
أصـــداء /العُمانية
تُعد شجرة المِزِي أحد الرموز البيئية والثقافية البارزة في محافظة مسندم، إذ تجسّد بوجودها في سفوح الجبال والأودية روح التحدي والتأقلم مع الظروف المناخية القاسية، بما يعكس القيم الراسخة لسكان المحافظة في الصبر والتحمل والتعايش مع الطبيعة الجبلية الوعرة.
وقالت المهندسة نورة بنت عبد الله الشحية رئيسة قسم التنوع الأحيائي وتنمية الغطاء النباتي بإدارة البيئة بمحافظة مسندم إن شجرة المِزِي تُعدّ من الأنواع النباتية المتكيفة مع البيئات الصخرية معتدلة الحرارة، لاسيما في منطقة السي بولاية خصب، مما يمنحها مكانة بيئية متميزة باعتبارها عنصرًا أساسيًّا في حفظ التوازن الطبيعي بالمناطق الجبلية. كما تسهم هذه الشجرة بدور فاعل في الحدّ من انجراف التربة، إلى جانب توفير موائل طبيعية للكائنات البرية، وتشكل مصدر ظلٍّ ومأوى في البيئات القاحلة التي تشهد ندرة في الغطاء النباتي.

ووضحت أن شجرة المِزِي تنتشر بشكلٍ طبيعي في جبال محافظة مسندم وجزء من سلسلة جبال الحجر الشرقي على ارتفاعٍ يتجاوز 1000 متر فوق سطح البحر، وتنتمي إلى فصيلة القرنيات الفراشية.
وتمتاز بخضرتها الدائمة وارتفاعها الذي قد يصل إلى ثلاثة أمتار، وهي شجرة متساقطة الأوراق حيث تبقى فروعها في معظم فترات السنة دون أوراق.
وتُزهر بأزهارٍ قرنفلية اللون مائلة إلى البياض، بينما تكون ثمارها صغيرة وصلبة ذات شكل بندقي تغطيها أرياش بنية دقيقة.
وتُصنَّف هذه الشجرة ضمن الأنواع النباتية القريبة من خطر التهديد بالانقراض وفق القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، ما يؤكد على الحاجة إلى تكثيف الجهود لحمايتها وضمان استدامتها في بيئتها الطبيعية

وأضافت أن هذه الشجرة تمثل ثروة طبيعية وكنزًا بيئيًّا ينبغي الحفاظ عليه، داعيةً إلى تكاتف الجهود الرسمية والمجتمعية لحمايتها من الممارسات السلبية مثل الرعي الجائر والاقتلاع العشوائي، وتعزيز الوعي بأهميتها في المنظومة البيئية والهوية المحلية من خلال تنفيذ برامج توعية ومبادرات تشجير وإعادة تأهيل للمناطق الجبلية، بما يضمن استدامة الغطاء النباتي وتوريثه للأجيال القادمة.
وبيّنت أن شجرة المِزِي تحظى أيضًا بمكانة خاصة في الموروث الشعبي لأهالي مسندم، إذ ارتبطت بحكايات ورموز تعبر عن الصمود والكرم والارتباط بالأرض، لتصبح بذلك أيقونة طبيعية وثقافية تعكس جمال البيئة العُمانية وتفرّدها، إذ لا تقتصر أهمية شجرة المِزِي على قيمتها البيئية فحسب، بل تمتد لتشمل مجالات الصناعات الحرفية التقليدية في محافظة مسندم، حيث يُستفاد من خشبها الصلب في صناعة الأدوات التراثية مثل “عصا الجرز” التي تُعدّ رمزًا من رموز الموروث العُماني الأصيل، كما يُستخدم خشبها في صناعة المقابض وأدوات الزراعة وبعض المشغولات الخشبية التي تعبّر عن مهارة الحرفيين المحليين وتراثهم العريق.
وأكدت على أن المحافظة على شجرة المِزِي لا تمثل مجرد حماية لنباتٍ محلي، بل هي حماية لهُوية بيئية وثقافية متجذّرة في جبال مسندم، داعين إلى إدراجها ضمن برامج التوعية المدرسية والمبادرات البيئية التطوعية لضمان استمرار حضورها كرمزٍ أصيلٍ للتوازن بين الإنسان والطبيعة.














