
أصـــداء/ الكازاخستانية
يعرض مركز الأفلام الوثائقية التابع لمجمع البث التلفزيوني والإذاعي لرئاسة جمهورية كازاخستان فيلماً وثائقياً جديداً بعنوان “شريك قوي” للمشاهدين.
يكشف الفيلم عن دور الدبلوماسية في مصير الدولة ويغطي بالتفصيل الزيارة الرسمية لرئيس الدولة إلى اليابان، موضحًا ليس فقط المفاوضات الرسمية ومراسم البروتوكول، ولكن أيضًا تفاصيل نادرة وهامة للتفاعل الثنائي.
في العالم المعاصر، لم تعد الدبلوماسية مجرد أداة للمفاوضات، بل أصبحت اليوم مورداً استراتيجياً لتعزيز مكانة الدولة الدولية وآلية أساسية لضمان التنمية المستدامة. ومن هذا المنطلق، يأخذ الفيلم المشاهد في رحلة عبر ديناميكيات الاجتماعات رفيعة المستوى، موضحاً كيف يمكن حتى لأدق تفاصيل البروتوكول أن تحمل دلالات سياسية بالغة الأهمية.

يولي المؤلفون اهتماماً خاصاً لاستقبال الإمبراطور ناروهيتو ورئيسة الوزراء سناء تاكايتشي لكاسيم جومارت توكاييف في اليوم نفسه. يحمل هذا الحدث البروتوكولي النادر دلالات سياسية واضحة. كما تعكس عدسة الكاميرا الموقف المحافظ والقومي لأول رئيسة وزراء في اليابان، مما يضفي على المشهد عمقاً وتعبيراً.
بحسب صناع الفيلم، فإن التكريم الذي مُنح للرئيس يُعد حدثاً نادراً حتى بالنسبة للدبلوماسية اليابانية، ويُنظر إليه على أنه علامة على الاهتمام والاحترام الخاصين بكازاخستان.

كما يُظهر الفيلم كيف قام الدبلوماسي والرئيس الفخري لاتحاد الدراسات اليابانية في كازاخستان، باتيرخان كورمانسيت، بتحليل العلاقات الكازاخية اليابانية بشكل شامل، مشيرًا إلى أهميتها الاستراتيجية.
ويؤكد الخبير قائلاً: “ينظر اليابانيون إلى كازاخستان كدولة تبادر بعمليات التكامل وتسعى بنشاط لتحقيق التقدم الاقتصادي. وهم يقدرون رئيس البلاد كدبلوماسي متمرس وذو خبرة عالمية”.
يسلط الفيلم الضوء على مشاركة رئيس الدولة الطويلة الأمد في منظومة الأمم المتحدة. وكانت زيارة قاسم جومارت توكاييف لجامعة الأمم المتحدة في طوكيو لحظة تاريخية، حيث ألقى محاضرة – وهي المرة الأولى التي يخاطب فيها رئيس دولة هذه المؤسسة.
وأشار الباحث الياباني وأستاذ جامعة هوكايدو توموهيكو أوياما بعد المحاضرة إلى أن كازاخستان قوة متوسطة مسؤولة تدعم النظام الدولي وتشارك بنشاط في العمليات العالمية.
وأشار الأستاذ إلى أن “كازاخستان أصبحت رائدة في مجال التحول الرقمي في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي. ويواصل الرئيس توكاييف تنفيذ الإصلاحات وتحديث البلاد. إن إمكانات توسيع التعاون مع اليابان هائلة”.
يسلط الفيلم الضوء أيضاً على المرحلة التاريخية لحوار “آسيا الوسطى + اليابان”. ففي عام ٢٠٠٤، شارك وزير الخارجية آنذاك، قاسم جومارت توكاييف، في تنظيم الاجتماع الأول في أستانا. ويظهر في الفيلم وزيرة الخارجية اليابانية السابقة، يوريكو كاواغوتشي، وهي تروي ذكرياتها عن اللحظات المحورية في الحوار.

يتناول الفيلم قضايا الأمن العالمي، بما في ذلك خطر الأسلحة النووية. ويُسلّط الضوء بشكل خاص على فهم رئيس كازاخستان لمصير دولتين وعواقب الأسلحة النووية.
“إن مآسي هيروشيما وناغازاكي وسيميبالاتينسك تُذكّرنا بأهمية اتباع نهج مسؤول تجاه قضايا الأسلحة النووية، وضرورة إظهار ضبط النفس. فبعد استقلالها، اتخذت كازاخستان قراراً تاريخياً بإغلاق موقع سيميبالاتينسك للتجارب النووية والتخلي عن رابع أكبر ترسانة نووية في العالم. لم يكن هذا دليلاً على الضعف، بل كان رؤية استراتيجية ثاقبة ضمنت السلام والأمن للبشرية”، هذا ما أشار إليه الرئيس توكاييف.
يتناول الفيلم الوثائقي أيضاً الجوانب الاقتصادية للتعاون الكازاخستاني الياباني. إذ تخطط شركة كوماتسو اليابانية لبناء مجمع إنتاجي حديث في أستانا لصيانة وتجديد المعدات. وتشارك شركة ميتسوي في المشروع، الذي سيسهم في إنشاء سلسلة إمداد دولية، وتطوير البنية التحتية، ونمو قطاعي الطاقة والصناعة.
خلال اجتماع مع رئيس شركة هيتاشي لمعدات البناء، ماسافومي سينزاكي، أكد الرئيس على أهمية تعزيز الإنتاج المحلي، والتحول الرقمي، وتطبيق التقنيات الصديقة للبيئة، وتطوير نظام نقل ذاتي القيادة. وتُظهر هذه المبادرات أن التعاون الحكومي الدولي يرتقي إلى مستوى جديد.

يتجاوز الفيلم نطاق المفاوضات الرسمية، إذ يصوّر لقاءات الرئيس الحيوية مع أبناء الجالية الكازاخستانية في اليابان، ومع مصارع السومو يرسين بالتاغول، المدافع عن شرف البلاد، ومع الموسيقي الياباني أكيرا تاكيغوتشي، الذي يُقدّر آلة الدومبرا، الآلة الموسيقية الوطنية لكازاخستان، تقديراً عميقاً. تُجسّد هذه اللقاءات الرابطة الروحية الوثيقة بين الشعوب.
“بالنسبة لي، الدومبرا آلة موسيقية مقدسة. إن رغبتي في العيش في كازاخستان تنبع من رغبتي في إتقان هذه الآلة بشكل مثالي”، يقول أكيرا تاكيجوتشي.
على مدى أكثر من 30 عاماً، عملت كازاخستان واليابان على بناء حوار قائم على الثقة أصبح أقوى وأكثر جدوى كل عام.
يُعد الفيلم الوثائقي “الشريك القوي” بمثابة سجل فريد لهذه العلاقات، ويُظهر بوضوح أهمية الدبلوماسية الكازاخستانية اليابانية.














