أصداء وآراء

الشيخ محمد الغزالي فارس الفكر الإسلامي في العصر الحديث..

المستـشار/ د . عبد العزيز بدر القطان

كاتب ومفكر وحقوقي كويتي

 

الشيخ محمد الغزالي فارس الفكر الإسلامي في العصر الحديث..

 

إن ذكرت الصحوة الإسلامية، حتماً لgado hلإمام محمد الغزالي “حصة الأسد” منها، وإن رأيت وعياً بين المسلمين، فهو من أحد أهم الدعاة الذين أيقظوا وعي الشباب المسلم، وبنفس الوقت والقوة كان يتصدى للتيارات المعادية والإلحاد والكفاح في وجهها بكل ما لديه من قوة.

الراحل الغزالي، من أهم أعمدة الفكر الإسلامي في القرن التاسع عشر، مربي أجيال على الفكر السليم، لم يرتهن لسلطان أو حاكم، ودفع ثمن مواقفه في عهد السادات وجمال عبد الناصر، متبصر فمن يقرأ كتبه يشعر بأنها من وحي اليوم لما لها من بعد بصر وبصيرة، فيها من الخلود الكثير خصوصاً كتابه “قذائف الحق”، و”هموم داعية”، لقد خرج عن التقليدية وطبع بصمته الخاصة في الدين والفكر، من خلال عطاءاته الكثيرة التي احتوت على رؤية وخطة عمل للأمة الإسلامية، وجعل للإسلام روح وهدى وجمال، رغم وجودهم لكنه أضفى عليه المزيد من الخصال التي تجعل الإيمان الإسلامي إيجابياً.

شخصية الراحل الإمام الغزالي ومن مثله ومن يدور في فلكه، تراها اليوم محارَبة، إن كان في مسألة التطبيع أو مهاجمة الدين الإسلامي ورموزه، كالشيخ جاد الحق، والشيخ محمد متولي الشعراوي والدكتور محمد عمارة وعمر التلمساني ومحمد رجب بيومي، والمفكر الإسلامي الكبير سعيد الأفغاني والإمام محمد عبده، وجمال الدين الأفغاني، هؤلاء رموز الإسلام وأيقونات حية وإن توفى الله سبحانه وتعالى أغلبهم، كلهم من أصحاب مشاريع الفكر.

شخصياً من المنكبين على كل أعمال الراحل فضيلة الشيخ محمد الغزالي وتتلمذت على كل كتبه، وكلما شعرت بضعف داخلي على الصعيد الشخصي كان كتاب “قذائف الحق” يعطيني الأمل والقوة وجرعة مواساة، ودون مبالغة لقد قرأت هذا الكتاب أكثر من 37 مرة، وهنا أود الإشارة إلى أن أفضل من كتب عن الشيخ الغزالي هما اثنان، الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي الكبير، بطريقة غير مسبوقة ومميزة، وأيضاً أستاذي ومعلمي الفذ صاحب البصيرة الكبيرة والقلم الرائع والجميل الذي ينساب بطريقة مميزة في التحليل السياسي العميق، أتحدث عن الدكتور وصفي عاشور، لقد أبدع الدكتور عاشور في كتبه ومقالاته عندما كتب عن الشيخ الإمام الغزالي وحلل فكره، رحمة الله عليه، والعمر الطويل لأساتذتنا من المفكرين الأفاضل، وبهذه المناسبة الأليمة رغم مرور أكثر من مئة عام منذ ميلاد الشيخ وحتى اليوم رحمة الله عليه، ولمعرفتي بحب أستاذي الدكتور وصفي عاشور للإمام الغزالي رحمه الله أعزيه هنا، وأقول له “البقاء لله، وأطال الله في عمرك، ونسأل الله أن تكون انت إمتداداً لخط الراحل الجليل محمد الغزالي، وامتداد لهذه المدرسة المباركة”، لأن خير من يمثل مدرسة محمد الغزالي في وقتنا المعاصر هو الدكتور وصفي عاشور.

في دفاعه عن الدين الإسلامي إعتمد قسوة الأب ليخرج بأبناء متعلمين أصول الدين، هذا الشيخ الجليل من مواليد محافظة البحيرة المصرية عام 1917، وانتقل إلى جوار ربه في العام 1996، ودفن في البقيع السعودية كما كان يريد، المرحوم بإذن الله الغزالي ركز على الشباب وقسى عليهم خوفاً عليهم من الفتن، وتربص الأعداء، لطالما بكى وهو يتحدث عن أمة لا عن فئة، جيل كامل لا عن أشخاص محددة، عالم جليل قل نظيره، إذا قرأت ما يكتب الغزالي فإنك تشعر بأن كلماته قد كتبت بحبر من القلب، ما إن تقرأها حتى تنتقل إليك جذوتها فتدخل إلى عقلك وقلبك.. لأنها صدرت عن قلب صادق، وعقل مهموم بقضايا دينه وأمته.

كان الشيخ محمد الغزالي صاحب إيمان حي، مهموما بدينه والدفاع عن قيمه وثوابته.. كان يقول عن مسلمي اليوم “إنهم مصابون بتدين الشكل، لا تدين الموضوع، ويقول: “الدين عندما يتحول إلى طقوس ومراسم يفقد قيمته، لأن الدين قبل كل شيء قلب حي وضمير يقظ، وسريرة نظيفة” وهكذا كان تدين الغزالي رحمه الله.

ترك إرثاً لكل مسلم وقاصد علم، منها، الحق المر – قذائف الحق – كفاح دين – هموم داعية – معركة المصحف في العالم الإسلامي – دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين – الإسلام والإستبداد السياسي – من وحي السيرة – حصاد الغرور – مع الله – موكب الدعوة – الغزو الثقافي يتمدد في فراغنا – الإسلام المفترى عليه – ظلام من الغرب – جدد حياتك – الإستعمار أحقاد وأطماع – الإيمان ميلاد جديد لحياة إنسان.

وإذا خطب الراحل الغزالي شعرت بأن كلامه يخرج من قلب مهموم بدعوته، مليء بالصدق الذي يصل به إلى قلوب مستمعيه، إذا تحدث عن أساتذته ذكر فضلهم بعد الله عليه، وكان يقدر الكبار والصغار، وكل من استفاد من علمهم وفكرهم، فكتب عن لقائه بحسن البنا “وإني أعترف، بأني واحد من التلامذة الذين جلسوا إلى حسن البنا، وانتصحوا بأدبه، واستقاموا بتوجيهه، واستفادوا من يقظاته ولمحاته”.

ومات الشيخ محمد الغزالي رحمه الله واقفا أثناء دفاعه عن الإسلام في محاضرته عن علاقة الإسلام بالغرب، وذلك في التاسع من آذار/ مارس 1996 أثناء مشاركته في مهرجان الجنادرية بالرياض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى