أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

قـبـول الأعـمـال..

حبيـب بن مبـارك الحبـسي

 

قـبـول الأعـمـال..

 

استمعت ذات يوم لمحاضرة في أحد المساجد؛ أحيي الخطيب الكريم على استغلال المناسبة للحديث عن سيرة ومناقب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث كانت المناسبة عن مولده الكريم ، فقد كان الأسلوب جميلاً في الطرح ، لكنه عرج بنا قبل أن يختم خطبته الثانية لقضايا مثار جدل في الفقه ، وأردف قائلاً بأن الله تعالى لا يقبل من هؤلاء لا حج ولا صيام ولا صلاة ، شعرت عندها بانقباض ، ليته لم يخض بالحديث في هذا الأمر.

مسائل القبول للأعمال مرهونة للخالق جل في علاه ، فلا نتأول على الله شيئا ونبعد أنفسنا في الحكم بذلك.

على من يريد أن ينبه ويوجه ويرشد الناس ؛ عليه قبل أن يحدث الناس الإلمام بما حوته كتب التفسير والفقه على اختلاف الآراء الفكرية في ذلك ؛ لأنه سيحدث الناس في أمور مهمة ، ولابد من التدرج والتبين والتسهيل والترغيب في الطرح ، واتباع فن العرض بطريقة محببة ؛ تاركاً الموضوع للمستمع الكريم.

الحديث في بعض الأمور يجب أن ينظر إليه من زوايا مختلفة ؛ فهناك قناعات ، وهنالك نصوص ، وهنالك وسائط علينا أن ندرسها جيداً ؛ لأن للبشر طبائع ، ولهم نقاط كمداخل يجدون أنفسهم بحاجة إلى تبصير فيها بمرونة ؛ فتتوقف عندهم ردة الفعل فيسلمون بما جاء بالمقاصد ويستغفرون الله تعالى ويتوبون إليه إذا شعروا بأنهم على خطأ وفي تقصير.

نحن بشر حبانا الكريم بفضله لنكون من ملة الإسلام ، رغم ما بنا من قصور واخفاقات ونقص ، فنحن موحدون نعبد الله وحده لا شريك له رغم تقصيرنا ، نسأله أن يتقبل منا صلاتنا وأعمالنا ونسكنا ، ونحن في وجل من ذلك ؛ فكيف نحكم على شخص مقصر في عمل عدم قبول أعماله ونسكه ؟!، هذه العلاقة بين العبد وربه لا تدخلوا فيها أبدا مهما كان ؛ فلا تدرون ما هو السر بين العبد وربه ، هذه أمور غيبية ولا يحل بأي حال من الأحوال أن تحكموا فيها إطلاقا.

يعجبني الشخص المستغرق في حياته بنفسه ، شاغلاً وقته في الاستغفار والتوبة والتقرب إلى الله تعالى نادماً على تقصيره وخطئه ، إن انتقد صمت فأفلح ، وإن عوتب تقبل ولم يرد ؛ كراهة أن تتحول صورة الأخوة الى خلاف وشقاق ، نادماً على ما فوَّت.

نحتاج إلى الرقي في أطروحاتنا ، وإلى التبصير والتبصر ، وأن نقرأ ثم نقرأ سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، بتفاصيل دقيقة ؛ سنكتشف عندها عمق المعاني الجميلة ، والأسلوب الراقي ، والنفوس الزكية ،والقلوب التي تستقبل.

رحلة البحث في سبر أغوار السيرة العطرة ستلهم كل خطيب ومتحدث بصائر تعينه إلى الوصول لقلوب من يحدثهم ، وعلينا أيضا أن لا نزكي أنفسنا ، وأن نحاسب أنفسنا فيما نطرحه للآخرين ؛ لأن كل كلمة أمانه ومسوؤلية ، بسببها سيأخذ بها الفرد نحو كل تغيير ؛ فالسلامة فيما نقول.

ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى