
اعتماد مخرجات حلقة حلحلة التحديات التي تواجه ممارسة الأعمال في سلطنة عُمان
أصـــداء /العُمانية
اعتمدت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار مخرجات حلقة “حلحلة ممارسة الأعمال في سلطنة عُمان”، والتي نظمتها الوزارة لمناقشة تحديات تمويل قطاعات التنويع الاقتصادي، بمشاركة عدد من أصحاب المعالي والسعادة وممثلي الجهات الحكومية والخاصة، وخبراء من الجهاز المصرفي والقطاع الاستثماري.
وأوضحت سعادة ابتسام بنت أحمد الفروجية، وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لترويج الاستثمار، أن اللقاء يمثل انتقالًا من مرحلة النقاش إلى التنفيذ العملي، بعد أن تبلورت الأفكار في حلقة العمل التي أقيمت في شهر فبراير الماضي.
وقالت سعادتها في كلمتها إن الوزارة حرصت على إشراك مختلف الجهات الحكومية والخاصة، إيمانًا بأن نجاح بيئة الأعمال يتطلب عملًا تكامليًا بين الأطراف كافة، مشيرة إلى أن اعتماد المخرجات يعكس التزام سلطنة عُمان بتسريع الإصلاحات الاقتصادية وتبسيط الإجراءات، بما يواكب أهداف رؤية عُمان 2040، مشددة على أن النتائج الملموسة ستُقاس من خلال مؤشرات أداء دقيقة وخطط متابعة منهجية.
وكانت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قد نظمت خلال الفترة من 26 يناير الماضي إلى 2 فبراير 2025م، حلقة عمل وطنية لحلحلة التحديات التي تواجه ممارسة الأعمال في سلطنة عُمان بخمسة مرتكزات رئيسية تمثلت في مرتكز الشركات التجارية والاستثمارية والمناطق الحرة، ومرتكز التشغيل، ومرتكز التشريع والقضاء، ومرتكز المناقصات، ومرتكز التمويل والضرائب، حيث حدد لكل مرتكز دواعي التغيير، والجهات المسؤولة، وخطة عمل واضحة، إلى جانب ربطها بأهداف رؤية عُمان 2040.
ففي المرتكز الأول الخاص بالشركات التجارية والاستثمارية والمناطق الحرة قدّمت طاهرة بنت سلطان العامرية، مديرة دائرة تسهيل وتطوير بيئة الأعمال وعضو فريق التحول الرقمي بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، خلال اللقاء عرضًا موسعًا تناولت فيه التحديات التي تواجه رحلة المستثمر، مثل غموض النصوص القانونية في بعض التشريعات، وتعدد الجهات المعنية بالترخيص، وعدم تكامل الأنظمة الإلكترونية، وأكدت على الحاجة إلى منصة موحدة تربط جميع الجهات ذات العلاقة، وتطوير دليل استرشادي للحوافز الاستثمارية، إلى جانب تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتكون جزءًا من المنظومة الاستثمارية، كما أكدت على ضرورة تحديث القوانين المتعلقة بالمناطق الحرة، وتبسيط رحلة تأسيس الشركات، وربطها بالخدمات المصرفية والضريبية بشكل مباشر.
وفي المرتكز الثاني الخاص بالتشغيل استعرض عمار بن سالم السعدي، مدير عام المديرية العامة للعمل بوزارة العمل، جهود الوزارة في مواءمة قانون العمل مع متطلبات السوق، وتسهيل أنظمة التصاريح والتأشيرات، مع تعزيز برامج التعمين، وأكد على أهمية إدخال أنظمة مرنة لتصاريح العمل وفق طبيعة النشاط، وتوفير قاعدة بيانات دقيقة عبر منصة “توطين”، بما يضمن التوازن بين استقطاب الكفاءات الأجنبية وتنمية القدرات الوطنية.
وفي المرتكز الثالث: التشريع والقضاء، أوضح فضيلة القاضي سيف بن عبدالله الحوسني، الأمين العام المساعد لشؤون المحاكم والكاتب بالعدل بالمجلس الأعلى للقضاء، أن تطوير القضاء التجاري المتخصص وتفعيل الوسائل البديلة للتقاضي مثل التحكيم والوساطة أصبحا ضرورة لتسريع البت في القضايا الاستثمارية، كما ركّز على مشروع المحاكمات الإلكترونية المرئية، وتطوير منظومة التنفيذ القضائي بما يضمن وصول الحقوق لأصحابها بسرعة وكفاءة.
وفي المرتكز الرابع الخاص بالمناقصات، أوضح المهندس سعيد بن حمد العامري، مدير عام المناقصات في هيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي، التحديات الرئيسية التي تعترض عملية طرح المناقصات، خاصة ما يتعلق بالجداول الزمنية وضمانات العطاءات وضمانات حسن التنفيذ، كما شدّد على ضرورة تحسين آلية صياغة نطاق العمل للمشاريع وأتمتة الإجراءات والتصاريح المرتبطة بها، مما يسهم في تقليل الحاجة إلى إعادة الطرح ويحد من التأخير، ويعزز في النهاية مشاركة الشركات المحلية ويزيد من نسبة المحتوى المحلي.
وفي المرتكز الخامس الخاص بالتمويل والضرائب، استعرض رشاد بن علي المسافر، مؤسس شركة الآفاق المالية (بيت خبرة)، خلال حلقة العمل دراسة متخصصة حول واقع تمويل قطاع الأعمال في سلطنة عُمان، كشف فيها عن أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مثل ارتفاع الفوائد البنكية، اشتراط الضمانات الكبيرة، ومحدودية التمويل طويل الأجل، وأوصت الدراسة باستحداث برامج ضمان ائتمان وتوفير سيولة مالية ميسرة للقطاعات الإنتاجية.
وحول دور الجهاز المصرفي، قدّم الدكتور يوسف بن حمد البلوشي، الخبير الاقتصادي ومؤسس البوابة الذكية للاستثمار، عرضًا بعنوان “الجهاز المصرفي ودوره في التحولات الاقتصادية”، أكد فيه أن التمويل يمثل التحدي الأكبر لممارسة الأعمال، داعيًا إلى إنشاء مؤسسة وطنية لضمان القروض، وتوسيع البدائل التمويلية، واستقطاب البنوك الاستثمارية الدولية، وتطوير حلول رقمية تقلل من فجوات التمويل.
وتحدث المهندس سعيد بن خليفة الحاتمي، مدير مكتب إدارة البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي بوزارة المالية، عن جهود الحكومة في تنويع أدوات التمويل مثل الصكوك والسندات والصناديق الاستثمارية، وأشار إلى إصدار صكوك سيادية محلية بقيمة 100 مليون ريال عماني في مايو 2025، إلى جانب صكوك شركة تنمية طاقة عُمان بقيمة 750 مليون دولار أمريكي، والتي تجاوزت قيمة الاكتتاب فيها ثلاثة أضعاف حجم الطرح، مؤكدًا أن إطار التمويل السيادي المستدام الذي تبنته وزارة المالية يسهم في جذب المستثمرين المتخصصين في أدوات الدين المستدامة ويعزز مكانة سلطنة عُمان كوجهة للتمويل الأخضر، وأوضح أن موازنة عام 2025 تتوقع ارتفاع الإيرادات غير النفطية إلى نحو 3.57 مليار ريال عماني، بزيادة تقارب 5 بالمائة عن العام السابق، وهو ما يعكس التزام سلطنة عُمان بتحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات وزيادة الإيرادات غير النفطية، وفي هذا الإطار تعمل الحكومة كذلك على مراجعة النظام الضريبي بما يعزز العدالة الضريبية واستدامة المالية العامة.
وأضاف أن الحكومة تمضي بالتوازي في إدخال منتجات تمويلية بديلة مثل برامج ضمان ائتمان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء مؤسسة وطنية لضمان القروض، وتسهيل فتح الحسابات البنكية للمستثمرين، واستقطاب البنوك الاستثمارية الدولية، وتطوير حلول رقمية تقلل من فجوات التمويل، بما يسهم في تمكين قطاعات التنويع الاقتصادي وتحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040.
وقدّم السيد وقاص بن الأرقم البوسعيدي، مشرف فريق ضبط الجودة للحلقة من وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040، عرضًا حول الحوكمة وآليات التنفيذ، وشدد فيه على أهمية وجود مؤشرات أداء دقيقة، وتشكيل فرق متابعة مشتركة لضمان التطبيق الفعلي للمبادرات.
واختُتمت حلقة العمل بجلسة نقاشية تم خلالها التأكيد على أن نجاح خطط التنويع الاقتصادي يتطلب شراكة متكاملة بين الحكومة والقطاع الخاص والبنوك، مع إعطاء أولوية لتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأكدت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أن اعتماد مخرجات حلقة حلحلة ممارسة الأعمال ومناقشة تحديات التمويل يمثلان خطوات محورية لتعزيز التنافسية الاقتصادية لسلطنة عُمان، ودعم مكانتها كوجهة استثمارية قادرة على جلب رؤوس الأموال وتحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040.