قضايا أصداء

لقاء مع متعافي من التعاطي..

لقاء مع متعافي من التعاطي..

 

التجارب الشخصية ذات أثر عميق في نفوس أصحابها أو من يسمعها، فهي تساهم في توجيههم واستفادتهم والتعلم من أخطائهم، وستسلط الأسطر القادمة الضوء على تجربة ذات تأثير كبير في نفس صاحبها وكيف غيرت حاله بعد أن كان يعاني الأمرّين إلى شخص ناجح في حياته.

وعند اللقاء بأحد “المتعافين” من أثر المخدرات كان الظن بأن نجد شخصاً محبطاً تكسرت مجاديفه بإعصار المخدرات، إلا أن حيويته ونشاطه ومواجهته للصعاب بكل عزم وإصرار، جعلته يستطيع النهوض مرة أخرى ولم يترك ماضية الأسود يسيطر عليه، ودار بيننا الحوار التالي :

* حدثنا عن بدايتك في تعاطي المخدرات؟

كانت بدايتي في تعاطي المواد المخدرة بتدخين مخدر “الحشيش” كنت في سن الخامسة عشر، وكغيري ممن تعاطوا المخدرات فإن الوصول لهذه المرحلة يسبقها تجربة تدخين السجائر وشرب الكحول.

* ما هي الأسباب التي دفعتك لتعاطي المخدرات، وكيف وصلت لمرحلة الإدمان؟

أعتقد أن مرحلة الطفولة التي مررت بها كان لها دور كبير في تكوين شخصيتي، فقد عانيت من التفكك الأسري، فقبل وصولي لسن الثانية عشر تعرضت للعديد من الإساءات والتنمر بسبب وضعي الأسري فأمي كانت تقضي عقوبتها في السجن وعائلتي مشتتة وأصحابي كانوا رفقاء سوء، وبعد وفاة والدي وأنا في سن الرابعة عشر زاد الوضع سوءًا فبدأت بالتدخين وشرب الكحول وبعدها تعاطي المخدرات إلى أن وصلت إلى سن التاسعة عشر، حيث أقلعت عن تعاطي المخدرات بعد عدة محاولات وذلك بعد إحساسي بالمسؤولية وزيادة الاعتماد عليّ فبدأت في العمل وتكوين حياة أسرية جديدة وقد تزوجت ورزقني الله بطفلين، بعدها بست سنوات عدت إلى تعاطي المواد المخدرة بسبب صدمة عاطفية وتدرجت في استخدام مختلف أنواع المخدرات إلى أن أدمنت عليها وأصحبت في وضع سيء جداً.

* ما هي الجريمة التي تم ضبطك فيها؟

عند وصولي إلى سن (35) تم ضبطي في قضية تعاطي مخدرات، وفي السجن التقيت ببعض أصدقاء الطفولة الذين كانوا سبباً في انحرافي ورأيت كيف كانت حالتهم سيئة ووضعهم مُزري، وهذا الموقف جعلني أراجع نفسي وأفيق من غيبوبتي لأخرج من المستنقع الذي انغمست فيه ودمر حياتي.

* حدثنا عن فترة العقوبة وكيف قضيتها، وما هي الخدمات (النفسية والصحية) التي تلقيتها أثناء هذه الفترة؟

بعد ضبطي في قضية التعاطي، تمت إحالتي إلى مستشفى المسرة لمدة 47 يوماً تلقيت خلالها الرعاية الصحية والنفسية اللازمة للإقلاع  عن تعاطي المخدرات، ولله الحمد كانت رحلة العلاج ناجحة، علماً بأنه سبق وأن تنومت في المستشفى أكثر من مرة لكن لم أكن أكمل العلاج، غير أنني هذه المرة كنت جاداً في ذلك.

وبعد انتهاء فترة العلاج في مستشفى المسرة تمت إحالتي إلى مركز بيوت التعافي والذي مكثت فيه لمدة ثمانية أشهر خضعت خلالها لبرنامج “أسلوب حياة” بمتابعة وإشراف من مرشدين وإخصائيين اجتماعيين ونفسيين.

* كيف تمكنت من التعافي والابتعاد عن المخدرات، ومن هم الأشخاص أو الجهات التي ساندتك أثناء ذلك؟

 يرجع الفضل في إقلاعي عن تعاطي المخدرات إلى أحد أفراد أسرتي والذي ساندني كثيراً خلال فترة العلاج، كما أن للجهات الحكومية المعنية بمكافحة المخدرات دور كبير في علاجي وتأهيلي للاندماج مع المجتمع، كما لا أنسى وقوف جهة عملي معي حيث قاموا بصرف رواتب عشرة أشهر أثناء خضوعي لبرنامج العلاج، وبعد الانتهاء من العلاج رجعت إلى عملي في نفس الشركة، وأصبحت فرداً منتجاً وتدرجت في عملي وحصلت على عدة ترقيات، وأنا الآن، ولله الحمد، أكمل دراسة البكالوريوس في علم النفس.

* حدثنا عن التغيير الذي حدث في حياتك اليومية بين الفترة الحالية وأنت متعافي والفترة التي كنت فيها مدمناً للمخدرات؟

لقد تغيرت حياتي بشكل كامل بعد التعافي، فعلاقتي مع خالقي والتي كنت أفقدها هي الآن بوصلتي وموجهي، كما تحسنت علاقتي مع مَن حولي، وخاصة أبنائي الذين أصبحوا أقرب الناس إلي وأحرص على تربيتهم أحسن تربية، وكذلك علاقتي مع المجتمع والاحترام المتبادل بيننا وتفهمهم للمرحلة التي مررت بها.

* ما هي نصيحتك للشباب، وهل من كلمة تود توجيهها سواء للجهات المعنية وللمجتمع بشكل عام؟

أوجه نصيحتي بشكل خاص إلى أولياء الأمور، فالأسرة هي الأساس، والتنشئة الصالحة في بيئة أسرية متفاهمة ومترابطة تجنب الأبناء الانحراف ورفقة أصحاب السوء، وبعد ذلك يأتي دور المدرسة والمجتمع بشكل عام، ورسالتي لمن يتعاطى المخدرات، لا تستمر في ذلك فحتماً نهايتك ستكون سجون ومصحات وموت، أوصل صوتك إلى أهلك أو الجهات المعنية إذا كنت تتعرض للإساءة أو الاستغلال أو الابتزاز، لا تجعل خوفك أو الوضع السيء الذي تعيش فيه يجرك معه إلى مستنقع مظلم، فالأفضل أن تواجه تحديك الآن قبل أن تدمر حياتك، واسمح للآخرين بمساعدتك، فمواجهتك لهذا الأمر وحدك صعب جداً.

كما أن شرطة عمان السلطانية ومن خلال تجارب العديد من المدمنين معها والذين طلبوا المساعدة على الرقم 1444 لا تألو جهداً في مساعدة المتعاطين والمدمنين وإنقاذهم دون عقوبة وبكل سرية تامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى