أصداء وآراء

قـيـمـة المـرأة الحقـيـقـيـة..

الإعـلامي/ د . خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

قـيـمـة المـرأة الحقـيـقـيـة..

 

أؤمن إيماناً تام بأننا كمجتمع لم نستطع حتى الآن أن نحدد المكانة المناسبة والحقيقية للمرأة، فهناك من الذكور (الرجال) من يمنحها الصفة المطلقة لقضاء كل شؤون الحياة وشؤون الأسرة، ومن يشدد عليها لدرجة أنه لا يسمح لها بالخروج من البيت، وإن خرجت لا تستطيع أن تخرج يدها ووجهها الذي أوجبه الشرع لها ، وهناك منهم من منحها الحرية الكاملة لدرجة أنها تمشي معه وهي متزينة بكامل زينتها وتبرجها وبملابس تظهر أجزاءً من جسمها ومفاتنها دون أن يمس ذلك في غيرته أي شعرة وأي كرامة، وهناك من يراها سيدة الزمان ونور المكان، فيمنحها الدلال والاحترام والتقدير، وهناك من يراها جزءاً من المتاع لا قيمة له ولا وزن، بل هناك من يعتبر إسم المرأة عورة، وقائمة طويلة من اللغط وعدم الفهم لقيمة المرأة العظيمة لكل مجتمع.

وبعد هذه المقدمة الطويلة إلى حد ما التي ربما يدركها الجميع، وددت الحديث في هذا المقال عن (المرأة التي لم يقدرها الرجال) ، فقد آلمني كثيراً موقف شاهدته بأم عيني هذا الأسبوع لذكر من الذكور يقبع في سيارته بينما سيدتان تترجلان إلى محل بيع مواد البناء والمواد الكهربائية والصحية فقلت في نفسي هل وصل الأمر إلى هذا الحد، سمعنا عن قصص كثيرة بأن هناك نساء يعملن في الصباح وفي المساء يقمن بواجب الأسرة كاملة وعليهن أن يوفرن مستلزمات الأسرة والبيت من مواد غذائية وغيرها من المستلزمات بعد أن يقمن بالمذاكرة للأولاد، والذكر ولا أقول (الرجل) مع أصحابه في رمساته وسهراته، ويتسكع في المجمع التجاري نفسه الذي تشتري منه أمه أو أخته أو زوجته مستلزمات البيت، أو انه غارق وسط دخان الشيشة، أو في ملاعب الترتان يلعب مع أصدقائه كرة القدم، أو منشغل في لعب الورقة، أو السهرات الليلية التي تدور فيها كؤوس الشراب الذي يسمونه روحي (طبعا حالياً ينتظرون نهاية كورونا) ، وكل ذكر أخبر كيف يقضي يومه، وليته يرجع بعد ذلك إلى البيت شاكراً ذاكراً حامداً، بل يرجع مكشر الجبين ومقطب الحواجب مكفهر الوجه، وكأن على رأسه شيطاناً رجيماً، فيضرب هذا ويسب هذا، وينتقد ويزمجر ويجعل كلَّ واقفٍ جالساً، ويقف في حضرته كلُّ جالس وكأنه فرعونُ زمانه، ولا أدري إن كانت هذه الفئات كثر في مجتمعنا، ولكنهم موجودون بلا شك ندعو الله لنا ولهم الهداية.

وحسب الملاحظ وحسب ما نسمع من قَصَص وحكايات، أن هذه الفئة في ازدياد، حيث لا مبالاة بوضع الأسرة وحاجتها لرجل يقف بجانبها، ولعل هذه الفئات ما زالت تعتقد أنها تعيش مرحلة العزوبية ومرحلة اللامبالاة، ومرحلة الإعتماد على الأب الذي يوفر كل شيء، فهم لم يتعودوا على تحمل المسؤولية فمضوا على الوتيرة نفسها، مما جعل المرأة التي تتصف بأنها أكثر أمانة على أسرتها وحرصاً على وحدتها في أن تكون بوضع (المرأة الحديدية)، رغبة منها في استمرار الحياة، واتباع أسلوب التغاضي والتغافل بأن هناك رجلاً لابد أن يقوم بكثير من هذه الأدوار، متناسية في اللوقت ذاته أن هذا الذي تقوم به من جهد وتقمص دور رب الأسرة سيأخذ من صحتها ونضارتها وشبابها وفكرها وقوتها، وأنها ستنهار في أخر المطاف .. نعم ستنهار طال الزمان أو قَصُر، فالله سبحانه خلق المرأة رقيقة ناعمة تتصف بالعطف والحنان، فإذا أختل هذا التوازن الرباني سيكون له تبعات خطيرة، فاحرص أيها الرجل أن تكون رجلاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى في بيتك، وليس ذكراً فحسب، فالذكور كُثْر والرجال قليلون، وعلى الرجال أن يَعُوا الدور الذي عليهم ويقوموا به، فكلٌّ مُيَسَّرٌ ومُسَخَّرٌ لما خلق له، وعلى النساء أن تكون لديهن القوة في قول (لا) في وجه كل الذكور الذين يحاولون أن يحوّلوهن إلى نساء من هذا النوع.

أعزائي .. إن المرأة عليها واجب كبير تقوم به في تربية الأولاد وتهذيبهم ورعايتهم والإهتمام بهم، خاصة أولئك الأطفال الصغار الذين يحتاجون وجودها وحنانها وعطفها، وعندما نجبرها أن تكون كل شيء فإنها بلاشك سوف يظهر تقصيرها في تربية أطفالها، وسيخرج لنا أطفالٌ مُشَوّهون أخلاقياً وسلوكياً واجتماعياً، وما حالات التَّوحُّد التي تظهر بين الأطفال إلا نتائج البُعْد الذي يعاني منه الطفل بعيداً عن أمه خاصةً، ووالديه وأسرته بصورة عامة، ناهيكم عن الفساد الأخلاقي الذي بدأ في الظهور نتيجة عدم معرفة كل واحد بالدور الذي يجب إن يقوم به، واختلاط الحابل بالنابل .. ودمتم ودامت عمان بخير..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى