عُـمانمحليات

الرقمنة والابتكار.. نمو مستدام في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

أصـــداء /العُمانية

تشهد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عُمان تحولات متسارعة في مجال الرقمنة والابتكار؛ حيث يُعد دمج التقنيات الرقمية مع النهج الابتكاري عاملًا حاسمًا في تمكين هذه المؤسسات من تحقيق نمو مستدام وتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والعالمية.

وتُوفر التقنيات الرقمية أدوات قوية لتحسين الكفاءة التشغيلية، وتوسيع قاعدة العملاء، وتسريع الابتكار في تقديم المنتجات والخدمات، كما تسهم في تبنّي التفكير الابتكاري في تطوير نماذج أعمال مرنة، واستكشاف أسواق جديدة، وتلبية احتياجات العملاء المتغيرة بطرق أكثر فاعلية؛ لذا تُعد الرقمنة والابتكار استراتيجية ضرورية تُمكِّن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من مواكبة التغيرات ومساعدتها على النمو، والتوسع، والمنافسة في بيئة اقتصادية سريعة التغير.

وقال سعيد بن جمعة الصلتي استشاري تحول رقمي لوكالة الأنباء العُمانية: إن الرقمنة والابتكار من العوامل الأساسية التي تسهم في تعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما في ظل تسارع التحول التقني الذي نشهده في مختلف القطاعات، مشيرًا إلى أن الرقمنة ليست مجرد تبنٍّ للتقنية، بل هي تحول شامل لتحسين العمليات، وتوسيع الأسواق، وتحقيق الابتكار المستمر الذي يسهم في تمكين هذه المؤسسات من التكيّف والنمو في بيئة الأعمال المتغيرة، وأحد المفاتيح الأساسية لفتح أسواق جديدة أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من خلال اعتماد التقنيات الحديثة مثل التجارة الإلكترونية والحلول الرقمية.

وأضاف الصلتي أنه يمكن لهذه المؤسسات توسيع نطاق أعمالها والوصول إلى أسواق محلية ودولية دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية الأساسية التقليدية، لافتًا إلى أن الرقمنة توفر القدرة على الوصول إلى العملاء بسرعة وسهولة، ما يفتح أمام هذه المؤسسات فرصًا جديدة للنمو والتوسع.

وأشار إلى أن الابتكارات الرقمية تسهم في تحسين الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف، وهو أمر بالغ الأهمية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تسعى للتميز في سوق تنافسي من خلال استخدام تقنيات منها الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، ويمكن لهذه المؤسسات تحسين عملياتها الداخلية، مما يعزز قدرتها على اتخاذ قرارات أفضل وأسرع، وبذلك يمكن لهذه المؤسسات زيادة قدرتها على المنافسة محليًّا ودوليًّا، وتحقيق التميز في تحسين جودة منتجاتها وخدماتها.

وأوضح أن الرقمنة تتيح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الفرصة لتطوير حلول مبتكرة تلبي احتياجات السوق بشكل أسرع وأكثر مرونة. مؤكدًا أن الابتكار الرقمي لا يعني فقط تحسين المنتجات الحالية، بل يشمل تطوير حلول جديدة تواكب التحولات التقنية السريعة وتستجيب لاحتياجات العملاء المتغيرة، حيث يسهم هذا الابتكار المستمر في تعزيز القدرة على المنافسة من خلال تقديم منتجات وخدمات تواكب المستقبل وتلبي المتطلبات المتجددة للسوق.

وذكر سعيد بن جمعة الصلتي أن الرقمنة تفتح أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فرصًا للتوسع في مجالات جديدة فعلى سبيل المثال، يمكن للمؤسسات أن تطوّر حلولًا قائمة على الذكاء الاصطناعي أو الحوسبة السحابية، مما يسهم في تعزيز تجربة العملاء وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة، لتسمح للمؤسسات بتقديم خدمات مبتكرة ومرنة، مما يعزز قدرتها على التكيف مع احتياجات السوق الحديثة.

وفي السياق ذاته تقول مها بنت محمد الحبسية مدربة ذكاء اصطناعي: إن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة كالحوسبة السحابية، وسلاسل الكتل، وإنترنت الأشياء، أدوات رئيسة وأساسية في تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تحقيق نمو مستدام والتوسع نحو أسواق جديدة.

وأضافت الحبسية أن هذا التوجه لم يعد رفاهية أو خيارًا مستقبليًّا، بل أصبح ضرورة ملحة في بيئة اقتصادية تتطلب المرونة والكفاءة والقدرة على مواكبة التغيرات المتسارعة.

وأوضحت أن العديد من المؤسسات الصغيرة في سلطنة عُمان بدأت في استكشاف هذه التقنيات لتحقيق كفاءة تشغيلية أعلى وتقليل التكاليف التشغيلية.

وذكرت أنه وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة ” RSIS International ” فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع الصناعي العُماني أسهم في تحسين الإنتاجية، وإدارة المخزون، وتوزيع الموارد بشكل أكثر ذكاءً ومرونة، كما أن التوسع الخارجي لم يعد حكرًا على الشركات الكبرى، بل بإمكان مؤسسة صغيرة ناشئة في سلطنة عُمان أن تُصدر منتجاتها إلى أوروبا أو آسيا من خلال المنصات الرقمية.

من جهته قال إسحاق بن هلال الشرياني، متخصص في تدريب وتأهيل رواد الأعمال: رغم الفرص الواعدة التي يحققها التحول الرقمي، إلا أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تواجه تحديات ملموسة في تبني التحول الرقمي، أبرزها محدودية الموارد المالية والتقنية، ونقص الخبرات الرقمية المتخصصة، ومقاومة التغيير داخل بعض الهيئات الإدارية.

وأضاف الشرياني أن الأمن السيبراني وحماية البيانات يشكّل أيضًا عائقًا إضافيًّا أمام الانتقال الكامل إلى الرقمنة، وللتغلب على هذه التحديات، يتعين على المؤسسات تبنّي استراتيجيات شاملة تشمل تدريب الكوادر بشكل مستمر، والاستعانة بالاستشارات الرقمية، وتعزيز التعاون مع شركات التكنولوجيا الناشئة، والاستفادة من المبادرات الحكومية الداعمة لريادة الأعمال، لافتًا إلى أن هذه الخطوات تمكّن المؤسسات من الاستثمار في البنية الأساسية الرقمية وتحقيق أقصى استفادة من التحول الرقمي.

وأكّد أن التحول الرقمي فرصة حقيقية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتعزيز تنافسيتها وابتكارها، بما يرفع مساهمتها في الاقتصاد الوطني ويضعها على مسار مستدام للنمو في عالم الأعمال الحديث.

وبين أن الرقمنة شرط أساسي للبقاء والتطور في بيئة الأعمال المتغيرة بسرعة وفق خطوات تتمثل في تسريع العمليات وزيادة الكفاءة والوصول إلى الأسواق والعملاء بشكل أسرع وأوسع، مع الاستجابة السريعة لتغيرات السوق، مرورًا بالابتكار وتطوير المنتجات والخدمات والحفاظ على المنافسة في عصر التكنولوجيا، مشيرًا إلى أن الرقمنة أداة استمرارية البقاء في السوق، لجعلها المؤسسات أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع أي تغيرات مفاجئة في بيئة الأعمال الحديثة.

من جانبه قال المستشار القانوني مازن بن سالم الزيدي: إن التشريعات القانونية أسهمت في نمو وازدهار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل مباشر، مثل صدور قانون تبسيط التقاضي في بعض المنازعات المحددة، منها المنازعات التجارية المتعلقة بالاستثمار الأجنبي، ومنازعات الإيجار، ومنازعات العمال في القطاع الخاص، ومنازعات المقاولات، والمنازعات المتعلقة بالمحررات المشتملة على إقرار الدين؛ حيث أسهم هذا القانون في تسريع العمل والفصل في القضايا التي قد تنشأ غالبًا عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات ذات الاستثمار الأجنبي.

وأكد أن الدعم الحكومي المتواصل يجسد دور هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصاد الوطني، وتحقيق مستهدفات “رؤية عُمان 2040” في تنويع مصادر الدخل في سلطنة عُمان، مما يسهم في رفع الناتج المحلي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى