ثقافة وأدب

قصة من الواقع.. (مستجدة في الصف الأول الابتدائي)

زينب بنت حمود الحبسية

 

عندما كنت صغيرة كنت أشاهد إخوتي الأكبر مني سنا وهم يتجهزون للذهاب إلى المدرسة ، وسني القانوني لم يحن بعد ، فكنت أتقرب إليهم لأرى الحقائب المدرسية والاقلام والدفاتر والادوات الجميلة ، وايضا حقيبة الطعام وزي المدرسة المتألق ، وأسأل أمي : متى أكبر يا أمي وأذهب إلى المدرسة أسوة بإخواني وأقاربي وجيراني ؟ وأمي حبيبتي تقول لي بكل حب ورحمة ومودة : لا تستعجلي يا ابنتي الحبيبة ؛ غدا ستكبرين وتذهيبن للمدرسة ، وأنا أنتظر الغد ؛ حتى وصل في هذه السنة ٢٠٢٥م ! أخبرتني امي لقد تم تسجيلك يا زهراء وغدا سأصطحبك الى مدرستك.

كل شيء تم شراءه جهزت حقيبتي وادواتي وحقيبة الطعام ومصروف المقصف المدرسي الذي أعطاني والدي الحبيب ، وصحوت باكرا وربما لم أنم من شدة الفرحة والانتظار ، بعد تناول فطورنا قالت أمي : زهراء هل انتي مستعدة يا حبيبتي ؟ قالت بصوت طفولي يغمره الفرح : نعم يا أمي ، وبسرعة ركبت سيارتنا وانا سعيدة جداً.

دخلت المدرسة وقلبي يرقص فرحاً أتخيل المعلمات والطالبات وكل من في المدرسة ، وبعد الطابور دخلت الصف وأمي معي.

ذهبنا للصف أنا وأمي وأخبرت أمي المعلمة بعد إلقاء التحية : هذه ابنتي الزهراء ؛ مستجدة في الصف الأول.

ولأنني كنت أول الواصلين في الصف أجلستني المعلمة في المقعد الأول ، وفور اكتمال الصف الدراسي من الزملاء والزميلات ، قالت المعلمة : أحبائي طلبة الصف الأول سوف أعرفكم على غرفة الصف التي انتم بها ؛ هي غرفتكم ، والمدرسة بيتكم ؛ فلابد أن نعرف ما تحتويه غرفتنا ؛ وبصوت واحد ردد التلاميذ نعم معلمتنا عرفينا ، بعد أن استقر الصف وساد الهدؤ قالت المعلمة الفاضلة : أنصتوا إلي جميعا ، وذهبت إلى السبورة وقالت : هذا اللوح الخشبي الأسود المعلق على الحائط يسمى سبورة ، وهذه القطعة المستقيمة النحيفة البيضاء تسمى طبشورة ، أما هذه القطعة الخشبية اللاصقة بالإسفنجة تُسمى ممحاة اللوح أقصد السبورة ؛ وفجأة رفع احد الزملاء يده وسأل المعلمة : أستاذة لماذا لون السبورة أسود ؟

ابتسمت الاستاذة ، وأشادت بالطالب الذكي ووجهها فرحاً بالسؤال غير المتوقع من الطالب المستجد في أول يوم دراسي !! ، وأجابت : أحبابي ؛ اللون الأسود يدل على الجهل ، فعقل الإنسان الأمي الجاهل يشبه اللوح الاسود ؛ ظلام حالك داكن ، وإذا تعلم الإنسان يصبح عقله مضيئا كالنور…

ورفعت طالبة أخرى يدها تسأل الاستاذة : كيف يكون العلم نوراً ؟؛ هنا أمسكت الاستاذة طبشورا ملونا ، ورسمت على السبورة السوداء قمراً ونجوماً ؛ فأصبحت السبورة مضيئة جميلة ، ثم استرسلت في التحدث الى أبنائها وبناتها وقالت : عندما تتعلمون يذهب الجهل ، وتُمحى الأمية من عقولكم ، وتصبح عقولكم أقماراً ونجوما وكواكب مضيئة ؛ فرح التلاميذ ورددوا معاً : (شكرا يا معلمتنا الحبيبة الغالية ثم قالت لأحد التلاميذ نظف اللوح يابني وغداً إن شاء الله تعالى لنا لقاء.

هنا توجيه للمربين الأفاضل ؛ أن الأبناء أمانة ، والطفل يرتبط بالمدرسة ، وتتشكل في مخيلته من النظرة الأولى واليوم الأول على مقعده الدراسي ؛ فإن أحب معلمته استأنس لها وتقبلها كأم وأخت ؛ أحب المدرسة والعلم والزملاء ؛ فلنحرص على استقبال أبنائنا بالابتسامة وإدخال السرور والفرح ، والطمأنينة والثقة بالنفس حتى يكونوا مشعلاً للنور والايمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى