أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

قمة الجزائر المرتقبة بين الطموح والواقع..

khamisalqutaiti@gmail.com

 

قمة الجزائر المرتقبة بين الطموح والواقع..

 

تاريخيا احتضنت الجزائر ثلاث قمم عربية وجميع تلك القمم كانت في ظروف غير عادية، الاولى كانت في ٢٦ نوفمبر ١٩٧٣م بعد وقف اطلاق النار في حرب اكتوبر ١٩٧٣م وأقر بيانها الختامي شروط عربية للسلام بالانسحاب الكامل من الاراضي العربية المحتلة، وجاءت القمة الثانية التي احتضنتها الجزائر اثناء انتفاضة الحجارة بالتحديد في ٧ يونيو ١٩٨٨م وتم إعتماد قرارات مهمة منها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وكذلك الوقوف مع العراق وادانة السياسة الامريكية الداعمة لإسرائيل، وجاءت الثالثة التي استضافتها الجزائر بعد احتلال العراق في ٢٣ مارس ٢٠٠٥م والتي احتفلت فيها الجامعة العربية بمرور ٦٠ عام على تأسيسها، كل هذه القمم المنعقدة بالجزائر حملت خصوصية هذا البلد العربي بلد المليون ونصف المليون شهيد وكأن الاقدار تقدر للجزائر أن تستضيف العرب في ظروف استثنائية، ولا يختلف الحال هذه المرة حيث تستضيف الجزائر القمة المقبلة المتوقع انعقادها في مارس ٢٠٢٢م.

حتى هذه اللحظة لا نستطيع تأكيد انعقاد القمة العربية بالجزائر في موعدها المقرر في مارس المقبل رغم تحرك وفد الجامعة العربية برئاسة السفير حسام زكي الى الجزائر قبل ايام قليلة، كذلك لا يفوتنا هنا أن نشيد بالجهود الدبلوماسية الكبيرة التي تقودها الجزائر من أجل تهيئة الظروف لعقد قمة عربية ناجحة وجامعة، وكما ذكر الرئيس الجزائر في ديسمبر الماضي: “نريد من القمة العربية المقبلة أن تكون قمة جامعة شاملة ولن نكرس التفرقة العربية، إما تكون قمة جامعة وإما سيكون لنا نظرة أخرى”.

تأجيل القمة منذ عام ٢٠٢٠م بسبب جائحة كورونا وترتيب بعض الأوراق السياسية نأمل أن يتجاوزه الاشقاء العرب نظرا لأهمية هذه القمة في ظل أجواء عربية باهتة تنتظر التغيير، وأهميتها تكمن في عدد من الملفات التي لا بد من التصدي لها سواء السياسية أو الاقتصادية، وأهمية التنسيق والعمل العربي المشترك، وطرح عدد من الملفات العربية.

ما يتعلق بحضور القمة فمن المتوقع المطالبة بعودة الجمهورية العربية السورية الى مقعدها بالجامعة العربية، بحيث تكون قمة الجزائر بلد الثورات والشهداء هي المحطة الأولى التي تستقبل سوريا وتعيدها للحضن العربي، وهناك دول عربية أخرى تتفق مع الجزائر في هذا الشأن، وتمثل الرغبة الجزائرية المشددة بمشاركة سوريا وعودتها الى البيت العربي أهم النقاط التي تتبين خلال الأيام المقبلة التي تستبق القمة.

لا يمكن الافراط في التفاؤل ايضا فرغم انعقاد هذه القمة في الجزائر التي دائما ما تنحاز الى المواقف القومية وتكرس جهودها الدبلوماسية لصالح القضايا العربية وحافظت على جوهرها العروبي المعهود إلا أن هناك عوائق أخرى ربما تسبب شيء من التعثر لهذه القمة حيث تقف بعض الدول العربية على أحد طرفي نقيض حول عودة سوريا الى البيت العربي، لكن هناك جهود مأمولة من قبل الجزائر لاحتواء ذلك في الايام القادمة، كما لا يمكن أن نغفل الخلاف الجزائري – المغربي الذي قد يعثر تلك الطموحات بانعقاد قمة جامعة شاملة، اضافة الى قضية المصالحة بين الفصائل الفلسطينية فهذه كلها قضايا حيوية عصية التفكيك في ظل الغموض الذي ما زال يلقي بظلاله على الموقف العربي العام.

ملف آخر ايضا يمكن طرحه وهو إصلاح العمل العربي المشترك وارتباطه بموضوع تدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية، إلا أنه لا يمثل أولوية في الوقت الراهن، وهناك بعض المطالب بإحداث تقدم في معالجة بعض القضايا العربية مثل الاوضاع في سوريا وليبيا والسودان واليمن، وهي مطالب وآمال مشروعة رغم حالة التشاؤم التي تغلف الشارع العربي وامتعاض الجماهير العربية من تراجع المستوى الرسمي العربي في مواجهة بعض القضايا العربية المصيرية، وحالة التراجع السائدة إلا أن الحفاظ على استمرار مثل هذه الجسور العربية ومحاولة التصدي للقضايا العربية العالقة واستشعار أهمية العمل العربي المشترك يعتبر أمرا بالغ الأهمية.

المتغيرات الدولية التي يشهدها العالم وبروز أقطاب دولية جديدة تتطلب من العرب التقارب ووحدة الموقف وإعادة القضية الفلسطينية الى واجهة المشهد العربي، وهذه المتغيرات ينبغي أن تمثل حافزا جيدا لوضع النقاط على الحروف وقراءة الواقع السياسي العربي والدولي بشكل دقيق، كما أن هناك قضايا عربية ساخنة تتطلب الانعاش وتقديم معالجات ناجعة لها، لأن القضايا العربية لا يمكن حلها من الخارج بل في داخل البيت العربي بما يضمن تجنب التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، وعليه يجب أن تتحمل كل الدول العربية مسئولياتها تجاه القضايا العربية.

القمة العربية كانت في زمن سابق تعتبر أهم المحطات العربية التي تهدف الى اعلان موقف عربي جماعي موحد، ولا شك أن الجماهير العربية اليوم تتمنى الحفاظ على الحد الأدنى من هذه التطلعات والآمال، وهذه الآمال حاضرة بقوة في الشارع العربي ويجب استحضارها في أذهان القيادات العربية للخروج بمواقف موحدة وآلية عمل واضحة، وقبل ذلك يتطلب إرادة عربية حقيقية، وهنا تتطلع الجماهير العربية نحو قمة الجزائر على أمل أن تحقق قمة الجزائر تلك الآمال والتطلعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى