أصداء وآراء

المشروع الكبير القادم للمنطقة .. الجزء (5)..

إتفاقية عبد الناصر تتكرر من طهران لتُربك واشنطن وتل أبيب .. ومحور الشر الجديد يُحرج أمريكا والناتو !!

 

 

الكاتب/ سميـر عبـيد

خبيـر ومحلّل سياسي – العراق

 

 

المشروع الكبير القادم للمنطقة .. الجزء (5)..

 

إتفاقية عبد الناصر تتكرر من طهران لتُربك واشنطن وتل أبيب .. ومحور الشر الجديد يُحرج أمريكا والناتو !!

 

بايدن وإدارته في حالة تخبط !!..

١- صُدم الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته  بتنفيذ توقيع الاتفاقية الإستراتيجية بعيدة المدى (25 عاماً) بين طهران وبكين والتي تحتوي على بنود سرية غير معلنه ـ والذي قال عنها الرئيس الأميركي بايدن و بُعيد ساعات من توقيت الاتفاقية الإستراتيجية بين طهران وبكين : إننا (قلقون منذ سنوات بشأن الشراكة التي نشأت بين الصين وايران).

٢- بحيث لم يعرف الرئيس بايدن كيف يتصرف وبات في حالة تخبط بدليل ظهرت المتحدثة بأسم البيت الأبيض جي ساكي بتاريخ ٣٠ آذار ٢٠٢١ لتقول (نحن نفكر بفرض عقوبات على إيران والصين لمواجهة الاتفاقية الصينية الايرانية ). فعادت ادارة بايدن بتاريخ ١ نيسان ٢٠٢١ أي بعد ساعات من تصريحات ساكي ومن خلال بيان يقول ( ان للولايات المتحدة مصالح مشتركة مع الصين في الملف النووي الايراني) والملفت ان البيان  لم يبدي رفضاً أو تنديداً بالاتفاقية الاستراتيجية بين طهران وبكين .وواضح ان البيان يؤشر لحالة عدم استفزاز مع الصين وايران معا. 

٣- لا سيما وان صقور المحافظين في الولايات المتحدة لم يخفوا توجساتهم وخوفهم عندما قالوا : (إن هذه الاتفاقية بين طهران وبكين دليل على بروز محور جديد مناهض لواشنطن)، وكلام صقور المحافظين مقلق جدا للرئيس بايدن الذي لا يتحمل ضغوطاً إضافية؛ بحيث سارعت ادارة بايدن للاتصال بالأوروبيين ليضغطوا على ايران لتقدم مقترحا جديدا لإحياء الاتفاق النووي . تصوروا واشنطن تتوسل بإيران وعبر الأوربيين لتقدم مقترحا يبقي على ماء وجه الولايات المتحدة وبايدن شخصيا!

لا سيما وأن تلك الاتفاقية ليست لسنة أو سنتين ليتم وضع إستراتيجية تعطيل أو اهمال لها من قبل واشنطن؛ بل هي  طويلة وتمتد لـ 25 عاماً وهذا يعني تأسيس ركيزة  امحور عالمي جديد. خصوصا وان بنودها تشمل تعاونا تجاريا وعسكريا وتكنولوجيا وتقنيا .وهناك بنود سرية اضيفت أخيرًا تتعلق بالجانب العسكري والتقني .

اتفاقية “عبد الناصر والسوفيت” تخرج من طهران مجددا !!..

١- أنّ هذه الاتفاقية الإستراتيجية التي تم توقيعها بين طهران وبكين تُذكرنا بالاتفاقية التي أبرمت في الستينات من القرن المنصرم بين القاهرة وموسكو. أي بين الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والقيادة السوفيتية آنذاك. والتي كان لها أثرًا مهما على إسرائيل في حينها .بحيث قيدت حركة اسرائيل لعقد من الزمان! ومن هنا دب الخوف والتوجس في إسرائيل من هذه الاتفاقية طويلة المدى بين ايران والصين !.

٢- فإسرائيل دخلت في حالة إنذار إستراتيجي  حقيقي ،وسوف يؤثر حتى على مخططات إسرائيل الأمنية والاقتصادية والتجارية مع دول الخليج التي طبعت معها أخيرا . وهذا سينعكس على دول الخليج المطبعة التي باتت في وضع لا تُحسد عليه!…….فلقد حذرت تقديرات إسرائيلية من التداعيات الخطيرة لوثيقة التعاون الشامل التي وقعت عليه إيران والصين على المصالح الاستراتيجية لإسرائيل؛ بحيث بات التحالف الأمني بين إسرائيل والامارات ودول الخليج الاخرى و الذي اعلن عنه وزير الخارجية الأميركي الأسبق بومبيو بأنه  تحالف ضد إيران قد سقط تماما لأن أي تصرف واحتكاك مع إيران  من قبل هذا التحالف  سوف يكون احتكاكا ً ضد الصين التي تمتلك سلاح ( الفيتو) في مجلس الأمن! !.

٣- فتعتقد إسرائيل أن هذه الوثيقة الاستراتيجية التي وقعتها طهران وبكين ستعزز من قدرة إيران على المساومة في موضوع التفاوض على أي اتفاق جديد مع الولايات المتحدة، وبالفعل صرح مسؤول إيراني كبير بُعيد التوقيع على تلك الاتفاقية بين طهران وبكين قائلاً : (إن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وفقا للفقرة 36 من الاتفاق النووي ولن يتم إيقافه إلا إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات)، وقال مسؤول ايراني آخر (إن إدارة بايدن تضيع الوقت وإذا لم ترفع العقوبات قريبا، فإن إيران ستتخذ خطوات إضافية  بخفض المزيد من التزاماتها بالاتفاق النووي).

٤ -ولقد قال رئيس مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة حيفا دان شفطان : إن (الاتفاق الصيني الايراني الأخير تهديد إستراتيجي يمكن أن يتطور إلى تهديد وجودي لإسرائيل).

وقالت صحيفة يسرائيل هوم المقربة من رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو عن تلك الاتفاقية الاستراتيجية بين طهران وبكين : إنه (في حالة استنفذت الصين وايران كل الطاقة الكامنة في اتفاق التعاون فإن هذا التطور يمكن ان يحول الشرق الأوسط الى “ساحة حرب باردة” بين القوى العظمى وسوف يشكل تهديداً كبيراً على إسرائيل).

محور الشر يتقدم خطوات إستراتيجية!!..

١ -في يوم ٢٤ آذار ٢٠٢١ وبكل غطرسة وتكبر أعلن وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن عن محور الشر الجديد الذي سوف تقف بوجهه ادارة بايدن والمتكون من (روسيا، والصين ، وكوريا الشمالية ، وايران)، وعندما قال ذلك خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول حلف (الناتو) في بروكسل مؤكدا ان تلك الدول تمثل تهديداً عسكريا بالنسبة للولايات المتحدة ودول الغرب بشكل عام، وأردف قائلاً : إننا (نواجه ثلاث تهديدات وهي “عسكرية، واقتصادية، وتكنولوجية” ونضيف عليها الازمات العالمية مثل جائحة كورونا ،والمناخ . 

فرد عليه حلف ” الناتو ” مساندا  من خلال مطالبة الحلف بتفعيل بند الدفاع المشترك والتعهد للتصدي لعدوانية روسيا والصين. 

٢-وبعد تلك التأكيدات قالت وزارة التجارة الصينية بتاريخ ٢٥ آذار ٢٠٢١ : إن “بكين ستبذل جهوداً لحماية الاتفاق النووي الايراني وتدافع عن مصالحها المشروعة في العلاقات مع طهران ” .وكانت بمكانة تهديد استباقي للجميع وقبل توقيع الاتفاقية بين طهران وبكين التي وقعت  بتاريخ ٢٨ آذار ٢٠٢١ .بحيث حتى  كوريا الشمالية قررت ارسال رسالة كورية متميزة عندما  ذهبت بإرسال رسائل الى واشنطن من خلال اختبارات الصواريخ الجديدة قصيرة المدى.

٣ -وروسيا من جانبها أرسلت رسالتها المساندة ولكن بلغة اخرى عندما رفضت روسيا دعوة (وكالة ناسا) من اجل ان تنضم روسيا الى مشروع (أرتيمس) الذي سمي تثمينا لشقيقة ( أبولو)التوأم . وذهبت روسيا لتخطط لمستقبلها الفضائي مع الصين بدلا من واشنطن وهو تأكيد على الاصطفاف الروسي مع الصين.

وبالفعل وقعت وكالة الفضاء الروسية (روسكوسموس) على اتفاق مع ادارة الفضاء الوطنية الصينية لإنشاء (محطة قمرية علمية دولية) تستطيع التوصل مع جميع الدول والشركاء الدوليين المهتمين بهذا المشروع، وهذا يعني تطويق للولايات المتحدة في الأرض والسماء والاكتشاف والتكنولوجيا من اجل زحزحة هيمنة واشنطن !! وهذا ما علق عليه الرئيس الفرنسي ماكرون بتاريخ ١ نيسان ٢٠٢١ قائلا : إن (هناك خطراً لحرب عالمية من نمط جديد ضد أوربا وينطلق من روسيا والصين ) ليتناغم مع تصريح وزير خارجية الاتحاد الاوربي جوزيب بوريل الذي قال : هناك “خطر اتحاد روسيا والصين”!!.

وهذه مؤشرات بل خطوات عملية لانتقال حتمي في طبيعة العلاقات الدولية لولادة عالم جديد تسبقه منافسة جيوسياسية وجيواقتصادية وها هي قد بدأت بالفعل وحتما ستنتقل الى منافسة عسكرية واجتماعية وثقافية بين مناطق كبرى ومهمة وحساسة .فالعالم بات واصخاً انه ذاهب نحو علاقات معقدة بين الدول سببه تعدد القطبية !  

الخلاصة ..

لم يبق أمام ادارة الرئيس الاميركي بايدن إلّا مشروعه الذي بدأ فيه داخل السعودية والذي تنبه له أنصار الله / الحوثيين وشرعوا إلى محاولة تعطيله من داخل السعودية من خلال الصواريخ والمسيّرات، وهو المشروع الذي تنوي من خلاله ادارة بايدن جعل السعودية قاعدة عسكرية وتكنولوجية وتقنية، والاندفاع نحو المضايق البحرية هي وبريطانيا في محاولة لتأسيس مصدّ يصدُّ الاندفاع الصيني الروسي الإيراني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى