطور الهائل الذي تشهده معظم دول العالم وفي جميع القطاعات، وسلطنة عُمان جزء لا يتجزأ من الكرة الأرضية، تتأثر بما حولها وتؤثر بشكل ملاحظ أو غير ملاحظ ، ولكن التأثير موجود.

وانطلاقا من تأثرنا بمن حولنا ؛ فإننا يجب أن نراجع خططنا وبرامجنا بين حين وآخر ، وليس خطاً أن نعدّل فيها بما يتواءم ومتطلبات العصر بل هذا هو عين الصواب.

ومن ضمن الخطط التي يجب أن تكون نصب أعيننا ؛ تنوع المواصلات لمواكبة التطور الهائل في عالم النقل ، فالمسألة ليست بناء شبكات طرق لا تمر عليها بضع سنوات إلا ويتم إضافة حارة أو حارتين عليها أو أحيانا تكسيرها لبناء الجسور وتوسعة الطريق ، وسلطنة عُمان من الدول التي تمتلك أفضل شبكات الطرق وتراعي في بنائها كل وسائل السلامة ، والخدمات الأساسية ، كما أنها ليست من الدول ذات التعداد السكاني الكبير ، أو التكتلات السكانية الضخمة نظرا لقلة المساحة ؛ إنما هي بلد مترامي الأطراف ، متنوع التضاريس وقليل السكان ، وحسب هذه المعادلة البسيطة تبدو بأنها خالية من الازدحام المروري ، إلا أن الواقع مغاير تماما ، وخاصة في المدن الكبيرة كمسقط وصلالة ، وصحار وصور ، ونزوى ، فما أسباب هذا الازدحام خاصة في ساعات الذروة ؟! ، وفي محافظة مسقط يمتد الازدحام حتى داخل قراها ومدنها ، فضلا عن شوارعها الرئيسة التي تكتظ بالسيارات ، وكأن عدد سكان المحافظة يتجاوز العشرة ملايين نسمة.

وإذا نظرنا إلى مشكلة الازدحام المروري في سلطنة عمان عامة ومحافظة مسقط خاصة نجد من أسبابها مايلي :

أولاً : سوء التخطيط ؛ حيث توجد المجمعات التجارية في وسط الأحياء السكنية بل وتحيط بالمخططات السكنية وكأنها طوق خانق ، مما يسبب ازدحاما شديدا معظم أوقات النهار ، وحتى وقت إغلاقها ليلا.

ثانياً : عدم وجود المخارج والمداخل المؤهلة والكافية للوصول إلى المجمعات والأسواق التجارية والخروج منها.

ثالثاً : عدم وجود بدائل كـ”الترام” والمترو والقطارات ، وحتى حافلات النقل لا تصل إلى داخل الأحياء السكنية ، وقلة خدمة سيارات الأجرة تحت الطلب وكذلك المتواجدة على الطريق.

رابعاً : عدم وجود مخارج ومداخل كافية في الشوارع الرئيسة خاصة الطريق الدائري أو ما يطلق عليه (الطريق السريع) ، وهو في الحقيقة بطيء ، وقد تستمر لعدة كيلومترات حتى تجد مخرجا يخرجك من أزمة التكدس المروري.

وللخروج من أزمة المرور التي يعاني منها الجميع لا بد من وجود البدائل الآتية :

أولاً : التسريع في بناء قطارات تحت الأرض (Under ground) وعلى سطح الأرض ، واعتماد وسيلة “الترام” لدخول بعض الأماكن التي تكتظ بالسكان والسيارات ؛ كسوق السيب وسوق الخوض وسوق نزوى وغيرها من الأسواق ، والأماكن التي تعاني من الازدحام المروري لتنظيم الحركة ، والمحافظة على البيئة من التلوث ، وتقليل الحوادث ، ويمكن التفكير أيضا في النقل الجوي وعربات النقل الطائرة (الأجرة الطائرة).

ثانياً : توفير وسائل نقل مريحة (حافلات) لنقل الموظفين من أماكن محددة إلى جهات عملهم ، وهذا المشروع قد تتبناه الحكومة عن طريق الوزارات والهيئات والشركات التابعة لها ؛ حيث تنقل كل جهة موظفيها من أماكن محددة إلى جهة عملهم والعكس أو بالتعاون فيما بينها خاصة الواقعة في حدود مكاني معين ، كما يمكن للقطاع الخاص الاستفادة من ذلك والإسهام في توفير هذه الخدمة مقابل مبالغ مناسبة ، يمكن وضع ضوابط لتنفيذها ، وآلية معينة لتكون في متناول الجميع.

ثالثاً : اعتماد العمل عن بُعد لبعض الأعمال التي يمكن للموظف تنفيذها وهو في بيته أو في أي مكان وفق ضوابط معينة ، والاستفادة من تجربة جائحة كرونا في تنفيذ ذلك.

رابعاً : إيجاد نظام الدوام المرن الذي تنتهجه بعض الشركات ، وبدأت بعض الجهات الحكومية في تطبيقه ، ولكنه يحتاج إلى دعاية كبيرة ، وتوعية الأفراد والمؤسسات لتبني هذا النظام بما لا يخل بالعمل والإنتاجية.

وتبقى الحلول كثيرة وواسعة ؛ فليست المشكلة في شوارعنا فقط ولكن هي ثقافة يجب أن تغرس في المجتمع ، وحلول يجب أن ترى النور ؛ لنحافظ على بيئتنا من التلوث ، وعلى أرواحنا من الهلاك فكم حصدت الحوادث المرورية من أبرياء راحوا ضحية الإهمال ، وعدم توفر بدائل توصلهم آمنين إلى مبتغاهم وهدفهم.

نسأل الله السلامة للجميع ، وأن نرى عُمان في تطور مضطرد ، وعمران منظم ومنفرد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى