
الذكاء الاصطناعي يرسم أدق خريطة ثلاثية الأبعاد للدماغ البشري
أصـــداء / العُمانية
طوّر باحثون من كلية لندن الجامعية أطلسًا دماغيًا جديدًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي يُسمّى “NextBrain”، يتضمن خريطة شاملة لدماغ الإنسان البالغ، ويمكنه تحليل صور الرنين المغناطيسي للأشخاص الأحياء في غضون دقائق، وبدقة لم تكن ممكنة سابقًا.
ويأمل مطوّرو الأطلس، المُتاح حاليًا مجانًا للباحثين، أن يُساهم في تسريع الاكتشافات المتعلقة بعلم الأعصاب، وتسهيل فهم الأمراض العصبية، وتطوير علاجات أفضل لبعض الأمراض مثل الزهايمر.
وقام الباحثون بدمج مجموعة من صور الرنين المغناطيسي والصور المجهرية لخمس أدمغة بشرية بعد الوفاة لبناء أطلس “NextBrain” الذي استغرق ست سنوات من العمل الدقيق؛ إذ استخدم الباحثون أنسجة دماغية بشرية من خمسة متبرعين بعد الوفاة، وقطّعوا كل دماغ إلى 10 آلاف شريحة، ولوّنوها لتحديد البنى المختلفة، ثم صوّروها بالمجهر، وفي النهاية أعادوا تجميعها في نموذج رقمي ثلاثي الأبعاد.
وأجرى الفريق البحثي أيضًا فحوصات رنين مغناطيسي لكل دماغ قبل تقطيعه، حتى يتمكنوا من إعادة تركيبه لاحقًا بدقة، واستخدموا الذكاء الاصطناعي لمطابقة صور المجهر مع صور الرنين المغناطيسي، مع مراعاة الفروقات بين التقنيتين وضمان عدم تداخل الشرائح أو ترك فجوات بينها.
ووضعوا تسميات على 333 منطقة دماغية في النماذج الرقمية لكل من الأدمغة الخمسة، وهي مهمة سرّعها الذكاء الاصطناعي بشكل كبير؛ إذ يقدّر الباحثون أن إنجازها يدويًا كان سيتطلّب عقودًا من العمل.
ويقول الدكتور خوان إيوخينيو إغليسياس، الباحث الرئيسي من قسم الفيزياء الطبية والهندسة الحيوية في كلية لندن الجامعية: “يمثّل أطلس (NextBrain) ثمرة سنوات من الجهود التي تهدف إلى سدّ الفجوة بين التصوير المجهري وتقنيات الرنين المغناطيسي. ومن خلال دمج بيانات عالية الدقة عن أنسجة الدماغ مع تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة، أنشأنا أداة تتيح تحليل صور الدماغ بمستوى تفصيلي لم يكن ممكنًا في السابق. وهذا يفتح آفاقًا جديدة لدراسة الأمراض العصبية التنكسية والشيخوخة”.
وخضع أطلس “NextBrain” للاختبار على آلاف من صور الرنين المغناطيسي، وأثبت قدرته على تحديد المناطق الدماغية المختلفة بدقة عالية عبر أنواع مختلفة من أجهزة التصوير وظروف المسح.
وفي إحدى التجارب، استخدم الباحثون الأطلس للقيام بتحديد تلقائي للمناطق الدماغية في صورة MRI عامة عالية الدقة، فكانت النتائج متطابقة تقريبًا مع التحديد اليدوي، حتى في المناطق الصغيرة مثل الأجزاء الفرعية من قرن آمون.
وفي تجربة أخرى، استخدموا الأطلس لتحليل أكثر من 3 آلاف صورة MRI لأشخاص أحياء لدراسة التغيّرات في حجم الدماغ مع التقدّم في العمر، وقد أتاح الأطلس تحليلًا أكثر دقة لأنماط الشيخوخة مقارنة بالأدوات التقليدية.
وتقول الدكتورة زين ياونموكتان من معهد كوين سكوير لعلم الأعصاب في كلية لندن الجامعية: “هدفنا من بناء هذا الأطلس هو تمكين الباحثين من تحديد مئات المناطق الدماغية في البشر الأحياء بسرعة ودقة عالية”.
وأضافت: “أن دقّة التفاصيل التي يوفرها (NextBrain) غير مسبوقة، وإتاحته للباحثين تعني أن جميع الباحثين حول العالم يمكنهم الاستفادة منه، فهو يقدّم لهم خريطة دقيقة للبنية الخلوية للدماغ، ويُمكّنهم من رصد العلامات الأولية للأمراض العصبية مثل الزهايمر قبل ظهور الأعراض، مما يعزّز قدرتهم على فهم الأمراض العصبية ومراقبة تطورها، واكتشاف طرق جديدة لعلاجها والوقاية منها”.














