أصــداء منوعةشعـر ، خواطـر

يُطِلُّ الصباح في ثوب عابد..

مـيّـا الـصَّـوّافـيِّـة

 

يُطِلُّ الصباح في ثوب عابد..

 

يوقظني ضمير معقود بروح إيمانية؛ فأحمل جسدي المرتاح لأسابق هذه الروح التي حزمت أمرها قبله وقد استقبلته بهالة نورانية؛ لتزكي حماسته، وتغسل أدران غفوته … فلا يبقى شيء من الجهالة عليه، ولا قيد من التراخي يعتريه.

سجدات وركعات بهما تستل روحي من عتمة العثرات، وتنفرج أسارير نفسي من قيود التقاعسات؛ لتغدو مشعلا من نور تستنير به بصيرتي، و يرتسم كابتسامة على ثغري تلك الابتسامة التي تتلقاها القلوب وهي لابسة ثوب الصفاء في ليلة عرس قمرية، فما يكون منها إلا أن تتجاوب مع معزوفة أهازيجي الشمسية، وتكتسي دروبي معها وحيا من سكينة وسلاما من تآلف، وثقة في ممشى.

فها هو الرضا ينتشر مع جناح الضوء؛ فكل ما حولي سيمفونية حالمة، والألوان أراها جميلة كامتداد بحر أزرق هادئ مشرّب بألوان الشروق، من رآني حينها تنطلق إلى عينيه فراشات فَرِحَة تتراقص أمامه كمعزوفة وقع ريح الصَّبا الجاذبة التي انكشفت أغطيتها الباردة بعدما توارت مع ريح الشمال الباردة في كانونها الثاني.

في صباحي جعلت طرف الحبل الأول مربوطا في ثغور مباركات، وأياد داعيات؛ فغدا الحبل محملا بأثقال الحسنات، وامتد برواقه ضياء في أعماق نور، وحِلْما في سعة صدر، وحملني بسلام إلى عالمي البهيج، ليجعلني بعيدا عن بنادق العالم، وحماسة جاهزيته، وسار معي في دروب سلامي وممشاي.

سأفتح بابك ياصباح سيروق لي كل شيء شمسك الوليدة بثوبها الذهبي التي ضاحكتني من وراء الجبال، وأهدتني جواهرها لأطرز بها ثوبي الذي سألبسه في يومي كعرس للفرح، وكوهج للأمل، ستحملني هذه الشمس وأفكاري في ثياب أشعتها لأزرع في ساحات العالم البهجة المشرفة بالابتسام.

فنجان قهوتي الذي سأبوح لرشفاته عن رسائل الشوق التي تضعها أرواح الحنين على شرفتي، وعن نغمات العصافير الحالمة وهي تقص لي قصة الجمال في حكايات عوالم البهجة، وعن ذلك الجمال الناعس في الورود الناعمة وقد أثقلتها قطرات الندى؛ فانحنت تقبل أوراقها بدموع الفرح.

ستخبرني يا صباح، عن حماس الفلاحين في بساتينهم وهم يوقظون الأرض النائمة بفؤوسهم بعد مغادرتها غطاء الليل؛ ليسكبوا في أديمها بذور الحياة والتي ستتغذي منها شرايين الطموح، وتسري الحياة فيها كديمومة عطاء لا تنقطع.

ببزوغ وجهك ياصباح، ستباشر الأتراس دورانها في مصانعها تقودها فكرة جديدة بذرتها العقول التي عشقت العمل في أراض تنفست بأنفاسك، وجددَتْ الإشراقة المتطلعة للظهور.

عندما تشرق ياصباح تشرق معك أحلام طفولة بريئة؛ فالقلب ما يزال وليد اللحظة لحظتك، والعقل لا تزوره إلا بساطة الأشياء في لحظة تكوين جمالها كحلوى في أغلفتها الطفولية التي لا يُجمع منها إلا الجميل.
برودة حلمك الموشك على الظهور يتغلغل في شغاف قلبي كتغلل الماء في أوردة الأرض العطشى؛ فتشتعل في هذا القلب البداية الهانئة الجريئة المقبلة على الحياة، وذلك مع وجه شمسك المستيقظة.

أسير معك على درب البساطة كفطرة الأرض الأولى وأنا أعزف على الأوتار النائمة؛ كي أيقظ مزاميرها المستلقية على فراش الحنان؛ لتأخذني مع بشائرك الضاحكة.

كل شيء يغدو جميلا معك يا صباح كدفء أمي وكأمان أبي، وكعضد أخي وكرفقة أختي وحب عائلتي، وكشعور الصلح مع الأقران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى