فـن الدبلـوماسية ومفهـوم كاريـزما القـيادة..
الدكتـور/ سعـدون بن حسيـن الحمـداني
دبلوماسي سابق – عضو جمعية الصحفيين العمانية
فـن الدبلـوماسية ومفهـوم كاريـزما القـيادة..
يستند مفهوم كاريزما القيادة كثيراً على فن الدبلوماسية بمختلف فروعها ومدارسها ولا يمكن بأي حال من الاحوال فصل مفهوم كاريزما القيادة عن فن الدبلوماسية لكون شخصية القائد تعتمد كثيراً على فروع وتفرعات الدبلوماسية ؛ مثال الشجرة وجذرها فاذا كان الجذر قوي ومتجذر في الارض فان الشجرة تنمو وتثمر وتكون نظرة من أوراق خضراء جميلة وأثمار ناضجة تسر الناظرين هذا هو نواة الحياة العصرية المدنية الحديثة (الدبلوماسية وكاريزما القيادة) التي يركز عليها علم الأجتماع في نظرياته ؛ وهما صفتان متلازمتان وتعتبر من المقومات المتكاملة للشخصية التي تريد أن تظهر بكل أحترام وتقدير وتنال رضا المقابل على المستوى الرسمي لكبار الشخصيات أو على المستوى العائلي الاجتماعي ، فكثير من رؤساء الجمهوريات المنتخبين وهم على رأس هرم القيادة يفتقدون إلى أبسط معالم إتيكيت وكاريزما القيادة في التعامل الفردي ، وإن كان قائدًا ناجحاً في أفكاره وأطروحاته ؛ لذلك فإن نواة الحياة مهمة لجميع شرائح المجتمع ومنهم كبار الشخصيات وكذلك السلك الدبلوماسي.
تتفاخر المدارس الدبلوماسية وتتبارى على مختلف مسمياتها وجنسياتها وأماكنها لتضع وتربط هذه العناصر مع بعضها (الدبلوماسية وكاريزما القيادة) كأنها تاج وروح الحياة اليومية ، سواء عن طريق نظرية الاكتساب أم عن طريق نظرية التعلم ويخضع الكادر الدبلوماسي الغربي على وجه الخصوص بدورات وورش مكثفة في هذا العنصر الجوهري لكي يعكس السمعة والصورة الجميلة والعصرية لبلده.
إن نواة الحياة اليومية (الدبلوماسية وكاريزما القيادة) ليس حصرياً على الملوك والسلاطين والرؤساء وكبار الشخصيات ، حيث ركز العالم “فرويد” في نظريات علم النفس على العائلة وهي أصغر نواة للمجتمع ، لذلك على الأب أو الأم أن يتحليا ويتسلحا بهذه الجوانب الحيوية من نواة الحياة، فعلى سبيل المثال الأب وهو رب الأسرة عليه أن يكون القدوة في التصرف وقيادة العائلة بأعلى درجات التضحية والمثابرة ؛ لأن أبناءه ينظرون إليه كقدوة في كل شيء ، وكذلك تصرفاته وسلوكه في الأكل والكلام والمحادثة كلها تعكس شخصية الوالد القائد في العائلة ، وبدعم مستمر من القائد الرديف وهي الزوجة الحنونة المربية التي تسهر وتضحي من أجل سمو العائلة ؛ لذلك بدأ علم الاجتماع وعلم النفس يركزان كثيراً على قيادة الأسرة بالاعتماد على نواة الحياة (الدبلوماسية وكاريزما القيادة) بإيجابية ؛ لغرض بناء مجتمع متكامل ناضج.
الـقيادة : تُعرّف بأنها الـقـدرة عـلى إقناع الآخـريـن لتأدية أعمال معينة للوصول إلى الهدف المنشود ، وتحقيق أفضل النتائج الإيجابية وبأقل الخسائر إن وجدت بشكل اختياري أو الامتناع عن سلوك معين، ويُعد مفهوم القيادة من المفاهيم الإدارية في القيادة المركزية التي تأتي من قدرة القادة للوصول إلى أهدافهم الاستراتيجية بمواقيت زمنية محددة وخطط أكاديمية مدروسة على إحصائيات متوفرة.
على القائد أن يتسلح بمفهوم (الدبلوماسية وكاريزما القيادة) وأهم مفرداتها هي : الشعور بأهمية الرسالة الإنسانية التي يريد تأديتها ، وأن يؤمن بقدرته على القيادة ، وأن يتحلى بالشخصية القوية ، وأن يحب عمله كقائد ، وأن يكون له القدرة على مواجهة الحقائق القاسية بشجاعة وإقدام ورحابة صدر ، وأن لا يكون دكتاتورياً أو أنانياً ، وأن يبتعد عن القبلية والتطرف الديني ، وأن يكون ناضجاً وصاحب آراء مميزة ، وأن يكون صاحب حكمة للتمييز بين المهم والأهم ، وأن يتحلّى بالطاقة والنشاط والحماس والحيوية والرغبة في العمل والمبادرة ، وأن يكون لديه الحزم والثقة في اتخاذ القرارات المستعجلة ، والاستعداد الدائم للعمل ، وأن يكون مستمعاً جيداً ، ومحاوراً ذكياً وماهراً في الوقت نفسه ، وأن يكون مثقفاً ويطور نفسه بالقراءة والاطلاع يومياُ على ما هو جديد في مختلف المجالات ، وعلى القائد الناجح أن يضع العامل الإنساني فوق كل الاعتبارات لأن القوانين التي شرعت هي في الأصل لخدمة البشر وهذه القوانين هي مجرد تنظيم للعمل وليس صك غفران لا يمكن تغييرها.
الجدير بالذكر ، أن كل ما تقدم ذكره هو جزء بسيط في موضوع القيادة التي هي أحد أعمدة تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تعتمد اعتماداً كلياً على المعلومات الواردة في أجندته لأن بدونها تعتبر القيادة ناقصة المعالم ، وغير مكتملة الصورة ، ويصبح القائد والشخص المعني محل استهجان في محيط عمله ، بسبب سلوكه وتصرفاته الأنانية التي لا تحمل أي بصمات مميزة ومدروسة وهذا ما سوف نتطرق إليه في المقال القادم إن شاء الله تعالى ؛ لأن القائد الناجح أو الدبلوماسي الناجح أو حتى رب الاسرة إن لم يتسلح بفن الإدارة والقيادة والمشورة واحترام الرأي الآخر والاطلاع على كافة المعلومات الأساسية والجانبية يبقى ناقصاً في تطبيق كاريزما القيادة ، وكأنه جندي مقاتل بلا عتاد في ساحة المعركة.