أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

أوفيت بوعدي لــ “سلامة وبناتها”..

أحـمـد صـالـح حـلـبـي

باحـث وكاتـب سـعـودي

 

أوفيت بوعدي لــ “سلامة وبناتها”..

 

وأنا أقلب في صفحات لكتب ومراجع تتحدث عن سلطنة عُمان ، وتاريخها ، وثقافتها ، وتراثها ؛ استوقفتني “سلامة وبناتها” قائلات أين أنت عنا ؟ ، ولماذا لا تتحدث عن قصتنا ؟ ، وتوضح للقراء من نحن ، وكيف كانت بدايتنا؟.

حينها وجدت أنهن يتحدثن الحقيقة وأني مقصر بحقهن ، ولابد أن يعرف القراء من هي سلامة ، ومن هن بناتها ، فمنذ أن بدأت أكتب عن تاريخ سلطنة عُمان قبل عدة أعوام لم أشر إليهن ، كما أنني يوم كتبت عن نساء عُمانيات خلدهن التاريخ لم أشر إلى “سلامة وبناتها” ، فأرجو منهن أن يصفحن عني ، فاليوم أوفي بوعدي لهن ، وأوضح للجميع من هي سلامة ، ومن هن بناتها.

وسلامة وبناتها اللواتي سأتحدث عنهن لسن فتيات أو نساء عاديات ، ولا هن قائدات فذات ، إنهن جزر جذبن بجمال بيئتهن قاصديهن ، فأخذوا يرددون قول الشاعر علي بن الجهم “جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري”.

وجزيرة “سلامة وبناتها” في سلطنة عُمان تعد من أشهر الجزر ، وتقع بالقرب من أحد أهم الممرات المائية في العالم ، وهو مضيق هرمز بالخليج العربي ، الذي يعد من أكثر المناطق البحرية ازدحاماً بالسفن.

و “سلامة وبناتها” عبارة عن جزر تنتشر في هذا المضيق ، ويعود سبب تسميتها إلى أن هناك بحارة عرب تعرضوا لخطر البحر ، وحينما وصلوا إلى الجزيرة ورسوا بها ، رددوا قائلين لقد وصلنا إلى سلامة ، بمعنى وصلنا بالسلامة ، فأصبح اسم الجزيرة سلامة لأنها وفرت السلامة للبحارة بعد معاناة طويلة ، ولأن سلامة جزيرة كبيرة ، وحولها جزر صغيرة ، فقالوا : هذه سلامة وهؤلاء بناتها ، فأصبح اسم الجزيرة “سلامة وبناتها”.

وتقع “سلامة وبناتها” على بعد حوالي 17 كيلومتراً قبالة الساحل الشمالي لمسندم ، وفقاً لموقع وزارة السياحة العمانية ، ويمكن الوصول إليها بواسطة السفن أو القوارب التقليدية، ويقصدها هواة الغوص لما تتميز به من بيئة بحرية خصبة وشعاب مرجانية.

ولأن الزين ما يكمل كما يقال ، فقد سطرت الخرافات العديد من القصص ، ومنها أن هذه الجزر تلتهم السفن وما عليها من بضائع وركاب ، لذلك لا يسكنها أحد !.

ولأن لكل قصة بداية ، فإن بداية قصة الخرافات تقول : “إن سفينـة هندية كانت مبحرة من الساحل العربي إلى الهنـد، فصادف أن الأمواج العالية والعاتية تلاعبت بالسفينة وكادت أن تغرقها ، ففكر الربان في حيلة يخلص بها السفينـة من الغـرق ، فقال للركاب : إنها جنيـة هائلة ، وإذا لم ينفذوا أوامره ويلقوا بعضا من أمتعتهم (عفشهم) إليها لتلتهمها وتتركهم ؛ فإنها سوف تبتلع السفينة بمن فيها ، ففعلوا ما أراد ، فخف حمل السفينة وسهلت حركتها فدفعتها الرياح بسرعة عبر الأمواج الصاخبة وتجاوزت الخطر فعبرت المضيق ولم تغــرق ، ومن هنا كان مصدر الخرافة ، ومع تناقلها بين الناس صابها التحريف والحذف والإضافة”.

أما حقيقة القصة فتقول : إن “مضيق جبــل هرمز الذي يقـع في بداية الخليج العربي مضيق ضيّــق ، تتلاطم الأمواج الكاسرة والقادمــة من المحيط الهندي بشدة فيه ، وعلاوة على ذلك فــإن المضيق يعج بقمــم الجبال الصخرية البارزة في البحر ، مما يؤدي إلى ارتطام الأمواج الصاخبة بها ودوران الماء على نفسه بشدة وبسرعة ، فيشكل هوة في البحر من الدوامات قد تغرق السفن”.

وبعيداً عن هذه الخرافات وغيرها ، فإن جزر “سلامة وبناتها” التي يقصدها أبناء عُمان القريبين منها يفضلون قضاء أجمل أوقاتهم بها ، وهي مصدر جذب للسياح لما تمتاز به من بيئة جميلة.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى