أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

مهرجان عمان للعلوم خطوة رائدة في نشر الثقافة العلمية.. 

طـلال بن حمـد الربيـعـي

 

مهرجان عمان للعلوم خطوة رائدة في نشر الثقافة العلمية.. 

 

اختتم بالأمس مهرجان عمان للعلوم ٢٠٢٢ في نسخته الثالثة تحت شعار “بالعلوم نجتمع مجددًا”، و الذي استمر لمدة ٦ أيام بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض، وبمشاركة واسعة من المؤسسات والجهات والهيئات الحكومية والعسكرية والخاصة إلى جانب وزارة التربية والتعليم، واريد هنا ان اتحدث عن تجربتي الشخصية وعن تجربة ابنائي وزملاء لهم زاروا المهرجان واستمتعوا بما شاهدوه وما استمعوا اليه  وللمصداقية فان كلمة شكر قليلة في حق القائمين على تنظيم واقامة هذه التظاهرة العلمية الوطنية وعلى رأسهم وزارة التربية والتعليم ،  فمهرجان العلوم جاء هذا العام بزخم اعلامي وتنوع كبير جدا حيث تضمن ما يزيد عن ٤٠٠ فعالية  في أركانه الأربعة والعشرين ومن خلال عدد  الزوار الكبير، واستطلاع اراء بعض من زاروا المهرجان استطيع الجزم ان هذا المهرجان بنسخته الجديدة قد حقق مجمل اهدافه وسعى خلال أيامه الست الى إيصال مختلف المعارف والتكنولوجيا والعلوم إلى زائريه من  الطلبة وأفراد المجتمع بوسائل سهلة وبطرق تفاعلية محفزة للتفكير الإبداعي، كما انه ترك اثرا وقيمة إيجابية في ثقافة الطلبة الزائرين جعلهم يدركون أهمية العلوم والابتكارات العلمية في الحياة مما يشجعهم مستقبلا على مواصلة التعلم في التخصصات العلمية.. ولقد كان للحملة الاعلامية المصاحبة للمهرجان بمختلف وسائلها دور كبير جدا في التسويق للفعاليات المقامة ونشر الثقافة العلمية.

فمهرجانات العلوم (Science Festivals) حول العالم تعتبر أحد أهم الأساليب والوسائل العلمية والتعليمية غير التقليدية المثيرة والمميزة والمتكاملة والفعالة لنشر الثقافة العلمية وتقديم الأنشطة العلمية واستعراض وتوصيل آخر التطورات والمنجزات والأبحاث وبخاصة بين عامة الجمهور، لتصبح العلوم في متناول الجميع ، وكذلك ليتمكن معظم افراد المجتمع من التعرف ومشاهدة أحدث التطورات والدراسات والبحوث العلمية في كل مجالات العلوم والمعرفة.

وبما ان هذا العصر الذي نعيش فيه هو عصر العلم والتكنولوجيا ومع التطورات المذهلة والسريعة في مختلف المجالات العلمية  ،فأن الامر يحتم علينا ضرورة ان  تحتل المهرجانات العلمية مركز الأهمية والصدارة في دولنا  وبخاصة الدول الخليجية، لما تمتاز به من مجتمعات فتية شابة متحفزة لما هو جديد، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهذه عوامل من شأنها ان تحفز وتشجع الابتكار والعلم ، ومن وجهة نظري يجب  ان يكون للمهرجانات العلمية هيئة مستقلة بها  تتلقى الدعم من الحكومة والقطاع الخاص وتعمل على استقطاب العلماء والمخترعين من مختلف دول العالم  وتتبنى افكارا وقضايا علمية تهمنا في بلداننا لتتم مناقشتها بالإضافة الى جائزة او مسابقة في مجال الابتكار العلمي لتأخذ هذه المهرجانات صفة العالمية و تتسع لتشمل دول الخليج  وبعض الدول العربية ويدّعى إليها مجموعة من أبرز العلماء والشركات المتخصصة حول العالم  في مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا ويتم احتضانها سنويا في احدى العواصم الخليجية، او ان يختار لها عاصمة معينة.

هذا الأمر من شأنه خلق نهضة علمية ونشر ثقافة علمية ، وهنا اركز على ضرورة وأهمية خلق ونشر ثقافة علمية لدى مجتمعاتنا بعدما عانت سنوات طويلة من كثير من الافكار السلبية والهدامة، لذا اصبحت مهمة نشر الثقافة العلمية في المجتمع ضرورة ملحة ولم تعد مجرد ترف او تقليد متبع.

وهناك كتاب جميل للباحث الدكتور منير علي الجنزوري بعنوان “الثقافة العلمية ضرورة لتطوير المجتمع ومعايشة العصر”، يرى الكاتب أن هناك خطاً فارقاً بين عناصر النشاط الذهني المرتبط بالتعلم في إطار مهني معين، والآفاق الرحبة المرتبطة بالثقافة العامة التي توفر دراية واسعة المدى بمختلف الاهتمامات البشرية وتحقق تفاعل أوسع مع المجتمع، وتستهدف إشباعاً وجدانياً وفكرياً ونفعياً للفرد، كما تثري الأنشطة المجتمعية في مجالات متنوعة.

إن توفر الثقافة العلمية لدى الأفراد يوفر لهم القدرة على التفكير المنطقي في مختلف الأمور التي تواجههم، ويساعدهم على حل بعض المشاكل التي قد تعترضهم، كما تجعلهم يتسمون بالعقلية الرقمية التي تدفعهم إلى استخدام الأرقام في عرض آرائهم، وتجنب الأساليب الخطابية المرسلة، كما توفر لهم الثقافية العلمية استخدام المصطلحات العلمية السليمة. وتفعيل التفكير في تحقيق الأهداف، وتحول الفرد – إذا جاز التشبيه – من لاعب طاولة إلى لاعب شطرنج، أي من ممارسة حياتية بطريقة عشوائية تعتمد على الحظ والصدفة إلى التفاعل مع الأمور الحياتية اعتمادًا على إمعان الفكر:

كما يؤكد مؤلف الكتاب د. منير الجنزوري” أن الثقافة العلمية تساعد على تأصيل قيم الجمال والنظافة، فالثقافة العلمية تجعلنا نرتاد متاحف الفنون ومعارض الزهور، وتجعلنا نتأمل التماثيل المقامة في الميادين، ونتأمل المباني الجميلة والكباري ذات التصميمات الجاذبة، وتجعلنا نقدر الشوارع والميادين النظيفة الأنيقة، والقاعات العامة مبهرة التصميم، والحدائق التي تلقي أشجارها وزهورها التشذيب والرعاية”.

وأنا أتجول في أركان المهرجان المختلفة لفت نظري الجموع الكبيرة من طلبة العلم بمختلف اعمارهم وفئاتهم  وهم  مشدودين ومندهشين مما يشاهدونه من مختلف الابتكارات والاختراعات العلمية وهناك كثير من الاسئلة تختمر في اذهانهم، ادركت حينها أنه لابد من أحداث نقلة نوعية لهذه الأجيال الشابة المتعطشة لما هو جديد ومعاصر لشغل عقولهم وطاقاتهم بما هو مفيد ونافع والابتعاد عن الثقافات الهدامة و الافكار المتطرفة التي تعمل كمعول هدم في جسد الاوطان والمجتمعات وليكونوا معول بناء لتقدم اوطانهم وازدهارها وهذا لا يتأتى الا بنشر ثقافة العلم والمعرفة.

وفي الختام نقول : (مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى