
سلطنة عُمان تدشّن مبادرة توسيع نطاق حوكمة الذكاء الاصطناعي الأخلاقية الشاملة
أصـــداء /العُمانية
دشّنت سلطنة عُمان اليوم مبادرة توسيع نطاق حوكمة الذكاء الاصطناعي الأخلاقية الشاملة والقائمة على حقوق الإنسان (RAM)، التي تُعد أول وثيقة معيارية عالمية لتنفيذ وتطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة أخلاقية قائمة على حقوق الإنسان.
جاء ذلك خلال حلقة العمل حول توسيع نطاق حوكمة الذكاء الاصطناعي الأخلاقية الشاملة والقائمة على حقوق الإنسان، التي تنظمها وزارة التربية والتعليم ممثلة باللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم على مدى يومين، بالتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي لدول الخليج واليمن بالدوحة، وبالشراكة مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات.
وتستهدف الحلقة، التي رعت افتتاح أعمالها سعادة الدكتورة جوخة بنت عبدالله الشكيلية الرئيسة التنفيذية للهيئة العُمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، المختصين والعاملين في مجال أنظمة الذكاء الاصطناعي من القطاعين الحكومي والخاص، وأعضاء اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان.
واختارت منظمة اليونسكو سلطنة عُمان كإحدى الدول المستفيدة من تجربة نظام إدارة الذكاء الاصطناعي (RAM)، وذلك في إطار توصية منظمة اليونسكو بشأن الأخلاقيات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتهدف حلقة العمل إلى مناقشة آلية إعداد اللوائح التنظيمية الوطنية التي تنظم استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في العمل المؤسسي، والتحديات التي تواجه الجهات المختصة في مجال تطوير اللوائح التنظيمية، ومراعاة الأبعاد القانونية والاجتماعية والثقافية والعلمية والاقتصادية عند وضع هذه اللوائح.
وأوضح حسن بن فدا حسين اللواتي، رئيس البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، أن البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة، الذي أقره مجلس الوزراء في سبتمبر 2024م، جاء ليشكّل خطة استراتيجية وطنية شاملة لتبني وتوطين الذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أنّ سلطنة عُمان أطلقت مطلع عام 2025 السياسة الوطنية للاستخدام الآمن والأخلاقي للذكاء الاصطناعي، كإطار مرجعي يوجّه تبني هذه التقنيات في مختلف القطاعات، ويؤكد على وضع أسس لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي محورها الإنسان وخصوصية المجتمع.
وقال إنّ سلطنة عُمان دشنت الإطار الوطني للبيانات، الذي يُعد ركيزة أساسية لتمكين الابتكار وتسهيل الوصول إلى البيانات المفتوحة، كما تم إصدار قانون حماية البيانات الشخصية، الذي يعكس حرصها على صون خصوصية الأفراد وضمان استخدام البيانات بما يتفق مع المعايير الدولية.
وذكر أنه خلال الفترة الماضية تم تدشين عدة مشاريع لتعزيز الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل: النموذج اللغوي العُماني الكبير “المعين”، الذي يسهم في تطوير حلول الذكاء الاصطناعي باللغة العربية واللهجات المحلية، وتدشين استوديو الذكاء الاصطناعي، والبوابة الوطنية للبيانات المفتوحة. كما تم إطلاق مبادرات مجتمعية مثل “صنّاع الذكاء الاصطناعي” و”مبادرة مكين” لبناء القدرات الوطنية والبحث العلمي وتمكين الشباب، بالإضافة إلى مشاريع البنية الأساسية الرقمية مثل “المثلث الرقمي لمراكز البيانات”، الذي يعزز جاهزية سلطنة عُمان لاستضافة وتوطين تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
ولفت إلى أن حلقة العمل تهدف إلى تعزيز مكانة سلطنة عُمان في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي وضمان الاستخدام الآمن والأخلاقي للتقنيات الرقمية، فبرنامج منهجية تقييم الجاهزية (RAM)، الذي طورته منظمة اليونسكو، يُعد أداة عملية تساعد الدول على تقييم وضعها الحالي، وتحديد نقاط القوة والفرص، وكذلك التحديات التي ينبغي معالجتها، وصولًا إلى بناء سياسات وتشريعات تتوافق مع أفضل الممارسات العالمية.
وقال الدكتور أحمد بن موسى البلوشي، مدير دائرة قطاع العلوم باللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، في كلمة اللجنة، إن اليونسكو تؤكد من خلال توصيتها لعام 2021 بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي على ضرورة بناء أطر تضمن الاستخدام المسؤول لهذه التقنيات، وتعزز الشفافية والعدالة وحماية الخصوصية وكرامة الإنسان، وقد مثلت مبادرة (RAM) خطوة متقدمة نحو توسيع نطاق هذه الجهود، وجعلها أكثر شمولًا وعدالة بين الدول الأعضاء.
وأضاف أنّ الحكومة أولت اهتمامًا كبيرًا بهذا المجال الحيوي، فتم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، والعمل على تطوير التشريعات والسياسات التي تكفل الاستخدام الأخلاقي للتقنيات الناشئة، إلى جانب الاستثمار في البنية الأساسية الرقمية وبناء القدرات الوطنية من خلال برامج تدريبية وبحثية متقدمة. كما يتم إدماج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والخدمات الحكومية والاقتصاد الرقمي، بما يسهم في تحسين جودة الحياة ودعم مسيرة التنمية.
وأكّد أن سلطنة عُمان قطعت خطوات مهمة في مجال البحث العلمي والأكاديمي في الذكاء الاصطناعي، من خلال إنشاء كراسٍ بحثية متخصصة في الجامعات العمانية بالتعاون مع منظمة اليونسكو والإيسيسكو، والتي تُعد منصة وطنية لتعزيز البحث والابتكار في الذكاء الاصطناعي المسؤول، وبناء القدرات البحثية والأكاديمية، وإيجاد حلول تقنية تعالج التحديات المجتمعية والتنموية، بما يتماشى مع المعايير الأخلاقية العالمية.
من جانبه، أشار صلاح خالد، مدير المكتب الإقليمي لليونسكو لدول الخليج واليمن، إلى انطلاق أول مشاورة وطنية في سلطنة عُمان حول منهجية تقييم الجاهزية والتأهب لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، التي طورتها منظمة اليونسكو كأداة عملية لترجمة المبادئ الأخلاقية إلى سياسات وإجراءات ملموسة، وتأتي هذه الخطوة في إطار التزام سلطنة عُمان بتعزيز الابتكار المسؤول، وتكريس مبادئ الشفافية والعدالة والشمول وحقوق الإنسان في قلب استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي.
وقال إنّ هذه المبادرة تأتي جزءًا من التوصية العالمية التي تبنتها الدول الأعضاء في منظمة اليونسكو، وعددها 193 دولة، بالإجماع عام 2021، والتي تمثل أول إطار عالمي شامل لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي. وبانضمامها لهذه الجهود الدولية، تؤكد سلطنة عُمان ريادتها الإقليمية وتوجهها نحو بناء منظومة رقمية قائمة على القيم الإنسانية والرؤية الأخلاقية.
وأشار مدير المكتب الإقليمي إلى أنّ سلطنة عُمان، من خلال تبنّي منهجية تقييم الجاهزية، ترسّخ مكانتها كركيزة استراتيجية في المنطقة لتطوير سياسات ذكاء اصطناعي عادلة ومسؤولة، كما ستُعقد بعد هذه الفعالية حلقة تدريبية وطنية تُزوّد الفريق العُماني المعني بخبرات فنية ومعرفية ضمن شبكة دولية تضم أكثر من 70 دولة، وستمهد هذه العملية الطريق لإعداد التقرير الوطني، بما يعكس التزام سلطنة عُمان بإرساء أسس استخدام آمن وأخلاقي للتقنيات المتقدمة.
وأكّد على أنّ سلطنة عُمان تسعى حثيثًا نحو صياغة مستقبل رقمي قائم على مبادئ التنمية المستدامة ومرتكز على احترام الإنسان وحقوقه في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة.
وتضمن برنامج حلقة العمل في يومه الأول عرض أوراق العمل الرئيسية التي حملت عنوان “توصية اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي”، والتي قدمتها الدكتورة دعاء أبو اليونس – أخصائية برامج، قسم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في قطاع العلوم الاجتماعية والإنسانية بمقر اليونسكو، كما قدمت الدكتورة دعاء أبو اليونس ورقة العمل الثانية حول “منهجية تقييم الجاهزية (RAM)”، وحملت ورقة العمل الثالثة عنوان “البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة”، قدمها المهندس حمدان بن محمد العلوي، مدير دائرة تطوير برامج الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وقدم الدكتور صالح بن عبيد الخالدي، الرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة الرابط العربي الدولية، ورقة العمل الأخيرة، والتي كانت بعنوان: “الذكاء الاصطناعي الإنساني: من حوكمة الخوارزميات إلى ضمير المؤسسات”.