أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

مَكْـتَـبُ مَعَـالِـي الْـوَزِيـرِ!!..

عـصـام بن محـمـود الرئيـسـي

محاضر ومدرب في البروتوكول والإتيكيت المؤسسي

 

مَكْـتَـبُ مَعَـالِـي الْـوَزِيـرِ!!..

 

حدَّثني أحدُ الإخوة أنه أراد يوما مقابلةَ أحدِ الوزراء في موضوع مهمٍّ يتعلق بتأخر كبير في إنجاز معاملة له في تلك الوزارة ، فذهب إلى مبنى الوَزَارة إلى أنْ وصل إلى مكتب الوزير فوجد الأبواب مفتوحة ، وهذا أمرٌ أثلج صدره ، إلا أنه قوبل من قِبَلِ أحد موظفي المكتب بسيل من الأسئلة الهجوميّة ، وبأسلوب رسمي واندفاعي !! .. (من أشار إليك بمقابلة الوزير ؟! هل تعرف الوزير ؟! ماذا تريد من الوزير ؟! وماذا عندك ؟! ولماذا تريد مقابلة معاليه شخصياً ؟! ألا تعلم بأن الوزير مشغول للغاية ؟!…).

كل تلك الأسئلة كَوَّنَتْ حاجزًا نفسيًّا لدى المواطن ، وزادت الأمر سوءاً ، وزادت المواطنَ إحباطاً وحيرةً إلى أين يلجأ ؟؟!! ، وزرعت في نفسيته الشك بأنْ مطلبه لن يرى النور لدرجة أنه شعر بالخوف من الإفصاح عن مطلبه لهذا الموظف ، وفَضَّلَ أن يخرج مسرعا من مبنى الوزارة بمعاملته.

قد تكون تلك الحالة فردية من قبل ذلك الموظف ولا يمكن تعميمها على باقي الموظفين بطبيعة الحال ، ولكن من المؤكد بأن لها المردود السلبي على سمعة مكتب الوزير ، وكما نعلم بأن المواطن يلجأ عادة إلى مكتب الوزير في أي دولة ، أو مؤسسة خدميّة كانت بعد أن يستنفذ كل الوسائل المتاحة لإنهاء معاملته ، وعندما تتعقد الإجراءات وتُغلق أمامه جميعُ الأبواب ، ويبقى مكتب الوزير هو الملاذَ الأخيرَ في تحقيق مطلب المواطن ، وخاصة عندما يكون متيقّناً بأن مطلبه على الجانب الحق من المطالبة في حين لم تتمكن جميع الدوائر في الوزارة من إيجاد الحل المناسب.

وفي موضوعنا هذا لن نتحدث عن الأدوار الإدارية لمديريات الوزارة ، أو ضرورة مقابلة الوزير الشخصية للمواطن ، أو طرق إنهاء معاملات الناس ، بل سنتطرق إلى الأساليب الراقية والبروتوكولية التي من خلالها تتم مقابلة المواطن من قِبَلِ المعنيين في مكتب الوزير بصفته المكان الذي يجب أن يلقى فيه المواطن كل الأحترام والتقدير من خلاله ؛ لهذا يجب على سكرتارية الوزير أنْ تكون متهيئة لمقابلة المواطن أيا كانت مكانته ، ويجب أن تتمتع بالقدرة الكافية في التعامل مع مختلف أنماط الشخصية ومتطلبات المواطن ، وأن يكون الكادر البشري مُدرَّبًا على استقبال المواطنين ، والتعامل معهم بكل حرفية ؛ باعتبار مكتب الوزير ليس واجهة الوزارة فحسب ؛ بل واجهة الدولة بأكملها.

يجب أنْ نضع في الاعتبار بأن المواطن القادم لمكتب الوزير هو رجل بسيط للغاية لا يجب أن يقارنه الموظف بأي شخصية أخرى ، وأنه جاء فقط لإنهاء معاملة له صعب على الإدارة المعنية في الوزارة أن تنجزها لأي سبب كان ، وهناك العديد من الطرق التي يمكن اتّباعها للتعامل بذكاء مع المواطن والحفاظ على الاحترام المتبادل بينه وبين الموظف ، لهذا يجب أن يتحلى الكادر البشري بمكتب الوزير والمكاتب المماثلة من كبار الشخصيات بالعديد من الصفات التي تمكنهم من تأدية واجباتهم بأفضل ما يكون ، وكذلك الحفاظ على سمعة المؤسسة بشكل عام ، ومن أهم تلك الصفات ما يأتي :

– موظفو مكتب الوزير عادة لديهم الكلمة لدى مختلف دوائر الوزارة في معالجة المواضيع بدون تدخل الوزير ؛ حيث للوزير مهام جسام ، وليس من المعقول أن يقوم بمقابلة كل المواطنين الذين لم تنجز معاملاتهم كل على حده ، ولا بد لدى مكتب التنسيق والمتابعة (السكرتارية) الحلول المناسبة ، أو التنسيق الجيد مع الدائرة المعنية لضمان إنجاز معاملة المواطن.

– يُعتبر فن التعامل مع الناس من المهارات الرئيسية التي يحرص الأشخاص الناجحون وفي أماكن مهمة كمكاتب الوزراء وكبار الشخصيات على تعلمها وتطبيقها في عملهم ، وذلك للتعامل بأفضل طريقة مع مَنْ حولهم ، ويجب التأكيد أنّه مع وجود الاختلافات الكبيرة بين شخصيات الناس الذين نقابلهم من الصعب أن يحصل الفرد على رضا الجميع ، إلا أنه يجب على الموظف أن يحرص دائماً وأبداً على ذلك الرضا من قبل المواطن ولو بنسبة قليلة.

– من المفيد محاولة تفهّم الوضع الذي يمر به المواطن من تأخر إنجاز معاملته ؛ لهذا يجب التحلي بسعة الصدر.

– الأمانة والإخلاص والتحلي بالأخلاق الكريمة صفات غاية في الأهمية.

– يُعتبر هدوء الشخصية خصلة مفيدة جداً عند التعامل مع الناس ، وكذلك حسن الاستماع والتعاطف مع المواطنين إلى أبعد الحدود ، والتعامل مع مخاوفهم وشكوكهم في إنجاز معاملاتهم ، واقتراح الحلول الإيجابيّة البديلة أمر لا بد أن نضعه في الإعتبار.

– مهارة التواصل الفعال ، وخاصة مهارة إقناع الآخر من خلال عرض الحقائق بأدلة مقبولة مقنعة وواضحة.

– الابتسامة الدائمة في وجه المراجع ، وتجنب أسلوب الأسئلة التي تزعج المراجع ، وتزرع فيه الرهبة والخوف ؛فهو إنسان بسيط للغاية.

– الرحمة والإنسانية ، وإظهار الاهتمام بالمواطن وإسعاده ؛ بحيث يخرج من مكتب الوزير بنفس راضية يدعو للوطن بالخير.

– تقليل المواقف المتوترة بين المواطن والموظفين ، وخلق طاقة إيجابية ، والانطلاق في التعامل من مبدأ (يسروا ولا تعسروا).

وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى