رائحة المطر وذكرى الأحبة في روي..
ماجد بن محمد الوهيبي
رائحة المطر وذكرى الأحبة في روي..
يطول الشوق ويبقى شغف الترقب لزائر تعشقه الكائنات، وتأمل أن تطول زيارته لما يعقبهُ من نفع وخير، على أن تكون زيارته نفعا وتخفيفا وسقيا رحمةٍ لا سقيا هدمٍ وغرق.
فمن منا لا يعشق المطر؟ تكفي تلك الأجواء المنعشة وتلك النسمات الجميلة والرذاذ المتطاير مع الهواء العليل الذي ينعش الفؤاد وتسعد به الروح.
إن من الروائح الخالدة التي تنطبع بصمتها في الوجدان رائحة المطر حينما يصافح بكلتا يديه الأرض ويترك فيها أنفاسه، فتصبح الأرض حبلى بالشجر والثمر.
والكل يترقب قدوم المطر على أحر من الجمر، فالأرض عطشى وهي تترقب قدومه وكذا الشجر وكل البشر، فتهتز الأرض فرحًا كما تبرق الجبال من البهاء.
وقد قيل كن كالغيث إذا أقبل استبشر الناس بقدومه وأينما وقع نفع.
تتفجر ذكرى الحنين مع أنفاس المطر.
فيهب نسيم الأحبة من روي المحبة ورُبى الحمرية، حيث الأهل والصحب وحيث تراث الأجداد وعبق البلاد.
هنا كانوا ولازالت أنفاسهم تعصف بالمكان وآثارهم شاهدة وضحكاتهم تعصف في كل شبر منه فما أجمل الذكرى إذا مسحنا بأيدينا عنها غبار السنين.
وسكبنا عليها الحنين، كم من الجباه على تلك الأرض الطيبة سجدت، وكم من الأرواح في محراب التوحيد سكنت وهجعت.
خواطر تعصف بي هنا في العامرات، وروي أقرب لي من كل قريب ، ومع قرب المكان بين هذه وتلك إلا أن الشوق يعصف بي إذا هطل المطر.
وتبللت الأرض والجبال والشجر .. فأدركت حينها أنه من تلك الفاتنة لا مهرب ولا مفر.
وجع الأزقة يهتف بي ، وينعكس شموخ النخيل في قلبي فأراهُ على جبين روي وأسمع صدى تلك الأصوات رغم بعد المسافات
ومع حلول العشر المباركات وذكرى العيد تعود الذكريات، فيعود مرح الطفولة في تلك المزارع والفلوات.
شعور لا يمكن وصفه، وعصر قد اشتاقت له الأرواح وطبعت على جبينه القبلات.
هناك كانت أمي تصنع لنا الخبز ، وكنت أرمق الخبز فتناولني بقلبها قبل يدها فأستلذ الطعام من يدها ولا يشبه طعام أمي طعام آخر، كانت تطهو لنا بكل إخلاص، حتى طعام الغداء كان يجهز قبل موعده.
وهناك كان أبي يعود لنا قبيل المغرب من المزرعة فيبشرنا برطب النغال وقد تفصد جبينه عرقًا من شدة الإعياء فيرسم لنا البهجة بعودته حاملًا لنا الثمار والغلال.
رحمة الله تغشاهما وكل الأحبة، وأدعية في أديم السحر غير منقطعة
لهما وللأجداد في هجعة الخلق وفي الأيام المباركات.
أيُّ ذكرى يبعث المطر!!
ذكريات جميلة .. عندما يهطل المطر تعود بي الذكرى إلى شجرة البيذام في بيت جارنا والرياح تعصف بها وهي صامدة بينما ننتظر نحن لحظات الهدوء ما بعد العصف حتى نلتقط البيذام ونهنأ به في تلك الأجواء الجميلة.