أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

سيـاحة فـي ربـوع بـلادي .. (صـور)..

عبدالله بن عبدالرحيم البلوشي

 

سيـاحة فـي ربـوع بـلادي .. (صـور)..

 

ارجع الذاكرة إلى الوراء لعل العقل ، بما حفظه من معارف طفولية تسعفني، لا تنسى ذكرى الطفولة ولا تغيب الأشرعة البيض عن مراسيها .. مخا أو مخاء .. احدى ضواحي صور .. لعلها اكتسبت الاسم من ذلك الميناء الشهير في اليمن على البحر الأحمر في محافظة تعز..

كانت المخاء مدينة صغيرة وذات شهرة ضيقة في اليمن .. ومن ثم أصبحت المخاء من الموانئ المعروفة في العصور المتأخرة .. المخاء العمانية تشبه أختها في اليمن فهي تطل على ذلك اللسان من البحر من خور البطح ، ويقع على مشارفها مقر السلطان .. حل به جلالة السلطان قابوس (رحمه الله) في زيارته التاريخية إلى مدينة صور العريقة..  مشيت في سككها .. سكة سكة .. ودخلت في بيوتها بيتا .. بيتا .. وإن كنت أنسى فلا يمكن أن أنسى ذلك المبنى الذي شيد للدراسة بأيد فاضلة من عائلة الغزالي .. والتحقت في مدرسته وأنا لا أتجاوز السابعة من عمري .. ويدرس فيها ذلك الشيخ الوقور .. عبدالله الفارسي .. يدرس فيها مبادئ الكتابة والحساب .. درس فيها كثير من الأهل منهم عمي يوسف صومار ، وجد أولادي عبدالله بيري الملقب (بالمعلم) ، وأخيه جمعة بيري، وابن عمي يوسف حسن وآخرون كثر ممن ساهموا في كثير من أنشطة صور العتيدة .. المدينة .. المخاء .. تسكنها قبيلة عريقة عرفت برجالها الافاضل .. ومن لا يعرف بيت حمد بن خلفان (خفان) فهو لا يعرف صور كله .. ومن لم يطرق بيت عبدالله بهوان المخيني والد الرجلين الكريمين سعود بن عبدالله بهوان رحمه الله وأخيه سهيل .. ذلك البيت في قلب مخاء يحكي قصصا لتجار مارسوا التجارة من نعومة أظفارهم .. التقيت بهم على ساحل مطرح (خور بمبه) في سنة 1965 وأنا صبي صغير غادرت صور للدراسة إلى البحرين مع أخي الأكبر هلال ، ولأخي معهما حكاية وقصة ومعرفة قديمة عندما عمل في ذاك المشفى الصغير في مخاء قريبا من منزلهما .. قصص وحكايات احتفظ بها وكأنها ماثلة أمام عيني .. وفي بلاد صور كان لنا ارتياد إلى نخل مبارك بهوان صاحب مجموعة هوليدي مسقط زوج أختهما الكبرى .. لالتصاق الجدار بالجدار لنخل ابن عمي الذي كنا نحضرها في فصول الصيف .. مع جني الرطب وانتظار اللمبي .. (المانجو) من بمه ، إفتي وطهوة تلك القرى ومن على جبالها المجاورة.

مخاء ضاحية من ضواحي صور .. سكة البوش يخترقها من بين بيوتاتها .. بيوتات مخاء، هي تلك السكة المعروفة المنطلقة من نهاية سوق صور الشهير والتي تمشي فيها القوافل إلى وجهتها  الأخيرة  ، إلى البطح ذلك الميناء البسيط العظيم والسفن بانتظار القافلة لتحط  اثقالها من تمر  وبسر ، هي المنتجات المعروفة ترجع القافلة بالأرز ، والطحين ، والسمن.

هي الأيام وما هي مثل أيامنا في الحياة والمعاش اليومي .. تسلك القافلة الطريق بين الأزقة والدروب ، ينساب بها الطريق في مخا ومنها إلى البطح هو طريق معتاد للقوافل والمشاة ، ثم أنه  تاريخ  يحتاج إلى من يثبته وان يعتنى به وهو درس بليغ للأجيال القادمة….حارات عشقتها ولا زلت مولعا بحبها ، كأن القلب معلق برؤية صغيراتها وهن يتخطرن بثيابهن المطرزة تطريزا دقيقا بيد بارعة من هذه المدينة العريقة .. نستودعكم الله لعل يكون لنا لقاء في قادم الأيام..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى