
الفن التجريدي.. فضاء يُترجم فيه الإحساس إلى لون
أصـــداء /العُمانية
يعكس الفن التجريدي المشاعر والتجارب الشخصية، حيث يتيح للفنان أن يفلت من قيد الشكل ليغوص في عمق الذات. وهو فضاء يُترجم فيه الإحساس إلى لون، والانفعال إلى خط، والذكرى إلى حركة، لذلك نرى في الأعمال التجريدية انعكاسًا صادقًا لمشاعر الفنان، دون أن يُفصح عن ذاته بشكل مباشر، بل يفتح بابًا للتأمل والتفاعل الشخصي وهذا ما يجعل الفن التجريدي لغة حسية تلامس المشاهد.
وقالت دعاء بنت سيف الفارسية، أستاذة في قسم الفنون بجامعة نزوى في حوار لوكالة الأنباء العُمانية: “منذ بداياتي شكّل الرسم بوابة أساسية لفهمي للفن كوسيلة للتعبير والتأمل وليس فقط كأداة بصرية، وانعكس هذا الشغف بشكل مباشر على منهجيتي في التدريس كمحاضرة في قسم الفنون بجامعة نزوى؛ حيث سعيت إلى توظيف الفن بأنواعه كمدخل لتعزيز عقلية الفنان المبدع لدى الطلبة وهي عقلية تقوم على التجريب، والمرونة والقدرة على التفكير خارج الأطر الجاهزة. كما أن خبرتي في مجال الفن والتصميم أضافت بُعدًا تطبيقيًّا لهذا التوجه فقد عملت على ربط الجانب التجريدي بالفكر التصميمي وعلّمت الطلبة كيف يمكن للمجرد أن يتحول إلى هوية بصرية أو فكرة اتصالية تخدم السياقات المعاصرة سواء في الإعلام أو العلامات التجارية ووسائل التواصل الاجتماعي. وأحرص على تشجيعهم على التفاعل مع قضايا المجتمع مستفيدين من مزج الفن الحر بالتفكير التصميمي المنظم وبهذا لا نصنع فقط فنانين أو مصممين بل نُسهم في بناء عقول مبدعة وواعية بدورها في المجتمع”.
وأضافت: “الفن التجريدي يتميز بقدرته على التحرر من التمثيل الواقعي للأشياء. فهو لا يسعى إلى تصوير العالم الخارجي كما هو، بل يركز على الأشكال، والألوان، والخطوط، كوسائل للتعبير الفني. مما يمنح الفنان حرية أكبر للتعبير عن مشاعره وأفكاره، ويتيح للمتلقي مجالًا واسعًا للتأويل والتفاعل مع العمل الفني”.
وأوضحت: هناك عدة أساليب ضمن الفن التجريدي أبرزها التجريد الهندسي الذي يعتمد على الأشكال المنتظمة والتكوينات المتوازنة والتجريد التعبيري الذي يركز على الانفعالات والحركة، باستخدام ضربات فرشاة قوية أو ألوان صارخة، كما نجد أساليب أكثر تحررًا مثل التنقيط، والكولاج، واستخدام المواد المختلطة، التي تضيف بعدًا مختلفًا للأعمال وتعكس روح العصر والانفتاح على التجريب. وتمثل التقنيات المستخدمة دورًا محوريًّا في نقل الفكرة أو الإحساس في الفن التجريدي فهي ليست فقط مجرد وسيلة تنفيذ بل تصبح جزءًا من بنية العمل الفني ذاته. فطريقة وضع اللون أو نوع القماش والمواد المختارة جميعها تسهم في بناء تجربة بصرية وشعورية فأحيانًا يكون لملمس اللون أو شفافيته وقعٌ يعادل الكلمات في التعبير عن المعنى الذي يراد إيصاله في العمل التجريدي.
وبينت أن لكل فن رسالة ففي كثير من الأحيان، يحمل العمل التجريدي رسالة ضمنية، سواء كانت فلسفية إنسانية، أو حتى سياسية. لكن بدلًا من التعبير المباشر، تقدم الرسالة عبر رمزية بصرية وحسية تمكن المشاهد من أن يتلقى المعنى حسب تجربته وثقافته الخاصة فيصبح هو الآخر شريكًا في إنتاج المعنى.
وأكدت أن التفاعل مع الفن التجريدي ليس دائمًا منطقيًّا أو مباشرًا بل هو تفاعل حسي وروحي، حيث يجد البعض فيه نوعًا من الغموض، والبعض الآخر يرى فيه مساحة للحرية والانعتاق من التفسير الجاهز وهي تجربة شخصية تدعو المتلقي إلى أن يُصغي لصوته الداخلي أثناء المشاهدة وتأمل الأعمال الفنية.
جدير بالذكر أن دعاء الفارسية شاركت بالعديد من الأعمال الفنية، حيث تمكنت في عام 2020 خلال جائحة كورونا من المشاركة في معرض عبر الإنترنت بعنوان الوضوح (Lucidity)، ومعرض يوم المرأة العُمانية في قصر البستان لعرض لوحة أجواء سعيدة (Happy Vibes)، ومعرض من الفكرة إلى التحفة الفنية (From Idea Till Masterpiece Art Exhibition) بلوحة ذات.
بالإضافة إلى مشاركاتها الدولية عبر معرض بونينغتون نوتنغهام (Bonington Nottingham Gallery) بعمل فني متكامل مكون من 9 لوحات فنية بعنوان “صالون عائلتي”، وتم اختيارها للمشاركة في معرض ويركسوورث (Wirksworth Exhibition) بلندن لعرض لوحة “أربع نساء” (Four Old Women) .