أصداء وآراء

 واجبنا تنقية وتطهير تراثنا الديني وتاريخنا من الإسرائيليات..

البروفيسور/ د . محمـد علي الفَـرّا

 

 

 واجبنا تنقية وتطهير تراثنا الديني وتاريخنا من الإسرائيليات..

 

إبن خلدون يقول : بأن العرب سموا بذلك لنباهتهم وبلاغتهم واعتمد على عدة اسانيد منها حديث للرسول صل الله عليه وسلم : اعربت الثيب عن نفسها . بمعنى افصحت وابانت عن نفسها و ونحن نستخدم في اللغه العربيه كلمة الاعراب  فنقول اعرب الكلمه الاتيه بمعنى وضح مكانتها ووظيفتها وكذلك انكرنا في المقال السابق تقسيم العرب الى عاربه ومستعربه وقلنا انه تقسيم يعبر عن عنصريه كريهة وقلنا ان العرب عرب بائده اي ابيدت وانتهت بالكوارث الطبيعيه والتي ورد ذركها في القران الكريم وان ابراهيم عليه السلام كان اجداده من العرب البائده الذين التجأوا الى العراق .واما عرب اليوم فهم من نسل العرب البائده الذين انجاهم الله سبحانه من الإباده.

من المؤرخيين الذين يتفقون معي في هذا الرأي , بأن ابراهيم عليه السلام الذي يدعي اليهود انه جدهم كان عربيا ,ولا علاقة له باليهود الدكتور احمد سوسة في كتابه : “العرب واليهود في التاريخ”، وقلت : إنه كان يهوديا واعتنق الاسلام واخذ على عاتقه دحض المزاعم والادعاءات اليهودية الصهيونية ، يقول في صفحة ٤٦١ عن ابراهيم عليه السلام  : فدور ابراهيم مرتبط كما نبهنا اليه القران الكريم ببيت الله العتيق ، اي بالجزيرة العربية التي هو منها وإليها يعود وهي وطن آبائه وأجداده الاصلي , وقبل هجرتهم الى وادي الرافدين (العراق)، فدوره يرتبط بتاريخ العرب مباشرة، وهو العصر العربي القديم المعاصر للقبائل العربية التي هو منها، والتي سميت بالعرب البائدة فيما بعد لانقراضها.

يرى المؤرخ البريطاني المشهور جيمس هنري برستد رئيس قسم التاريخ بجامعة اكسفورد سابقا ومؤلف عدة كتب منها العصور القديمة, وتاريخ مصر الذي يقول فيه ( الترجمة العربية صفحة 143،142) ان ابناء يعقوب كانوا على اصح الاحتمالات عربا تابعين لامبراطورية الهكسوس مؤيدا بذلك نظرية يوسيفوس ,اشهر مؤرخ يهودي قديم , القائلة بان بني اسرائيل قوم من الهكسوس .

ومن المعلوم بأن معظم المؤرخين يقولون : بأن الهكسوس الذين غزوا مصر وحكموها آنذاك، كانوا عرباً إمتهنوا الرعي فأطلق على إمبراطوريتهم لقب – دولة الرعاة.

اذن صدق الله العظيم والذي لا يحتاج إلى برهان أو إثبات إذ يقول :  مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) آل عمران.

وكذب اليهود حينما ادعوا أنه جدهم الأعلى.

ولكن دعنا نتساءل ؛ لماذا ربط اليهود نسبهم إلى إبراهيم عليه السلام ؟!.

يجيب على هذا السؤال الدكتور أحمد سوسه بقوله : من الواضح أن أهم ما كان يهدف إليه كتبة التوراة عندما أخذوا بتدوينها بعد عهد إبراهيم عليه السلام بأكثر من الف وثلاثمائة عام وبعد موسى عليه السلام بسبعمائة عام هو إرجاع نسب بقايا الجماعة التي خرجت من مصر بقيادة النبي موسى عليه السلام – ومدونوا التوراة هم أنفسهم من بقايا الجماعة – إلى إبراهيم الخليل عليه السلام بغية ارجاع اصلهم المجهول الى اقدس العروق من الاجناس البشرية ,ثم تثبيت عقيدة الارض الموعودة الوهمية على لسان ابراهيم وموسى عليهما السلام ، وهما بريئان منها ، واندفاعا وراء تحقيق هذا الهدف ربط مدونوا التوراة صلة هذه الجماعة مباشرة بإبراهيم الخليل وبحفيده يعقوب لكي ترفع من مكانتها بين البشر وتجعل منه الشعب المختار ، وذلك من غير ان تتطرق الى الفاصل الزمني الذي يفصل بين جماعة ابراهيم عليه السلام وحفيده يعقوب في القرن التاسع والسابع عشر قبل الميلاد على التوالي ، وهو الفاصل الزمني الذي يمتد سبعمائة عام بين عهد ابراهيم وعهد جماعة موسى .

ومن الامور الهامه جدا التي يشير اليها الدكتور احمد سوسه موضوع التسميات اذ يقول : ان اسماء ابرام ( اول اسم لابراهيم في التوراة ) ويعقوب هي اسماء روحانية مقدسة في البلاد  منذ عهد قديم وهي اسماء كنعانية اصيلة (الكنعانيون عرب هاجروا الى فلسطين وكانوا اول من استوطنها منذ نحو اربعة الاف سنة) وترجع الى ما قبل الالف الثانية قبل الميلاد ، وكانت تطلق على الاشخاص والاماكن تبركا بها كما هو متبع عندنا تماما ، فقد ورد اسم ابرام في المصادر البابلية والمصرية للدلالة على اشخاص واماكن بهذا الاسم ، كما ورد في الكتابات المصرية اسماء يعقوب ويوسف مقرونين بالإله – إيل- أي : يعقوب – إيل و يوسف – إيل ، ومعنى ذلك – ليحمي الإله إيل يعقوب وليحمي الإله إيل يوسف ، والإله إيل هو الإله العظيم عند الكنعانيين والآراميين وهو نفس الإله إيل الوارد في التوراة المقرون بعهد ابراهيم عليه السلام .

لعل القاريء الكريم يدرك خطورة تزوير اليهود للتاريخ ، وهم لازالوا يقومون بعمليات تزوير للتاريخ لتحقيق اهدافهم الخبيثة ، وللاسف صدقهم العالم وصدقهم العرب ، فكتبنا التاريخية وتراثنا الديني معظمه مأخوذ من مصادر توراتية مختلقة ولازال العرب يصدقون خرافة ابناء العمومة بين العرب واليهود ولكن جعلونا زورا وبهتانا اننا ابناء الجارية المصرية هاجر ام اسماعيل الذي استبعدوه من وراثة ابيه في النبوة لانهم كما زعموا انه ابن جارية ، وابن الجارية قالوا : إنه لا يرث .

وإني أطرح السؤال الذي طرحه عالم الآثار الشهير “كيث وايتلام” في كتابه الذي ترجم الى العربية بعنوان : “إختلاق اسرائيل القديمة .. إسكات التاريخ الفلسطيني” ، وسؤاله هو : متى يحرر العرب عامة والفلسطينيين خاصة تاريخهم القديم من الأسر التوراتي كما حرر الهنود تاريخهم من الحقبة الاستعمارية؟ .

لقد اثبت كثير من علماء التوراة ومنهم يهود ان التوراة مليئة بالخرافات والاساطير ، ولا تصلح ان تكون مصدرًا للتاريخ ، وان اسرائيل القديمة التي يدعي اليهود بوجودها على ارض فلسطين هي من اختلاق مدوني التوراة ، واكد على ذلك عالم التاريخ التوراتي “كيث وايتلام” سابق الذكر في كتابه المذكور سابقا : إختلاق اسرائيل القديمة ، أكد بأن سِفْر القضاة في التوراة كان المصدر الوحيد لتاريخ اسرائيل منذ بداياته الاولى في فلسطين علما بأن سِفْر القضاة هو خيال محض اخترعه اليهود في المنفى (السبي البابلي) لكي يمدونا بمشروع تاريخ عمره ألف سنة يغطي تاريخ وجود اسرائيل في ارض كنعان (فلسطين) ، وهكذا , لايمكن  الاعتماد على هذه الروايه (صفحات 65 – 67).

وللاسف فإن المسلمين والعرب لازالوا يصدقون الادعائات والخرافات التوراتيه رغم ان القران الكريم قد حذرنا من ذلك بقوله سبحانه وتعالى : ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ (سورة البقرة: الآية 79).

وحتى أن الدكتور كمال الصليبي رئيس قسم التاريخ في الجامعه الامريكيه سابقا وأحد مؤسسي المعهد الملكي للدراسات الدينيه في الأردن ورئيسه حتى وفاته عام 2011 ,وهو مسيحي, يستشهد بالقران الكريم في نفيه للروايات التوراتيه في الصفحه 15 من كتابه (التوراه جاءت من جزيرة العرب).

ذكر ما نصه : ويقول القرآن الكريم أن هناك من اليهود مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ الاية وأنهم يفعلون ذلك لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ (سورة النساء 46).

ويستكمل الدكتور الصليبي قائلاً : هذه اشاره واضحه بالغة الدقه في الوصف الى العمل الذي كانت تقوم به فئه دون غيرها من احبار اليهود وهم المعروفون بالمصوريتيين (أهل التقليد).

للأسف ان الذي أدخل هذه المزاعم والخرافات اليهوديه في التراث الاسلامي والعربي هم مفسروا القران الكريم بَدْءاً بالطبري وابن كثير والزمخشري …. الخ.

وكذلك كتبة التاريخ الذين اعتمدوا على مصادر توراتيه ولازالوا , فزرعوا في عقول الأجيال تلك المزاعم والخرافات بأن جد اليهود هو اسحاق عليه السلام ، وأن جد العرب هو إسماعيل عليه السلام , وأن العرب واليهود أبناء عمومه وأن هاجر عليها السلام كانت جاريه , وأن يعقوب عليه السلام هو اسرائيل , الى غير ذلك من المزاعم.

وقد طالبت مراراً ومنذ عشرات السنين بضرورة تنقية تاريخنا العربي والإسلامي وتراثنا الديني من هذه الإسرائيليات.

والإسرائيليات مصطلح متعارف عليه أطلق على جميع الروايات والأقوال المستمده من مراجع توراتيه ووردت في التراث والتاريخ الإسلامي .

وحينما عهد الي مراجعة الموسوعه الفلسطينيه عام 2003 شكلت لجنه وقمنا بتحديثها وبتنقيحها واستبعاد الاسرائيليات منها وكانت كثيره للاسف , وتم تسليم النسخه المنقحه للمسؤول عن الموسوعه الفلسطينيه انذاك الدكتور اسعد عبدالرحمن ولكن لم تطبع النسخه المنقحه بحجة عدم وجود رصيد مخصص لهذا العمل.

وللعلم لعل من أوائل الذين بحثوا في موضوع الإسرائيليات أستاذنا العلامه المرحوم الدكتور أحمد أمين المتوفى عام 1954 في القاهره في كتابه “ضحى الاسلام”.

وحديثا قام صديقنا المرحوم الدكتور الشيخ عبدالعزيز الخياط بتأليف كتاب قَيّم عن الإسرائيليات أطلعني عليه وأهداني نسخة منه.

وأحب أن أشير أنني منذ أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وأنا أكتب في هذا الموضوع ، وحينما بدأ التلفزيون الكويتي البث في عام ١٩٦٣ طلب مني الحديث في هذا الموضوع ، فتعاونت مع المرحوم الدكتور الشيخ علي عبد المنعم الذي كان له برنامج أسبوعي في التلفاز وعنوانه : “الاسلام والحياة” ، وكان البرنامج اسبوعيا ومدة الحلقة ساعة كاملة.

وكان البث على الهواء مباشرة ويحضره في مدرج جمهور من الحضور وكنت اتحدث فيه عن اليهودية والاسرائيلية والعبرانية ونترك وقتا كافيا لاسئلة الجمهور والاجابة عليها ,والبث كما قلت على الهواء مباشرة، وكان البرنامج يحظى بكثير من المشاهدين .

وبناءً على طلب الأصدقاء لتعميم الفائدة وحفظها من الضياع قمت بنشر ذلك في كتاب عنوانه : “اليهود .. الإسرائيليون .. العبرانيون .. الصهاينة .. أساطيرهم وحقيقتهم ومصير دولتهم”.

وأود أن أشير هنا أنني كنت من أوائل الذين نفوا قيام كيان لليهود على ارض فلسطين في الماضي كما يزعم الصهاينه ، وهذا ما أكده المؤرخ التوراتي وايتلام كما ذكرنا سابقا.

وقد رجحت أن هذا الكيان قام باليمن ، وكنت قد زرتها وشاهدت سد مأرب وقصر بلقيس ، وهي من ملوك سبأ ، وعلاقتها بنبي الله سليمان عليه السلام ، وتجولت في كل أرجاء اليمن شمالا وجنوبا وغربا وشرقا ، وكررت الزيارات إليها ، وعاينت مواقع تاريخية (لا تزال تحمل بصمات عبرية).

علما بأن يهود اليمن كانوا عرباً إعتنقوا اليهودية كديانه ، وكذلك دولة حمير اليمنيه كانت ديانتها يهودية وكان الذي أدخل اليهوديه إلى اليمن التبان أسعد أبوكرب كما ورد في تاريخ الطبري المشهور.

قلت إنه لا يمكن أن تكون مملكة النبي سليمان عليه السلام في فلسطين بينما بلقيس ملكة سبأ في اليمن فالمسافة بينهما  بعيدة وفيها يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم القران الكريم : وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (سبأ 18).

وما جاء في القران الكريم عن هدهد سليمان عليه السلام يدل على قرب المسافة بين مملكة سليمان ومملكة بلقيس في اليمن .

وفي ذلك يقول الله عز وجل في قرآنه الكريم : فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (النمل ٢٢)  . 

وأخيراً أنبّه وأحذر إخواني العرب والمسلمين من تزوير اليهود والصهاينه والمتصهينين الأجانب عامة والعرب المتصهينين بخاصة ، الذين خرجوا في زمن الردة ، الذي نشهده الآن من جحورهم , بأخذ الحيطة والحذر وضرورة مقاومتهم , ومحاربة مخططاتهم الخبيثة بدعوتهم الى بث ديانة جديده مختلقة إسمها الإبراهيمية ، وهدفها ضرب الأديان وخلطها في دين يهودي صهيوني هدفه تدمير العرب والمسلمين ، بل العالم كله ويحكمه اليهود كما خططوا في خططهم السرية المسماة : بروتوكولات حكماء صهيون ، التي ظهرت بوادرها ونشهد حالياً تنفيذ كثير من بنودها وخطتها الشريرة.

وإني أُعِدُّ الآن كراساً عن الديانة الإبراهيميه المزعومة والمختلقة ، لأحذر الناس من أهدافها الخبيثه ، التي منها تحريف الإسلام وتشويهه ، لإيجاد إسلام مشوه يرضون عنه.

اللهم إني بلغت اللهم اشهد..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى