أصداء وآراء

الصّـبّار الأبيض الجديد يغزو الضفة والأغوار ويعلنها : القوة وحدها تشكل الواقع !!..

             * الكاتـب/ نَـوّاف الـزَّرو

باحث خبير في الصراع العربي الإسرائيلي

          Nzaro22@hotmail.com

 

 

الصّـبّار الأبيض الجديد يغزو الضفة والأغوار ويعلنها : القوة وحدها تشكل الواقع !!..

في الوقت الذي ينشغل الفلسطينيون في البحث عن سبل دفع الرواتب والمعيشة، وفي الوقت الذي ينشغل فيه العرب الرسميون بشؤونهم وحروبهم الداخلية، أو بتهافتهم الطبيعي مع العدو، تنشغل “إسرائيل” في تسريع ونشر وتأبيد الاستعمار الاستيطاني الإحلالي ومنطق الجدران والحصارات والمعازل والقوة ضد الفلسطينيين، فنتنياهو يعلن بمنتهى التحدي على رؤوس الاشهاد:”أن القدس يهودية وتعود لهم منذ 3000 عام”، وأن البراق يهودي أيضاً رغم “تقرير لجنة شو”، ولجنة التنظيم والبناء الإسرائيلية تتخذ قراراً ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية في مستعمرة “رمات شلومو” في إطار خطة استيطان المنطقة”E1، والمستعمرون الإرهابيون يصولون ويجولون في أنحاء الضفة، ومجندة صهيونية تمزق صدر الشاب محمد السلايمة بست رصاصات دفعة واحدة في مدينة الخليل، وفي الوقت الذي ينشغل فيه الجميع بعيداً عن القضية المركزية، ينشغلون هم بالمزيد من الخطط والمشروعات التهويدية والأمنية.

فالذي يجري في الضفة الغربية مرعب وخطير، فهم يجتاحون الأرض ويرهبون أهلها، وبلدوزرهم لا يتوقف عن العمل أبداً، والمؤشرات الفلسطينية والإسرائيلية تتحدث عن انتفاضة ثالثة في الأفق، بينما نتابع الاحتجاجات الأوروبية، وقرارات أممية مع فلسطين، ولكنها كلها لا توقف البلدوزر…!.

يكثف الكاتب الإسرائيلي شاؤول أريئيلي المشهد الاستعماري الصهيوني في الضفة، في هآرتس، مشيرا إلى أن من يسمى “نفتالي بينيت” – رئيس حزب البيت اليهودي – يعتبر صاحب ” الخطة – التي أطلق عليها -“الخلاصية”، ويقول : “إذا استعرنا التشبيه من ميرون بنفنستي، فهو – أي بينيت – الصبار الأبيض الجديد، وقدماه كلتاهما مغروستان في أرض الضفة المحتلة التي ليست له من جهة الملك والقانون، وهو أعمى من جهة أخلاقية عن مئات القرى الفلسطينية الموجودة في المنطقة “ب”، وتعتاش من أراضيها الموجودة في المنطقة “ج”، فهو الصبار الأبيض الجديد الذي يعرف تصورا واحداً ووحيداً ذا بعد واحد، وهو : “أن القوة وحدها تشكل الواقع”!.

ويقول “بينيت” في خطته : إن الميزة الأولى لها، أنه يبدو الآن أكثر مما كان دائماً، – في زعمه – أن العالم لن يعترف بسيادتنا، لكن العالم سيعتاد على ذلك على مر السنين، قد يبدو أنه هو الذي سيخلد تماماً “إسرائيل”، ويؤكد أن الميزة الثانية تتجلى بأن ضم الأراضي سينشئ “ظروفاً مستقرة على الأرض ذات بقاء لعشرات السنين في المستقبل”، فكيف، وهنا يتساءل الكاتب شاؤول، يمكن أن تتساوق هذه الدعوى مع الحقائق على الأرض، ليس هذا واضحاً، فالمنطقتان “أ” و “ب” تشملان ما لا يقل عن 43 “كتلة” فلسطينية و 121 قرية فلسطينية منفصلة، فأين سيبني الفلسطينيون بيوتا لأولادهم ويطورون اقتصادهم مدة “عشرات السنين”؟!.

وكيف سيكون ممكناً منع الفلسطينيين من الخروج من المنطقة المبنية لقراهم في المنطقة “ب” وفلاحة أراضيهم في المنطقة “ج” التي تُضم لـ”إسرائيل” من أجل “التهدئة”؟!.

فإذا كان “بينيت” يريد منع ذلك بإقامة جدار حولهم، فالحديث عن نحو من 1800 كم، أي أطول بثلاثة أضعاف من الجدار الأمني المبني الآن، الذي كلف حتى الآن 11 مليار شيكل، وإذا كان ينوي أن يجعل جنودا من الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود يقفون بإزائهم فإن الحديث عن تجنيد عام لقوات الاحتياط، أما الميزة الثالثة و”الساحقة” لخطته كما يشهد بينيت”هي في عمليتها”، وهو يقترح “حكماً ذاتياً كاملاً مع اتصال مواصلات في المناطق تحت سيطرة السلطة الفلسطينية… بنفقة لمرة واحدة تبلغ مئات ملايين الدولارات”، ولكي تتمتع “المحابس -معسكرات الاعتقال-” الفلسطينية باتصال متناسب سيتوجب على “إسرائيل” أن تبني نحوا من 150 جسراً / نفقاً، وكي لا تشوش على الاتصال الإسرائيلي، وسنضطر إلى إنشاء أكثر من مئات الحواجز والعوائق التي قطعت أوصال الضفة إلى زمن غير بعيد، وكل ذلك بكلفة إنشاء تبلغ مليارات الدولارات وصيانة سنوية تقدر بمبالغ من سبع خانات”، إلى ذلك يشير بينيت إلى قطاع غزة الذي بقي خارج الخطة لأنه “يُضم بالتدريج إلى مصر”.

كما أعلن “بينيت” الأربعاء 15/01/2020 عن “سبع مواقع في الضفة الغربية المحتلة أنها “محميات طبيعية” جديدة، وعن توسيع 12 “محمية طبيعية” أخرى في الضفة”، وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن هذا أول قرار من نوعه منذ 25 عاما.

وقال بيان مكتب “بينيت” : إنه بعد تنفيذ الخطوة الإدارية، ستنتقل “المحميات الطبيعية” الجديدة إلى مسؤولية “سلطة الطبيعة والحدائق” من أجل فتحها أمام الجمهور، والمناطق التي شملها هذا المشروع الاستيطاني هي مغارة سوريك، وتعرف أيضا باسم كهف الحليمات العليا أو مغارة الشموع، القريبة من قرية بيت سوريك الفلسطينية؛ وادي المقلك، عند المنحدرات الشرقية لجبل الزيتون في القدس؛ وادي ملحة، في غور الأردن؛ مجرى نهر الأردن الجنوبي؛ “بترونوت” في جنوب الضفة؛ وادي الفارعة؛ وادي الأردن، شمال الأغوار، وحسب البيان، فإنه سيتم توسيع 12 “محمية طبيعية” تم الإعلان عنها في الماضي، وهي: قمم الجبال الواقعة غربي البحر الميت؛ صرطبة الإسكندرون، جنوب شرق نابلس؛ فصائل، في غور الأردن؛ أم زوكا في الأغوار؛ عين الفشخة، المشاطئة للبحر الميت؛ قرية خروبة الفلسطينية المهجرة، شرق الرملة وداخل الضفة؛ وادي سيلفادورا، شمال البحر الميت؛ جبل غادير، شرقي طوباس في الأغوار؛ عيون كانا، شمال البحر الميت؛ وادي مالحة، وسط الأغوار؛ وقمران، في منطقة أريحا.

كما أعلن “بينيت” أنه “شكل” منتدى المعركة على مستقبل المنطقة “ج”، وهي هيئة تهدف إلى تعزيز الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمصنفة كمنطقة “ج”، فيما اعتبرت مصادر قضائية إسرائيلية مطلعة أن مداولات الهيئة تعني عمليًا ضم تلك المناطق لإسرائيل. وكشف بينيت، الأربعاء 09/01/2020 أن “المنتدى” إجتمع عدة مرات في الأسابيع الأخيرة، بهدف دعم قضايا الاستيطان والمستوطنين لتعزيز الوجود الإسرائيلي في هذه المناطق، وتسريع الإجراءات القانونية حتى خلال فترة الانتخابات البرلمانية. وأشارت صحيفة “هآرتس”، إلى أن القضايا التي تناولتها اجتماعات الهيئة الأخيرة تشمل منح تصاريح لشراء مستوطنين لقطع أراض في الضفة، وربط البؤر الاستيطانية “غير القانونية” بشبكة المياه والكهرباء، ومنع إخلاء مستوطنين استولوا على أراض فلسطينية خاصة ولم تقدم ضدهم شكاوى بهذا الشأن.

فخلاصة هذه الخطة الخَلاصية الصهيونية، التي تتبناها وفق المؤشرات الإسرائيلية أحزاب وحركات سياسية عديدة، أنها تقوم كلها على تصور “شعب الله المختار” الذي يسكن وحده في “أرض الميعاد”، و “أن حق شعب إسرائيل في أرض إسرائيل يغلب كل حقوق الآخر -الفلسطيني-“، وأن هذا التوجه يعتمد القوة باعتبارها الشيء الوحيد الذي يشكل الواقع، وأنها إذا مالت لغير صالح اليهود، فإن “إسرائيل” تملك دائماً “خيار شمشون”.

فنحن أيضا في الخلاصة أمام غزو اجتياحي اقتلاعي يستهدف الارض والانسان العربي الفلسطيني تشنه “قوى الصبار الابيض” تحت حماية وغطاء جيش الاحتلال…!.

 

 

 

* تم نشر المقال بموافقة الكاتب والقائمين على موقع “إضاءات” الإخباري..

* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن “أصــداء” ، بل تعبر عن آراء الكاتب..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى