أصداء وآراء

هيلين طوماس حاضرة وتقدم لنا خلاصة الرواية حول سيطرة اللوبي الصهيوني !!..

الكاتـب/ نـواف الـزَّرو

باحث خبير بالصراع العربي الإسرائيلي

Nzaro22@hotmail.com

 

هيلين طوماس حاضرة وتقدم لنا خلاصة الرواية حول سيطرة اللوبي الصهيوني !!..

 

تمخضت الإنتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة عن جملة من الأسئلة الكبيرة حول السياسات الأمريكية القادمة في ظل إدارة الرئيس الجديد “جو بايدن”، وهل سيختلف عن الرئيس ترامب يا ترى في سياساته الشرق أوسطية والفلسطينية – الاسرائيلية ؟، أم سيواصل سياسات ترامب الإسرائيلية تحديداً، مما يعني أن شيئا جديدا لن يتغير على هذا الصعيد ؟!، وغير ذلك من الأسئلة المهمة.

إرتأيت في هذا السياق أن أستحضر بالمناسبة رواية هيلين طوماس حول العلاقة العضوية الراسخة بين اللوبي الصهيوني والبيت الابيض، فقد كانت الإعلامية الأمريكية المخضرمة هيلين توماس قد اطلقت صرخة – شهادة كبيرة بالغة الأهمية التوثيقية والسياسية فقالت : ”إن اليهود في الولايات المتحدة يسيطرون على البيت الأبيض الامريكي وكذلك على الكونغرس هناك”.. السبت (19/ 03/ 2011)، ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن توماس التي عملت صحفية في البيت الابيض الامريكي لستة عقود متواصلة تأكيدها : ”إن هذه السيطرة اليهودية على هذه المؤسسات تامة”، واكدت توماس : ”إن اليهود يملكون سيطرة تامة على البيت الأبيض وكذلك على الكونغرس”، مشيرة إلى ”أن كل شخص يعمل هناك هو في واقع الأمر في جيب اللوبي الإسرائيلي هناك”، في اشارة الى جماعات الضغط الأمريكية المؤيدة لإسرائيل,

وكانت توماس التي عملت على تغطية ما يجرى في البيت الابيض الامريكي لمدة ستة عقود قد اجبرت على الاستقالة من عملها من شركة “هيرست” الاعلامية بعد ان اكدت في مقابلة صحفية:”ان على اليهود ان يذهبوا الى الجحيم خارج فلسطين”، ودعت في تصريحاتها هذه اليهود “إلى مغادرة فلسطين والعودة الى بيوتهم التي جاءوا منها في بولندا والمانيا والولايات المتحدة الامريكية”.

وقالت جيروزاليم بوست ” ان الصحفية توماس لم تظهر أي اسف على ملاحظاتها هذه حيث اصرت في مقابلة اجريت معها مؤخرا على ما تؤمن به مؤكدة:” ان للاسرائيليين حق الوجود لكن في البلاد التي ولدوا فيها اصلا “، متسائلة:” لماذا كان يتوجب علي ان لا اقول ما قلته .. انا اعرف تماما ما كنت اقوم به واعرف اني كنت اتجه نحو التعرض للكسر وافهم اني بتصريحاتي هذه وصلت الى نقطة اللاعودة في علاقاتي مع هؤلاء الذين ضاقوا بي ذرعا “، ونفت توماس ” الاتهامات التي وجهت لها بأنها معادية لليهود ” مضيفة بالقول ” انا اعتقد انهم شعب رائع وهم كان لهم نظرة اعمق حيث كانوا قادة للحقوق المدنية وهم دائما كسبوا قلوب الاخرين دون ان يكسبوا العرب منهم “، وشددت على القول” انا ولسبب ما لست ضد اليهود .. انا ضد الصهيونية“.

وفي إجابة لها عن سؤال يتعلق بمدى اعتقادها بوجود مؤامرة سرية يهودية يجرى العمل على تنفيذها في الولايات المتحدة قالت توماس” ان هذا ليس سرا .. انه امر معروف وواضح للغاية . واضافت ” ان كل واحد من هؤلاء ( في البيت الابيض والكونغرس ) هو في جيب جماعات الضغط المؤيدة لاسرائيل والتي يتم تمويلها من خلال انصار اغنياء بما في ذلك هؤلاء من مدينة (نجوم السينما هوليوود) وكذلك الامر من الاسواق المالية حيث لهؤلاء سيطرة تامة هناك”.

وكانت توماس قد استقالت من عملها في شهر يوليو من العام 2010 وسط ضجة عنيفة أثارتها دعوتها لليهود بمغادرة فلسطين والعودة من حيث أتوا، واضطرت هذه المراسلة والتي تعد الأقدم في البيت الأبيض إلى الإعلان عن تقاعدها فورا وكانت تعتبر عميدة الصحفيين بالبيت الأبيض ومن أقدم العاملين بالمقر الرئاسي الامريكي، وقد بدأت العمل في البيت الابيض خلال ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي في حقبة الستينيات، وهي من كتاب الأعمدة في شبكة “هارست الإعلامية الأمريكية الكبيرة”.

كانوا يعتبرونها أيقونة الإعلام الأمريكي التي من المفترض أن ترتقي الى مستوى قدّيسة لديهم…

مواطنة أمريكية عملت مراسلة صحفية واعلامية كبيرة على امتداد العديد عشر ادارات امريكية منذ عهد كنيدي في مطلع الستينيات….! 

كانت مقربة ومستشارة اعلامية لهم على مدى اكثر من نصف قرن من الزمن.

وفية معطاءة خبيرة محترفة بشهاداتهم..

غير أن كل هذا التاريخ لديها لم يغفر لها، ولم يشفع أمام لحظة حق وحقيقة أطلقت فيها ما كانت تؤمن به طوال عمرها. 

لم يغفر لها تاريخها وتراثها وعطاؤها وانتماؤها وخدمتها وولاؤها وبيتها الأبيض الذي قضت فيه العقود وعاصرت فيه الإدارات والرؤساء، فقد آلمت “اسرائيل” و ”شعب الله المختار…”.

إنها هيلين طوماس التي أجهزت دقيقة حقيقة واحدة عليها وعلى 60 سنة خدمة من عمرها…!. 

أجهزوا عليها في الإدارة الأمريكية وفي العلاقات العامة وفي مكانتها الإجتماعية، وكذلك في عمودها اليومي في صحيفتها .. حيث أحالتها مجموعة هيرست نيوز سيرفس – التي تعمل لديها كاتبة عمود إلى التقاعد وشطبتها من سجل الكتاب..

تصوروا حجم العقاب والانتقام ..

فقد تجرأت هيلين على التعليق على جريمة “إسرائيل” ضد أسطول الحرية مثلاً قائلة : ”تذكر أن ؤلاء الناس (الفلسطينيون) تم احتلالهم، وهي أرضهم، ليست ألمانيا ولا بولندا”، وقالت بإمكانهم (الإسرائيليون) أن يذهبوا إلى ألمانيا وبولندا وأميركا أو أي مكان آخر”، مضيفة : ”فليرحل اليهود إلى بلادهم، وليتركوا البلاد للفلسطينيين فهم أهلها وأصحابها”..

هي لم تنطق كفراً .. بل نطقت عدلاً – ربما صحوة ضمير متأخرة ولكنها كبيرة الأهمية هنا – بعد أن صمتت دهراً ! 

فاختزلت مجلدات ضخمة في الصراع بعبارة واحدة مكثفة مفيدة، فقدمت للعالم خلاصة الرواية وأصل القصة والقضية والصراع..

طلبوا منها الاعتذار الواضح الصريح فلم تستجب..

حتى الرئيس أوباما أعرب عن ارتياحه بالتخلص منها : ” من المؤسف أن تنهي سيرة حياة إمرأة مؤسِّسة في واشنطن بهذا الشكل .. فأقوالها مرفوضة وآمل أن تكون هي تدرك ذلك”، مضيفا : ”أن ملاحظات توماس لم تكن في محلها، مؤسف أن تنهي سيرتها هكذا رئاسية”.

لم تكن هذه الحالة الأولى من نوعها، فهم في الدولة الصهيونية والإدارة الأمريكية يربطون ربطاً واضحاً وقوياً ما بين جرأة الإنتقاد لممارسات وجرائم”إسرائيل”، وما بين فزاعة اللاسامية والإرهاب ؟، فهيلين تحولت بسرعة ضوئية إلى معادية للسامية .. هذه الفزاعة التي من وجهة نظرهم تطل برأسها بقوة تقلق ”اسرائيل” وتحد من حريتها الإجرامية !!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى