بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

ما بعد شاهين .. فرصة إعادة البناء على نحو أفضل..

الكاتـب/ طـلال بن حمـد الربيعـي

 

ما بعد شاهين .. فرصة إعادة البناء على نحو أفضل..

 

تعد الكوارث الطبيعية من أكبر المخاطر التي تهدد البشرية على مر العصور ، ومن الممكن أن يتسبب أي زلزال أو تسونامي أو فيضان أو إعصار في تأثير مأساوي على حياة الآلاف من الناس في غضون دقائق، وقد يحمل  تأثير مدمر على مجتمعات ‏بأكملها‎؛ كما ‏يمكن أن تصيب هذه الكوارث المئات أو حتى الآلاف من الناس وتدمر ‏المنازل وسبل العيش؛ ويمكن ‏بسببها أن يتعطل الوصول إلى المياه النظيفة وخدمات الاتصالات و ‏الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الضرورية . و هنا يتحول الوضع إلى سباق مع الزمن للوصول إلى المناطق ‏المعزولة، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين ‏يحتاجون إلى المساعدة، وأولئك الذين يعيشون في ظروف سيئة ‏دون مأوى‎.‎

وبالنظر إلى حجم الكارثة التي خلفها الاعصار من تدمير في المناطق المتضررة وهي كارثه بكل ما تحمله الكلمة من معنى وكنت ضمن المتضررين منها.. كنت اظن ان التصدي لها والتعافي السريع منها أمرا في غاية الصعوبة سواء على الصعيد النفسي او الاقتصادي أو الاجتماعي، نظرا لما خلفته وراءها من الكمد والحزن لدى الكثيرين الذين عاشوا المأساة في تلك الليلة بكل تفاصيلها وتألموا على فقدان أرواحا غالية إضافة إلى تدمير منازلهم ومركباتهم  ومزارعهم وحيواناتهم انه مشهد تراجيدي لا يستطيع وصفه والاحساس به سوى من عايشه على أرض الواقع.

أصعب ما في الكوارث هو اليوم الذي يلي الكارثة ؛ ففي اليوم التالي للإعصار وما ان استفاق الجميع من هول الصدمة حتى وجدوا انفسهم  وعلى رأسهم مؤسسات الدولة المختلفة في مواجهة المهمة الجسيمة والصعبة المتمثلة في إصلاح ما دُمّر و واعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة مثل المنازل الممتلئة بالمياه والطين والمدارس والمصانع والمعدات والطرق والسدود والجسور… الخ، وبدون مبالغة بذل الجميع وعلى رأسهم مؤسسات الدولة بمختلف فئاتها جهودا جبّارةً وعملا متواصلا ليلا نهارا وسطروا مع افراد المجتمع  أروع معاني اللحمة الوطنية والتفاني في إعادة الحياة الى هذه المناطق بأسرع وقت ممكن  رغم حجم الدمار والاضرار حينها استحضرت في تلك اللحظات مقولة  القائد الفيتنامي هوشِي مِنْ .. ، وهو يرد على التهديد الأميركي بتدمير مدينة هانوي تدميراً كاملاً : إذا دمروا هانوي فسوف نبني مدينة أجمل منها…!!.

من خلال هذه التجربة التي مررنا بها وما زلنا.. يتحتم علينا أن نفهم بوضوح تحدي التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتخطيط العمراني؛ فمن المرجح أن يزداد مستقبلا تعرضنا لأخطار تلك الكوارث  بسبب التغير المناخي، لذلك لابد للنظر الى هذه الكارثة الطبيعية وما خلفته من دمار بمنظور  مستقبلي على اعتبارها  فرصة ”لإعادة البناء على نحو أفضل“ سواء ما يتعلق بالمساكن والاحياء السكنية المزدحمة والبناء العشوائي (القريب من مجاري الاودية) أو الطرق أو المدارس أو المستشفيات او الشوارع العامة والداخلية ومنافذ عبور الاودية، ولابد من التأكيد على كلمة ”أفضل“، حيث المقصود منها ان تتم إعادة البناء وفقا لمعايير السلامة العليا التي تحد من خطر الكوارث مستقبلا الامر الذي من شأنه أن يقلل  إلى أدنى حد ممكن الخسائر البشرية والاقتصادية والاجتماعية لأي كارثة ويساعد على تهدئة مخاوف المواطنين والمقيمين وامتصاص صدمتهم وهم يسعون إلى إثبات وجودهم من جديد في الحياة.

وختاماً نقول : على هذه الأرض ما يستحق الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى