
أصـــداء /العُمانية
وجّه سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، قبل أيام من اجتماع حاسم لقادة العالم في نيويورك، نداءً عاجلًا لدول العالم كي تسرع خطواتها نحو التحول الأخضر، محذرًا من أن الالتزامات الحالية لا تكفي لتحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، لكنه في الوقت ذاته أكد أن هناك بوادر نجاح وثمارًا اقتصادية هائلة يمكن جنيها من هذا التحول.
ورأى ستيل أن “تنظيف” الصناعة والاقتصاد العالمي من الانبعاثات الكربونية يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية ضخمة للدول التي تسارع إلى اغتنام هذه الفرصة، مشيرًا إلى أن التجربة الصينية دليل واضح على ذلك؛ فقد أصبحت الطاقة المتجددة تولد ربع الكهرباء في الصين، واستحوذت السيارات الكهربائية على نصف سوق السيارات، فيما بلغت صادرات السلع منخفضة الكربون 177 مليار دولار في العام الماضي وحده.
وأوضح أن “الاقتصاد الحقيقي” بات يلتقط الإشارات القادمة من الخطط المناخية، حتى وإن كانت أقل طموحًا مما يفرضه العلم، مشيرًا إلى أن استثمارات القطاع الخاص في الطاقة النظيفة والصناعات منخفضة الكربون تجاوزت تريليوني دولار العام الماضي، مقابل تريليون واحد فقط في الوقود الأحفوري.
ونقلت صحيفة “الغارديان” عن ستيل قوله إن حكومات العالم لم تتمكن حتى الآن من تقديم التعهدات المطلوبة لتحقيق أهداف اتفاق باريس، لكن لا يزال أمامها فرصة لإعادة توجيه اقتصاداتها نحو النمو منخفض الكربون، مضيفًا: “نحن نسير في الاتجاه الصحيح، لكن ليس بالسرعة ولا بالعمق الكافيين.. ما تحقق حتى الآن يثبت أن التغيير ممكن، وعلينا تسريع الوتيرة”.
ودعا ستيل قادة العالم لتقديم خططهم الوطنية لخفض الانبعاثات قبل مؤتمر المناخ “كوب 30” المقرر في البرازيل نوفمبر القادم، وتُعرف هذه الخطط بـ”المساهمات المحددة وطنيًا”، التي تحدد مسار الدول في كبح ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.
لكن التوقعات تشير إلى أن العديد من الخطط ستكون أقل من المطلوب، وسط مخاوف بشأن خطط الصين والاتحاد الأوروبي؛ فالصين، رغم ريادتها في الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية وتصدير المنتجات الخضراء، قد تقدّم خطة متحفظة، أما الاتحاد الأوروبي فقد أعلن عن نية خفض الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 66 بالمائة و72.5 بالمائة بحلول 2035 مقارنة بمستويات 1990، وهو أقل مما يأمله الخبراء.
وشدد ستيل على أن الاستثمار في الاقتصاد الأخضر لم يعد خيارًا أخلاقيًا فقط، بل اقتصاديًا أيضًا، إذ تجاوزت الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة والصناعات منخفضة الكربون تريليوني دولار العام الماضي، أي ضعف الاستثمارات في الوقود الأحفوري، وقال: “أرى بوادر أمل وحركة، لكنها غير كافية”.
ويرى ستيل أن قمة “كوب 30” يمكن أن تشكل نقطة تحول إذا ركزت على الفرص الاقتصادية والوظائف الجديدة والأمن الغذائي والمائي، بدلًا من الاقتصار على التحذيرات الكارثية.. مضيفًا: “علينا أن نروي القصة كاملة: ليست فقط عن المخاطر، بل عن الفوائد التي يجنيها العالم من التحول الأخضر”.
وبيّن أن تجاهل أزمة المناخ سيؤدي إلى كوارث اقتصادية تفوق أزمات مثل كوفيد أو الأزمة المالية العالمية، مؤكدًا أن الاستجابة الجادة قد تفتح الباب أمام مستقبل أكثر ازدهارًا وعدلًا.