أصداء وآراء

كيف نبني شخصية أطفالنا ؟ (همسات نفسية)..

 

 

الكاتب/ د . سالم بن محمد الغيلاني

 

 

 

كيف نبني شخصية أطفالنا ؟ (همسات نفسية)..

 

عن سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما) عن أبيه، أن رسول الله (صلى الله عليه سلم) قال : “نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي الليل”؛ قال سالم : فكان عبدالله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا.

كيف تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الموضوع ومن أي زاوية بدأت عملية التوجيه، هل كان تعنيفا وتعريضا، كلا وإنما قدم المدح والثناء وفي ثناياه عتب لطيف يعزز ذلك.

ما أحوجنا إلى هذا النوع من التربية مع أبنائنا، ما أحوجنا إلى كلمة اللين والرفق في عملية التأديب والتوجيه، وما كان اللين في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.

إن انعدام الدفء في المشاعر في علاقتنا مع من نَعول، وانعدام هذه المشاعر في لغة الحوار بيننا وبينهم، يصعد من حدة المشكلات والخلافات الناتجة عن انعدام التواصل، وقد يطيح هذا بسعادة الأسرة ويقوض أركانها.

إننا نحتاج إلى منهج تربوي يصلح ما أفسدته قلة خبرتنا في مجال التربية.

لم أجد منهاج تربويا أفضل من الرجوع إلى تعاليم ديننا، وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم.

تتبعت الكثير من المناهج، والإصدارات المترجمة في تطوير الذات وغيرها، فوجدت الكثير منها يستند إلى رؤى إسلامية، واقتباسات من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن بطريقة تصرفوا فيها بشكل واضح .

ونحن مع الأسف أغلب ما جاء به الإسلام من منهج قويم في التربية نبتعد عنه ،بحجة أن الزمان تغير وما شابه ذلك من اقول لا صحة لها.

في الرعيل الأول كان أطفالهم شبابا في تصرفاتهم، وشبابهم يزاحمون الرجال مجالسهم وأفكارهم، ألم يطرح الرسول صلى الله عليه وسلم ذات يوم استفسارا أو سؤالا عن شجرة أشبه بالمؤمن، ولم يجب أحد منهم الإجابة الصحيحة، وكان بينهم عمر بن الخطاب وولده عبدالله، وكان عبدالله يومها صغيرا، فلما أجاب الرسول قال عبدالله لوالده : والله يا أبي لقد دار في خلدي أنها النخلة ولكني استحييت أن اتقدم أصحاب رسول الله، فماذا كان رد عمر وكيف كان توجيه من تربى على منهاج محمد، قال له الا والله لو قلتها لكنت أحب إلي من الدنيا وما فيها.

إننا بحاجة إلى مثل هذا النوع من التربية، إننا بحاجة إلى تثبيت أنماط الثقة، والدعم، والمسؤولية التي تزيد من تمتين أواصر الأسرة، وتعطي أطفالهم الحد الأعلى من فرص السعادة والنجاح.

لابد أن نمهد الطريق لهم أمام القيم التي نريد تعليمها لأطفالنا. 

على الأسرة اليوم ان تشتغل على أطفالها اكثر مما سبق، ذلك أن المجتمعات اليوم غير عن المجتمعات السابقة، إن القادم يحتاج منا أن نحصن أطفالنا بتربية تبعدهم عن كل ما هو سيء.

لا تفسدوا أطفالكم من حيث تعتقدون أنكم تولوهم عنايتكم وجل اهتمامكم من خلال التدليل الزايد عن حده وتلبية جميع الأوامر والمتطلبات بدون قواعد وأسس. لابد أن تكون التربية عميقة الأسس وتتمتع بالصدق والذكاء.

إغرسوا فيهم حب الإلتزام، والعمل به، والمدح والدعم، علموهم تحمل المسؤولية، وفن التواصل، وزيارة الأرحام، علموهم اليقظة، والتحفيز، والتماسك، كيف يكون متماسكا رابط الجأش في أصعب المواقف، كيف يعتزّوا بهويتهم.

علموهم قيمة الحرية، والتعبير عن الرأي، وتقبل الرأي الآخر واحترامه، وأنهم ولدوا أحرارا لن تسجد جباههم إلا لخالقهم، علموهم فن التمكين، والتناغم في كل شؤون حياتهم.

وأنت أيها المربي تذكر أن أطفالك يأتون في مقدمة اولوياتك، فاستمتع بهم، وتذكر بأن التربية أهم عمل تقوم به في حياتك، وما بعدها يأتي غير المرتبة اللاحقة.

إن أهم مرحلة في التربية هي مرحلة الطفولة، فإن عنينا بتربيته وهو صغير، كان مهذبا وهو كبير، فإن طفل اليوم هو رجل الغد.

إن عنايتنا بمرحلة الطفولة ورعايتها وتنمية شخصية الطفل، والإحسان إليها، يتحقق للمجتمع صفات الكمال.

واستناداً إلى ما سبق ذكره، فإن العناية بتنمية شخصية الطفل قوام الأمم المتحضرة، وهي مسؤولية مستمرة، تستلزم معرفة وافية بمراحل النمو الإنساني واحتياجات الفرد العاطفية والمعرفية والجسدية في كل مرحلة عمرية، بما يتوافق مع ثقافة المجتمع وركائزه الدينية.

وللوالدين أثر كبير في عملية التوجيه وخاصة في المراحل العمرية الأولى مرورا بمرحلة المراهقة، ذلك لأنها فترات تأسيسية سريعة الإيقاع  كثيرة المطالب، ويكون الطفل من خلالها شخصيته وسلوكه ويبلور فيها أهدافه المستقبلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى