أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

لا تجعلوا من الحمقى مشاهير..

الكاتب/ ماجد بن محمد الوهيبي

 

لا تجعلوا من الحمقى مشاهير..

 

أذكرُ عبارة قيلت مند زمن ليس ببعيد وظلت هذه العبارة عالقة في ذهني أتذكرها كلما رابني حدثٌ ما، وربما هناك من لم يسمع بها على الإطلاق، وهي في حقيقة الأمر تتردد على مسمعي بين الحين والآخر، ولو فندنا هذه العبارة لما كفتها أسطر هذا المقال، ولا أعلم قائلها الذي أصاب في قوله فعلا، وقد لمسنا صدق عبارته لا سيما في هذه الأيام، وقد أطلقها صريحة حين قال : لا تجعلوا من الحمقى مشاهيرًا، ولعل البعض أحس أن المجتمع بأسره بحاجة  ماسة لمثل هذه العبارة وأمثالها، والتي تعكس الترفع عن التوافه والرقي لما هو صالحٌ وصائب وهي درس من دروس فن التعامل مع قضايا المجتمع المعاصر، إن البحث عن الشهرة لا يكون بالسخرية وازدراء آراء الآخرين، ولا يكون بالتجرؤ على إظهار العداء للإسلام وحل عُرى الدين، ولا بالتَّقَوُّل على الله وعلى خاتم الأنبياء وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ولا أن يتخذ البعض مبدأ خالف تُعرف ليلفت إليه الأنظار فبئس المسلك وبئس العمل المُشين، وهذا هو دَيْدَن الحمقى في كل وقت وحين، ويوافق ذلك أيضًا قول الشاعر: لكل داء دواء يستطبّ به ** إلا الحماقة أعيت من يداويها.

وهناك بعض الخصال التي يُعرف الأحمق من خلالها وشتان بينه وبين العالِم الحكيم الذي ينطق بالحكمة وتلمس في حديثه التواضع والهدوء ولا تخرج من الحديث معه إلا بفائدةٍ أو حكمةٍ أو فضيلةٍ من فضائل الأقوال والأعمال؛ فإن تكلم نطق عن علمٍ وحكمةٍ، وإن سكت فصمتهُ وقارٌ وهيبة، أما الأحمق الذي لا ينتصر له إلا من هم على شاكلته أو من هم أحمق منه، فهو يدّعي العلم والفلسفة وقد تلبس بالجهل فما أجهله، وقد أدت به فلسفته إلى الضلال والشذوذ والزندقة في الأقوال والرعونة في الأفعال مع انعدام الرزانة وقلة الاتزان، ومن وجدت في شخصيته هذه الخصال فاعلم أنه أحمقٌ ظاهر الحمق ولا تؤخذ منه آراءٌ  ولا يكون بأفعاله للآخرين أسوةً ومثالا ً بل يلحقهم باتباعه سوء المنقلب والمآل، وإليك عزيزي القارئ البعض من هذه الخصال، كالغضب من غير شيء، والكلام من غير منفعة، والثقة بكل أحد حتى ولو عرف عنهم المجاهرة بالضلال والفساد وإغواء العباد وإفشاء السر وعدم حفظ العهود والتمرد على كل شيء ولا يفرقون بين  الأعداء والأصدقاء ويقبلون كل فكر هزيل وسقيم ويستبدلون نصوص القرآن الثابتة بنظريات البشر الفاشلة، ويتركون الأسوة بسيد الأبرار ليتّبعوا زمرة من الفُجّار ولا يفرقون بين الليل والنهار ولا بين الفَرَس والحمار، ومع هذا كله يتوهم هؤلاء أنهم أعقل الناس وأنهم من الأخيار، و يزعمون أن فلسفتهم أوصلتهم إلى اكتشاف لم يسبقه إليهم أحد كأن يطعنون في كتاب الله الحكيم وسُنة نبيهِ الكريم، ويدعون لتجديد الخطاب وهم يفتقرون إلى الحكمة وفصل الخطاب، وينادون بتحرير المرأة من العِفةِ والحجاب وفي الحقيقة أنهم يتربصون بها كالذئاب، ومنهم من يرددون الكلام الذي سمعوه من بعضهم البعض فإذا طرح أحدهم فكرة حمقاء كحمقه، رددها الآخر دون أن يفهمها ويعلم تأثيرها ومغزاها وهذه تعتبر بحد ذاتها كارثة، والحماقة أنواع فمنها هذا ومنها ما نراهُ ونسمعه على وسائل التواصل الاجتماعي من الركاكة والخنوع في المواضيع المطروحة على هذه الوسائل وهي لا تمُت للإنسانية بأي صلة، بل وتخجل البهائم غير المكلفة بهذه التصرفات التي يصاحبها غنجٌ في الحديث والظهور بمظاهر لا تليق بسمت الرجال ولا بحشمة النساء وفي كل يومٍ يخرجون لنا بشكل مختلف وبفكرٍ منحرف ينادون بأفكار الغرب وقد فر الغربُ أنفسهم منها ومن أخطارها وأضرارها وعواقبها،  ومع ذلك تسمع أن لهؤلاء الحمقى من يحرص كل الحرص على متابعتهم، وهذا ما يثير في نفسي التعجب والاستغراب !! فما الجدوى من متابعة هؤلاء ؟!! إلا إهدار الوقت وإضاعته فيما لا يعود على المتابع بأي نفع يرتجى من ذلك وهذه نكبة من نكبات العصر وسقطة لهذا الجيل الذي ينتظر منه كل خير، ويعوّل عليه كل بر، فالواجب علينا تجاه هذا الجيل هو تبصرته بالأصوب وبث الصحوة في شبابه من الجنسين، وانتشاله من هذه التوافه وتحذيره من تغرير الحمقى والمغفلين، وأن يكون هو المدافع الأمين  والسياج المتين لوطنه وأمته ومجتمعه من أقوال المرجفين وتصرفات المغرضين، وأن لا يفرط في وقته دون منفعة وتركه هكذا يذهب سُدى، فهنالك ما هو أهم والمجتمع ينتظر منه العطاء ولكل جيل وقته وأثره فلنكن مصدر بناءٍ لا معول هدم.

‫4 تعليقات

  1. الحمقى مثل البالونات كبيرة الحجم ولا ثقل لها ترتفع إلى أعالي السماء فإذا ما أصابها طرف إبرة انقشعت على لا شئ لأنها أصلا لا شئ أمثال هؤلاء يحبون الظهور في التلفاز وفي الندوات وفي المنتديات ليُشار اهم بالبنان فإذا ما اشتهروا صار لهم اتباعا يضلونهم بغير علم هكذا نصنع ايطالا من ورق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى