أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

خطوات دامية في نهاية المشهد..

ياسمين عبدالمحسن إبراهيم

مدربة في مجال استكشاف الذات

 

خطوات دامية في نهاية المشهد..

 

سيخبرك الناس عن روعة أثر خطواتك، ثم يسألونك من أين تستجلب كل تلك القوة لتحفر بصمتك أينما خطت قدماك، ينظرون إليك بتعجب من أنت؟ هل أنت من سلالة هرقل أم جئت من الفضاء لا تعرف شيئا عن الهموم والأحزان؟، من أين لك بكل هذا التفاؤل غير المبرر؟، كيف تحاوطك النار من كل مكان ولا زلت على نفس الهدوء والثبات؟، كيف لابتسامتك ذلك الأثر الغريب في قلوبنا؟!

في بداية المشهد..

سيخبرونك أنك مخدوع في نفسك، وأنك لا تملك رسالة حقيقية كما تزعم، وأنك تهدر العمر على لا شئ، سيقولون لك إنك تسعى بغير هدف، سيطلبون منك أن تتخلى عن كل شي، فمن وجهة نظرهم ما تمر به من صعاب ما هو إلا نتيجة الشخصية العنيدة التي تمتلكها، سيبذلون الغالي والنفيس من أجل إقناعك أن ما تفكر فيه ما هو إلا الوهم، وأن عليك أن تكون مثلهم مثل باقي السرب لا تفكر ولا تحلم ، سيقولون لك حاول فيما بعد ، امش معنا على الدرب الآن و لاحقا ولأجل غير مسمى ربما تحاول مرة آخرى.

خلال الرحلة سيكون الوضع كالتالي :

يمدحونك ويثبطونك في ذات اللحظة، يصفقون لك بقوة ومتى كان صوت التصفيق عاليا هلعوا وانهالوا عليك بالضرب بلا سبب.
ثم بينما أنت شارفت على الاقتراب من هدفك حينها سيخبرونك أنك تحاول في الاتجاه الخاطئ، وأن لا شئ يستحق كل هذا العناء، فالجميييييييع مستريح في حياته إلا أنت أيها الغريب، فتتعثر في الطريق، فتصيح ألسنتهم : ألم نخبرك أيها الأحمق أن الأمر لا يستدعي كل هذا العناء؟!.

لحظة من فضلك، تخيل أن هذا كله مشهد مصور، قم بتثبيت المشهد هنا وانظر من هم هؤلاء من الأساس، كيف هي حيواتهم، هل هذه الحياة التي تريدها؟.

لا تجيب الآن على السؤال، فأنت مشوش من تزاحم الأفكار، وربما مصاب من أثر حروبك السابقة، أمهل نفسك القليل من الوقت وتعال معي نتناقش.

خلقنا الله لنعمر في الأرض .. صحيح؟، وأولى أوجه العمار هو عمار القلوب التي تسكن الأرض، ما نقول حب و غرام، ولكن عمار القلوب بالرحمة، إن تآلفت القلوب صفت وارتقت، وإن اختلفت رحلت في سلام، بلا ضرر ولا ضرار، والعفو خير وأبقى، ثم تأتي مرحلة الاستكشاف كيف تعمر شي أنت لا تعرفه، روعة الحياة لا تأتي بعد استلام الراتب، ولا بعد حفل الزفاف، روعة الحياة تأتي بالملاحظة والتدبر في عظيم خلق الله، في نفسك وفي من حولك وفي الكون الذي سخره الله لك، كيف خلق الاختلاف بيننا لنتكامل، إن كنت مقتنع بهذا الأمر فأنت تحيا رحلة استكشاف لا تقل قيمة عن رحلات اكتشاف هؤلاء العظماء الذين دخلوا التاريخ في شتى المجالات لأنفسهم و لقدراتهم وأصبحوا نماذج ناجحة تُدرس الآن.

أنت الآن في منتصف أرض المعركة، تحارب نفسك، تحارب شيطانك، تحارب المعتقدات الخاطئة، تحارب يأسهم وسلبيتهم، تحارب من أجل السلام وإن كان الشر أسهل، تقاوم مقاومة البواسل حتى لا تزل قدمك في منحدر الاستسلام، تحارب من أجل الحرب حتى لا تخمد نارك، تحارب حتى لا تصبح تلك النسخة الباهتة التي أنفقت الكثير من عمرك حتى تبتعد عنها قدر ما استطعت.

تنام و دموعك قد أغرقت وسادتك،ثم تعود للناس من جديد لترسم أثرك الطيب، لتلامس بصمتك الخيرة، لتدرك أنك خلقت لسبب استحق كل هذا العناء الذي تعانيه.

لقد حاربت القبح بالجمال…، بينما توفر لديهم الكثير مما نقص لديك، كنت أنت الأقرب لحسن الظن بالله وصدق اليقين.

أنت بطل وإن أبت ألسنتهم النطق بذلك، لو كنت تقرأ كلماتي وأنت تحاول محاولاتك الأخيرة للحفاظ على أفضل نسخة من نفسك، فأنت بطل عظيم، تذكر ذلك.

وإليك تذكرة بسيطة : “أعظم النجاحات تأتي بعد أشق العثرات”.

عزيزي القارئ يرى الناس ما يشغلهم فقط، أما ما يفتقرونه أو ما يتمنون حدوثه، فلا تلوم قصر نظرهم فيما تصنع، فهناك أشخاص يصنعون المجد، وآخرون يدرسونه رغما عنهم.
الجميع يريد النتيجة النهائية.
لا أحد ينظر أو يتمعن أو يتدبر فيما قبل النتيجة النهائية.

تلك النجاحات التي يحسدها أو يغبطها البعض فيك لم تأتِ بينما أن تتنعم بسرير دافئ وسط أهلك اللطفاء بين إيمان وتشجيع من الجميع.
تلك النجاحات تحققت برحمة الله بعد ألف محاولة فاشلة ومليون كلمة بائسة ومئات النظرات اليائسة.
حتى فشلك الذي تحزن منه الآن لم يأتي بينما كنت تحاول أن تجتاز مستوى معين في لعبة ما بينما أنت مستلقٍ على الأريكة تنتظر أمك أن تعد لك الغداء، ربما لم تمتلك حينها ثمن الغداء، لقد جاء هذا الفشل العظيم من قلب تجربة قاتلة خرجت منها منتصر بأنك لازالت حيا وستأخذ استراحة محارب و تعيد ترتيب خطتك ثم تعود للحرب من جديد.

لا تدعهم يقنعونك بأن عليك أن تستلم أو تعود أدراجك، تذكر أن “حاشاه جل علاه أن يحيي فيك أملا ثم يقتله”.

خطواتك الدامية التي تقاوم بها المجهول بحسن السريرة وصدق اليقين من أجل الوصول لهدفك أيا كان، لن تذهب سدى.

أثرك الطيب الذي زرعته في النفوس أنت غير مسؤول عن الأرض التي زرعت فيها، ربما أرض بور لا تنبت، ومهما تأخر الحصاد حتما في يوم ما قريب ستحصد ما لا يتوقعه أحد، ستحصد الخير فرب الخير لا يأتي إلا بالخير.

دع الناس
دع الناس
دع الناس

قل الخير واصمت ما استطعت.
لا تفرح بمدح ولا تأسَ لذم ولا تنتظر الشكر ولا تحزن عن نكران جميلك.
إفعل الخير خالصا لله وامض ما استطعت.

وفي الختام :
أدع الله لنفسك أن ينير الله بصيرتك لرؤية الحقيقة صافية كما هي دون خداع أو تزييف، أدع الله أن يمنحك الرضا والقبول لكل محطات الحياة وتجاربها، أدع الله البركة في العمر، والصحة، والرزق، والوقت، أدع الله أن يجعل الرحمة تحيط بك دائما،وأن تكون روحك خفيفة مبشرة بالخير أينما كنت..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى