أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

العالـم يدور في فـلك عُـمان..

الدكـتـور/ محـمـد المـعـمـوري

كاتـب وباحـث – العـراق

 

العالـم يدور في فـلك عُـمان..

 

منذ أكثر من خمسة عقود ومنذ أن انبثقت نهضة عمان الأولى عام 1970، لازالت عمان تنتهج منهج الوسطية، وتأخذ بيدها زمام الأمور لتتجه نحو الإعمار والبناء، وتسمو بعيدا عن التقلبات السياسية التي تحيط بها؛ فكانت السد المنيع الذي لم تخترقه تلك التقلبات خاصة منذ عام 1980؛ حيث الحرب العراقية الإيرانية مرورا بحرب الخليج الأولى عام 1991، وانتهاء بحرب الخليج الثانية عام 2003، وجميع تلك الحروب كانت تدور في محورها الإقليمي، ومؤكد أن جميعها أثرت في خططها الاقتصادية بعض الشيء؛ إلا أنها استطاعت أن تتجنب أي ضرر يحيط بالسلطنة وبشعبها؛ مما جعل من عمان ورشة عمل صناعية ازدهر من خلالها الاقتصاد، وتلاشت خطوط الفقر التي أصبحت سمة في أقطار عربية لها نفس الخير من النفط والغاز، وما افاض الله عليها من نعم؛ إلا أن سياسات تلك الدول أدت إلى هلاك الاقتصاد، وبالتالي ضاعت بين محتل إلى ضياع الثروات والمكانة العالمية، وهنا اتضحت أهمية وسطية السياسة العمانية وخططها المهمة في كسب ثقة المحيط الإقليمي والعالمي، وأصبحت عمان يشار اةإليها كإحدى الدول المستقرة سياياً واقتصادياً، والمزدهرة في ظل سياسة وسطية.

ولكي لا ننسى أهمية الاجراءات الوقائية التي اتخذتها سلطنة عمان في محاربة فايروس “كورونا” مما استطاعت أن تجنب شعبها هذا الوباء بأقل خسائر في الأرواح، وعبرت تلك المرحلة الحرجة من عمر العالم بسلام، وهي تنهض من جديد لتكون الرائدة في الوطن العربي، وعادت لتمارس دورها الريادي المحوري ليس في المنطقة فحسب بل على المستويين الإقليمي والدولي.

ومن الملاحظ تبعا لكل ما ورد أعلاه أن السياسة العمانية أصبحت السياسة الأكثر ثقة في المحيط الإقليمي، وحظيت بثقة العالم بأسره، وأصبحت “مسقط” تستقطب دول العالم؛ لتكون هي من تدور حول فلكها البلدان، وأصبحت عمان تستطيع ان تؤلف بين قلوب المتخاصمين، وتستطيع أن تجمع الاختلافات والمختلفين على طاولة عمانية لتكون من خلالها العلاقات بين بلدان المنطقة متآلفة؛ ليعم السلام الذي جاء به جلالة السلطان قابوس رحمه الله الذي أرسى دعائمه؛ ليكون المنهج الذي تعتمده السياسة العمانية، ويكون حجر أساس متين لا يمكن إزالته، فيصبح مبدأً راسخاً في نهج تلك الدولة التي جنبت بلدها وشعبها كل الاختلافات السياسية، وأصبحت هي من تدير المصالحة في محيطها الإقليمي والعالمي، وهنا لست استغرب عدم حضور جلالة السلطان هيثم بن طارق قمة جدة وذهابه الى مصر وإيران، فأنا اعتقد جازما أن قادة سلطنة عمان بعيدين عن أضواء الدعاية السياسية، قريبين للأفعال والأعمال التي تؤهلها لأخذ دورها في مجال السياسة الخارجية؛ فهي كانت السباقة في مبادراتها لإنهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، وهي كانت الرافضة للحرب على اليمن، وكانت تبتعد عن قرارات إبعاد الدول العربية عن محيطها العربي كما فعلت في قمة بغداد؛ حيث تم إبعاد مصر عن الجامعة العربية ومقاطعتها من قبل جميع الدول العربية إلا سلطنة عمان فقد كانت رافضة لهذا الإجراء؛ حيث رفضت مقاطعة مصر، كما رفضت مقاطعة قطر وسوريا، ووقفت مع تلك البلدان في تجاوز محنتها الاقتصادية والسياسية، وكانت السباقة لإيجاد الحلول والمصالحة، كما كان دورها الكبير في الصلح بين السعودية وإيران الذي سيغير مسار الاقتصاد والسياسة في المنطقة، وهي جاهدة الآن لتضع خطوط المصالحة بين مصر وإيران كما تنبأنا من زيارة جلالة السلطان هيثم لتلكم الدولتين.

لقد أصبح معروفا لدى الجميع منذ عهد جلالة السلطان قابوس رحمه الله أن مرور سلطان عمان في أي دولة؛ يعني أن هناك أمراً مهماً يراد منه خيراً ، لقد تعودنا من عمان العمل قبل الكلام والفعل قبل الإعلام، وهذا هو أسلوب السياسة العمانية الذي أصبح اليوم نموذجاً يُحتَذى به بين البلدان.

نعم أصبح العالم اليوم يدور في فلك عمان، وأصبحت المشاكل والمعوقات تجد حلها على طاولة عمان، لقد أخذت عمان دورها الذي تستحقه وكما كان على مر حقب التاريخ، وأصبحت بعقود قليلة تُسَيِّر قوافل المحبة والسلام، وتمسك بزمام الأمور لخدمة المصالح العربية والإقليمية والدولية، ولولا تلك الثقة التي بنتها أيادي وعقول قادتها مع العالم لما كانت عمان كما هي عليه بالأمس واليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى