أصداء وآراء

هكذا نجحت روسيا بجر تركيا إلى المحور الشرقي الصاعد بقيادة الصين !!.. (الجزء الثاني)..

هكذا نجحت "أذربيجان وتركيا وروسيا" على تمرير صفقة حرب "ناجورنو قره باغ" وحصاد ثمارها !!..

* الكاتـب والمـحـلل/ سمـيـر عـبـيـد

 

هكذا نجحت روسيا بجر تركيا إلى المحور الشرقي الصاعد بقيادة الصين !!.. (الجزء الثاني)..

 

هكذا نجحت “أذربيجان وتركيا وروسيا” على تمرير صفقة حرب “ناجورنو قره باغ” وحصاد ثمارها !!..

 

بتوقيت ذهبي واستغلالاً لجائحة كورونا التي ضرب إقتصاديات الولايات المتحدة ودوّل الاتحاد الأوربي وشل تحركاتهم العسكرية في المنطقة، وانشغال فرنسا المندفعة في الملف اللبناني، وتقاعسها في ملف قره باغ، وكذلك إستغلالاً لانشغال الولايات المتحدة في الإنتخابات الأميركية، وحاجة الرئيس دونالد ترامب الى دعم الرئيسين الروسي والتركي في الانتخابات، ذهبت كل من (روسيا وتركيا واذربيجان) لتمرير صفقة الحرب في قره باغ بهدف حصاد نتائجها لصالح تركيا بضمانات روسية. وليس حُبّاً بتصرفات وسياسات الرئيس التركي أردوغان بل لتحقيق مكاسب تهم روسيا والصين وإيران ودول القوقاز وهي :

1- ترويض الرئيس التركي وزرع الثقة عنده أكثر وأكثر بأن روسيا حليفة له ولا تريد إستغلاله لظرف معين، وإقناع الرئيس أردوغان من خلال الأفعال والمواقف أن الفائدة الإستراتيجية لتركيا ليست مع واشنطن وحلف الناتو، بل مع موسكو وحلفائها مثل الصين وإيران ودول القوقاز !!.

2- إغراء تركيا في صفقة قره باغ لتبقي روسيا باب المغريات مفتوحاً لتسويات في ليبيا، وتحسين الإتفاقيات في سوريا وخصوصاً في إدلب وشرق الفرات !، وكذلك فتح باب المغريات مفتوحاً لتسويات في البحر الأسود، ومحاولة روسية لإقناع تركيا بصفقة (خذي قره باغ ، وسوف نحرس لك الممر الآمن نحو أذربيجان، نوصلك لبحر قزوين، ومن ثم للجمهوريات الناطقة بالتركية، مقابل نسيان وإغلاق موضوع شبه جزيرة القرم “التتار” التي ضمتها روسيا لأراضيها عام ٢٠١٤) !!.

3- فمن ثمار حرب قره باغ وتسويتها الأخيرة هو تأسيس “الممر البري الآمن” بين جمهورية ناختشيفان غير المعترف بها والتابعة لأذربيجان وصولاً إلى قره باغ ثم الأراضي الأذربيجانية، أي وصول تركيا عبر ناختشيفان إلى أذربيجان ومن خلال ممر آمن بحراسة ورقابة روسية والذي يعتبر نصراً جيوسياسياً وجيواقتصادياً لتركيا، لأنه سيوصل تركيا مباشرة بجمهوريات آسيا الوسطى ماوراء أذربيجان !!.

4- وروسيا عندما كانت تشاهد خذلان أرمينيا من قبل الغرب السياسي والديني ولَم تُلبِّ نداءات أرمينيا، وجولات مسؤوليها على الغرب، إعتبرت روسيا أنها أنقذت أرمينيا بهذا الاتفاق من حرب سوف تصل حتى عاصمتها يريفان .. ولكن روسيا أنقذتها بهذا الإتفاق !!، والحقيقة أن روسيا أوقفت حرباً لو كانت مستمرة لجرّت روسيا لها حسب اتفاقية أمنية موقعة مع أرمينيا، وبالتالي إيقاف تلك الحرب ضرورة روسية وإيرانية وأرمينية، لاسيما وأنها حققت أهداف الصفقة، وأهمها تكبيل تركيا بالمغريات لتصبح بأمرة المحور الشرقي الصاعد !!.

5- تركيا بعد ثمار حرب “قره باغ” لن تعطي ظهرها لروسيا، لأن روسيا هي الضامن الأمني لشريان التواصل التركي مع جمهوريات القوقاز الناطقة بالتركية، وهي الضامن لنافذة العسل التي تغرق تركيا بحلاوتها، وهي نافذة الوصول لبحر قزوين وجمهوريات آسيا الوسطى ومد الأنابيب الحاملة للنفط والغاز من أذربيجان وصولاً إلى تركيا عبر هذا الممر الآمن الجديد الذي وفرته صفقة حرب قره باغ والذي هو بحراسة روسية !!.

وهذا يعني أن تركيا وجدت نفسها منتمية إلى المحور الشرقي الصاعد بقيادة الصين والذي يضم ( الصين وروسيا وإيران وحتى كوريا الشمالية فيما بعد)، وهذا هو الهدف الإستراتيجي الأول الذي راهنت عليه روسيا وإيران والصين ونجحت فيه !!.

6- هناك خط بري آمن سوف يُنفذ وضمن هذه الصفقة ويضمن وصول تركيا إلى أراضي أذربيجان الغربية في أذربيجان من خلال (ممر بري) يمتد من جمهورية ناختشيفان ذات الحكم الذاتي، مروراً بالحدود الأرمينية الإيرانبة وصولاً إلى أذربيجان الغربية براً، ويعتبر هذا الممر مهماً واستراتيجياً جداً، ووُجِدَ لجر تركيا أكثر وأكثر نحو محور الصين وإيران وروسيا !!.

فحسب المادة التاسعة من اتفاق وقف إطلاق النار في “قره باغ” ما يلي : ستتم إزالة العوائق التي تعترض حركة النقل والروابط الإقتصادية في المنطقة، وسيتم بناء شبكات النقل والمواصلات في جمهورية (ناختشيفان) ذات الحكم الذاتي (ضمن أذربيحان) مع المناطق الغربية لأذربيجان (البر الرئيسي)، وهنا سيبقى الطريق مفتوحا إلى جمهوريات آسيا الوسطى “الناطقة بالتركية”.

7- جميعنا إطلعنا على بنود الاتفاقية الصينية – الإيرانية العملاقة التي رفع الستار عنها بُعيد إيقاف الإتفاقية الصينية – العراقية، التي توقفت بسبب سقوط حكومة السيد عادل عبد المهدي في العراق، والتي وقّعت بدورها تلك الصفقة في بكين .. فبنود الإتفاقية الصينية – الإيرانبة تؤشر أن حدود المحور الشرقي الصاعد بقيادة الصين قد وصلت الى بحر عُمان ومضيق هرمز بعد فشلها بالوصول إلى البحر المتوسط وأوروبا عبر العراق، مما سبب هستيريا للولايات المتحدة .. ناهيك عن دور  الولايات المتحدة ودول الخليج في إيقاف تنفيذ الإتفاقية الصينية – العراقية، علماً أن الإتفاقية العراقية – الصينية كانت حجر أساس في طريق (الحرير الجديد)، وكذلك الإتفاقية الصينية – الإيرانية التي كُشِف عنها ولكنها تعطلت بفعل الجبهة الأميركية الخليجية، وسيناريوهات صفقة القرن بقيادة إسرائيل، فجاءت إتفاقية إنهاء الحرب في قره باغ وعبر بوابة “ناختشيفان”، لتسهم بطريق (الحرير التاريخي) عبر خلق دعم قوي ولوجستي  إلى طريق (باكو – تبليسي – قارص) الذي يربط تركيا وأذربيجان عبر جورجيا.

الخـلاصـة :

هنا أصبحت تركيا بموقع متميز من الناحية الجيوسياسية والجيواقتصادية، وباتت قادرة على تأديب الأوربيين الذين عاملوها بعنصرية، ومُنِعَ إعطاؤها العضوية الكاملة في الإتحاد الأوروبي لأنها دولة مسلمة، وفي الوقت نفسه بات القلق سائداً لدى حلف الناتو وحتى الولايات المتحدة من فقدان تركيا الدول المهمة والإستراتيجية لهما !!.

هنا نجح الروس بجعل تركيا رأس حربة نيابة عنها ضد أمريكا والناتو وضد دول الإتحاد الأوربي التي تناكف روسيا وفي مقدمتها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا !!.

وهذا يعني ولادة مشهد عالمي جديد من المشاهد العالمية الجديدة، التي ستشكل عالم ما بعد جائحة كورونا التي تعتبر بمكانة حرب عالمية ثالثة وعلى الأقل اقتصاديا !!.

 

 

 

* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن “أصــداء” ، بل تعبر عن آراء الكاتب..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى