أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

الفـسـاد وسـنـيـنـه !!..

الكـاتـب/ جـمـال أسـعـد

 

الفـسـاد وسـنـيـنـه !!..

 

يمثل الفساد الوجه السلبي والسيء والمرفوض للأفراد أو الجماعات أو الأوطان.

لأن الفساد ضد الإصلاح؛ فأفسد نقيض أصلح؛ والفساد شكل من أشكال خيانة الأمانة من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة واستخدام السلطة لصالح فرد.

وتتعدد أساليب الفساد من الرشوة والاختلاس والابتزاز، وضمن أنواع الفساد؛ الفساد السياسي، وهو إساءة استخدام السلطة العامة من قبل النخب الحاكمة لأهداف غير مشروعة.

وبالطبع فالفساد بكل أساليبه يقلل من عائد الأنشطة الإنتاجية وينتج عدم المساواة، فيكون السعي وراء الربح وممارسة أنشطة فاسدة الشيء الذى يولد إحباطا نفسيا للمحرومين من الطبقات الفقيرة، مما يولّد الحقد والكراهية بين أفراد الشعب وبين الأنظمة الحاكمة. ولا شك فإننا عشنا ونعيش حالة فساد متصاعدة وغير مسبوقة، بالرغم من أن الفساد موجود في كل مكان وكل زمان، ولكن بنسب تحددها القيم والأخلاق الدينية والمجتمعية.

خاصة بعد حالة الفوضى الحقيقية التي اجتاحت المجتمع بعد عملية الفلتان المجتمعي والقيمي والأخلاقي بعد ثورة يناير ولأهداف بعيده عن مصلحة الوطن والمواطنين؛ نعم إننا نرى الآن تلك الحملات الموجهة إلى الفساد والفاسدين من جانب المؤسسات الرقابية، خاصة ضد النخبة بكل أنواعها ومستوياتها، ولكن ما يلفت النظر بحق أن الفساد لم يعد قاصرًا على من يزيد دخله بالرشوة التي تأخذ مسمى البقشيش أو الإكرامية لقضاء مصلحة بسيطة.

ولم يعد الفساد قاصرًا على المحتاج اقتصاديًا ولا يجد مصدرًا حلالًا لزيادة دخله، فيعتمد على هذه الحالة هو تبرير مغلوط، ولم يعد الفساد مقتصرا على المحليات التي قال عنها زكريا عزمي وكان رئيس ديوان رئيس الجمهورية “أن الفساد في المحليات وصل للركب؛ “فقد اعتدنا على تقديم الرشوة للإدارة الهندسية حتى تسهل استخراج رخصة المباني وبالطبع المخالفة، حتى أننا أصبحنا الآن نعانى أشد المعاناة نتيجة لعمليات البناء على أراضي الدولة والأراضي الزراعية.

بل أصبح الفساد بكل أشكاله من رشوة ومحسوبية وابتزاز يجوب كل الساحات، ويحتل كل المساحات، حتى أننا شاهدنا وزير الزراعة الأسبق الذى كان يدّعي التَّديُّن يطلب رشوة، ويا للأسف من ضمنها زيارة الأراضي المقدسة…إلخ، وقد تم القبض عليه في عرض الشارع، وجدنا هناك قضاة وما أدراك من جلال القضاء الذي هو العدل يقبض عليهم بجرائم مخدرات وجرائم جنسية، وجدنا رؤساء مؤسسات يرتشون بملايين الملايين وعلى حساب الاقتصاد القومي، والأغرب كانت تلك القضية المخجلة والمؤسفة، التي طالت رئيس جامعة وهو مرتش بأكثر من سبعين مليون من الجنيهات.

وتبعه عميد لمعهد دراسات عليا، والغريب هنا أن الجامعة يطلق عليها اسم “الحرم الجامعي” أي أن الجامعة لها حرمة مثل حرمة بيوت العبادة!!؛ فهل هناك أسباب موضوعية يمكن أن تفسر هذا؟؛ مع العلم بأن الفساد لا يوجد له أي أسباب موضوعية وغير موضوعية تبرره؛ فهذه النماذج تمتلك السلطة والمال والوجاهة الاجتماعية. هناك سؤال يطرح نفسه بكل وضوح وصراحة؛ كيف تم تعيين هؤلاء في أماكنهم الحساسة هذه ؟ كما أن هذا التعيين يتم أيضا من خلال تلك الأجهزة الرقابية بالطبع؛ فأين الخلل ؟ أما حالة الفساد التي نراها الآن ونحاول السيطرة عليها؛ فهناك أسباب كثيرة لهذا الفساد.

وأهم هذه الأسباب هو التهاون في تطبيق القوانين في التوقيت الواجب؛ فوجدنا قبل 25 يناير نظام الحكم عند إجراء أي انتخابات يقوم تطوعا برفع الغرامات عن المخالفين وإسقاط الأحكام على الذين استولوا على أراضي الدولة … إلخ، الشيء الذي جعل هناك يقينًا بأن القوانين التي تشرع لا مكان لها غير الأدراج، حيث إن المنوط به تنفيذ القانون والحفاظ عليه هو الذى يتهاون!!.

مما جعل الشارع المصري يشكو ويئن من حالة الفوضى العارمة التي نعيشها حتى إننا نظن أن الأمر قد أفلت من بين أيدينا، كما أن هناك جانبا آخر، وهو حالة ذلك التَّديُّن الشكلي الذي حوّل الدِّين إلى تجارة بائرة، فشاهدنا أغلب الفاسدين هم الذين كانوا يتظاهرون بالتمسك بالدِّين والحفاظ على الشكل الديني الظاهري والكاذب؛ أو التظاهر بمحاربة الفساد في موقعه أو التَّشدُّق بحب الوطن!! فهل حان الوقت للاختيار الصحيح للمواقع ؟ هل سنظل نتحدث عن تجديد الخطاب الديني حتى نحمي الدِّين من المتاجرين طوال الوقت دون بداية حقيقية لتحقيق ذلك ؟.

ألم يحن الوقت إلى إعادة دور المدرسة للتربية قبل التعليم ؟ ناهيك عن دور المؤسسات الدينية والإعلامية، والأهم ذلك الوازع الفردي الذى يتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية أيا كانت مصاعب الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى