أصــداء منوعةشعـر ، خواطـر

إلى جعـفـري العـزيز (الفـلـج)..

مـيّـاء الصَّـوّافـيّة

 

إلى جعـفـري العـزيز (الفـلـج)..

 

ما زلت في خبايا الروح كنهر من جنان تسير حالما في جداولك وسواقيك كذوائب من لجين أسالتها حرارة الشوق لأميرتك (أميرة الصحراء)؛ فتهرول مسرعا لتقبل ثراها فما إن تلامس أوردتها حتى تدب روح الحياة فيها، وتهزج فرحة وتنشر بفرحتها بذور أصالتها على صفحة صفاء وجهك الكريم، لتأخذها بسلام وانتشاء، وتزفها عروسا على هودج سبيلك المتراقص، وتصدح الحمام في منارات أيكها بالغناء وتتمايل أغصانها راقصة، عندها تغدو هذه البذور جنى من قلايد حمراء وصفراء تتزين بها أميراتك السمراوات الحسان.

إنها أميرتك التي تغزل من سعفها مراوح هواء تندي جباها تشربت بقطرات العرق هذه الجباه التي تجدد الثرى بفؤوس حازمة، فلولاك ولولا أميرتك لضربتهم سهام القيظ وللوحت نضارتهم ريح شمال ضاربة في لج كانون.

عندما تسري في شرايين روحها هذه الأرض الطيبة تغدو مباخرا تعبق برياحين طيبة، وإن هذه الرياحين تحث الخطى مسرعة لتعانق القافلين إلى ديارك، فيهرولون في هزج ومرج، ويتقافز طيبك الندي على أقدامهم الحافية التي كم أدماها شوك الحنين إليك.!.

مشارعك المفتوحة .. كم أيقظت بها نفوسا حية كلما هتف المؤذن ! تزيل من أجسامها أدران الغفوات؛ فتنير لها وجوها وضّاءة ما تمت الصلاة لولاك.

هندسةمشارعك وجداولك جعلتك كقاض، فلكل من التحم بدمائك مشرع لا يبقى من درنه شيء.

ما زلت أذكر ملاعباتك الطفولية وابتسامة الحنان التي تروي بها جوانحنا كلما قطعناك جيئة وإيابا تتعالى الضحكات منك وأنت تبلل أجسادنا الصغيرة بمرح ودون ضجر منك، نلج في أغوار(سمامك) نتسابق ونحن نرتمي في أحضانك، ولكنك تمدنا من دفء روحك مرحا ومن أغوارك ضياء نسابق فيك سفننا الورقية التي أبحرت في عبابك، ونحث الخطى كخيول في مضمار ولكن الفوز جعلته لنا؛ فننتظر سفننا عند مشرعك المفتوح ونآخذها لنسمعك عبارات الفوز عليك، ولكنك تكلل جباهنا بأكليل قطراتك الحنونة وابتسامتك المداعية.

آه أين قناطيرك الممتدة بين جوانح جداولك كأنها يداك الحنونتان ترفعنا للسماء، وأين مجاريك التي وزعتها على البساتين المنتظرة سغب الحياة من أفواهك؛ فتحيي أوردتها بحياة ؟
فهل هذا حب الحياة أم حب التضحية لأسطورتك؟
وتلك الغواني الحاملات الجرار على رؤوسهن أراهن متعطشات إلى الظفر بملاحم عشقك… ألم تسق جرارها حبا وحياة؟.

ما أنضر تلك البيادر الممتدة بين ربوع بساتينك الخضراء التي تكتظ بجنى الحصاد والروائح الليمونية والزهرية التي يعبق بها المكان !.
ألست أنت الذي أشرعت لها فراش الحياة، وحملت لها الحياة على زنادك بسلام ؟
لله ما أحلمك وما أنبل كرمك !.

ما أطيب الثرى الذي عطرته بمسك قطراتك ؟ إن له معنى لا يفهمه إلا المجنون بحبك !
كم كنت حضنا دافئا، والصر ترتجف معه الشفاة !.
وبرودة منك تحيي العيون التي أذابتها حرارة الكون !
سلاما على روحك الطاهرة التي رحلت مع الراحلين حزنا وكمدا عليهم لأنك ما عرفت الحياة إلا بهم، وهم لم يعرفوا محيطا إلاّك.
وسلاما لشبابك الحاضن لصغيرنا وكبيرنا الذي عشنا تحت كنفه.

فسلام جعفري الصغير سلام لحنانك الفياض وسلام لمن عرفوا معنى الحياة معك.

 

تعـريفـات ..

 – الجعفرية (النهر الصغير) وعنيت به هنا (الفلج).

– سمامك (لفظة عمانية تعني مجرى الفلج الطويل المسقوف).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى