
“ذكريات المكان” معرض فني بـ”ستال للفنون”
أصـــداء /العُمانية
تستضيف صالة ستال للفنون بمسقط المعرض الفني “ذكريات المكان” بمشاركة 8 فنانين من سلطنة عُمان، وهم أنور سونيا، وحسن مير، وعدنان الرئيسي، وجمعة الحارثي، ومحمد مهدي اللواتي، وسليم سخي، والفنانة الألمانية جانين فالتر.
يستكشف المشاركون من خلال المعرض، الذي يستمر حتى 31 أكتوبر الجاري، موضوعات المكان والهوية والذاكرة، مقدمين رؤية عميقة للتعبير المعاصر في ظل المشهد الثقافي العُماني المتطور.
يقترب الفنان أنور سونيا من خلال لوحته من التراث الاجتماعي والحركة، ففي لوحة تعبيرية كبيرة الحجم يصوّر سونيا المشهد القروي الخام لمسابقة لعدد من الطيور، وهي فعالية متجذّرة في الموروث الشعبي. هذه اللوحة تنبض بالحركة من خلال الطيور والحضور واستحضارها في حالة من الاندماج الحركي.
ويُعرف سونيا، الذي يُلقّب بأحد أدباء الفن التشكيلي الحديث في سلطنة عُمان، بفرشاته الانطباعية وقدرته على بث رمزية عاطفية قوية في أعماله.
ويشارك الفنان حسن مير بلوحة فنية ضخمة بطول 5 أمتار تجسّد الساحل الحضري لشاطئ سلطنة عُمان كما كان بين القرنين التاسع عشر والعشرين، والعمل قائم على بحث دقيق من خلال الصور الأرشيفية والروايات الشفوية والتوثيق المعماري، ليصبح بمثابة إعادة بناء بصرية وتأمل في التحولات العمرانية.
وتُظهر اللوحة مبانٍ متداعية ومرافئ بحرية كانت يومًا نابضة بالحياة، معلّقة بين سماء متوهّجة وبحر مرسوم بلمسة حنين ملموسة.
ويتجسّد بُعد المكان مع الفنان جمعة الحارثي، حيث العودة إلى أحد أبرز الرموز المعمارية العُمانية، وهو الباب الخشبي المنقوش. يصوّر الحارثي الأبواب التقليدية العُمانية كحاملات للطاقة الثقافية ورموزٍ للهوية والزمان. وباستخدام أسلوبه القائم على الأنماط الهندسية، يسلّط الضوء على جمال الزخرفة التقليدية كلغة بصرية متجذّرة في العمارة العُمانية.
في المقابل، تستكشف أعمال الفنان عدنان الرئيسي ثنائية أكثر هدوءًا، ففي مناظره البحرية التي تتدرج ألوانها في سياقات متعددة، يرسم الرئيسي توازنًا بين الليل والنهار، الفجر والغروب، السكون والعبور. وتتحوّل السواحل لديه إلى رمز للتحول الزمني بقدر ما هي مشهد جمالي طبيعي.
كما يأخذ الفنان محمد مهدي اللواتي توازنًا لغويًا في لوحاته الخطية التجريدية، ويتشكّل ذلك من خلال دمجه بين الخط العربي الكلاسيكي والتجريد الحركي. وفي لوحته المشاركة تتحوّل الحروف إلى أشكال تدور وتمتد لتكوّن سطوحًا لونية نابضة، ولا يركّز عمله على القراءة الحرفية للنص، بل يدعو المتلقي إلى قراءة الإيقاع والشكل والنبض البصري.
أما الفنان سليم سخي فيستمد إلهامه في عمله الفني من الارتباط العاطفي والرمزي العميق بالطبيعة العُمانية، فعمله الفني يبرز مشروع إعادة توطين المها العربي، وهو مشروع بيئي ألهم سلسلة من اللوحات والمنحوتات التي تعيد تخيّل المها في عالم نابض بالحياة والأمل، ويمثّل هذا المشروع بالنسبة للفنان استجابة شخصية ومسؤولية فنية تجاه الحفاظ على البيئة وإغناء السرد الفني لموضوع الحماية البيئية.
ومن منظور مفاهيمي مختلف، تقدّم الفنانة الألمانية جانين فالتر عملاً ضمن سلسلتها المستمرة والمستلهمة من علم الأعصاب وعلم النفس السلوكي.
وفي عملها الفني تدمج فالتر بين الفن والعلم بأساليب متعددة التخصصات لاستكشاف العلاقة بين الفضاء الحضري والمعمار والجسد الإنساني، وفي “ذكريات المكان” تنشغل فالتر بكيفية إعادة تشكيل المساحات السياحية للإدراك الثقافي والمكاني، مستعينة بمفاهيم من علم الأعصاب والعلاج بالصدمة.
وتتعامل مع الجسد كموضوع وأداة بحث في آن واحد، ليكشف عن الآثار الاجتماعية والعاطفية للمكان، وتتيح أعمالها تجربة تأملية مشتركة بين الفنان والجمهور، تعتمد على المشاركة الجماعية ومرتكزة إلى الذاكرة المشتركة.