أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

لـيـلـة الـقـدر..

خالد عمر حشوان

 

لـيـلـة الـقـدر..

 

ليلة القدر هي ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك وقد كرمها الله عز وجل بأن أنزل القرآن الكريم فيها وتقع في ليالي العشر الأواخر من رمضان، وسميت بالقدر الذي يعني الشرف، فنحن نقول: فلان ذو قدر عظيم أي ذو شرف كبير، وأيضا يقدر فيها الله ما يكون في تلك السنة ويكتب ما سيجري فيها للخلائق جميعا.

سبب إخفاء موعد ليلة القدر :

هي حكمة من الله عز وجل لعبادة من أجل الاجتهاد في العبادة في الليالي العشر الأخيرة، لأنها لو حددت فلن يجتهد المسلمين في العبادة في غيرها من الليالي، وأما قصة نسيان الرسول عليه الصلاة والسلام لموعدها، فقد ثبتت في ما ذكره البخاري في صحيحه عن حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه عندما قال : “خَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيُخْبِرَنَا بلَيْلَةِ القَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلَاحَى فُلَانٌ وفُلَانٌ، فَرُفِعَتْ وعَسَى أنْ يَكونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا في التَّاسِعَةِ، والسَّابِعَةِ، والخَامِسَةِ” (ومعنى تلاحى : أي تشاجرا).

فضل ليلة القدر : ونلخص فضل هذه الليلة في ست نقاط مهمة وهي :

أولا : ليلة نزول القرآن :

فهي ليلة أختارها الله عز وجل لنزول القرآن الكريم فيها كما في قوله تعالى “إِنَّآ أَنزَلنَٰهُ فِي لَيلَةِ ٱلقَدرِ (القدر-1).

ثانيا : ليلة التقدير :

وفيها يقدر الله مقادير الخلائق على مدار العام ويكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل وكل ما يريده سبحانه لقوله تعالى ” فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ” (الدخان – 4).

ثالثا : ليلة مباركة :

وقد أكد الله عز وجل على أنها ليلة مباركة في قوله تعالى: ” إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِين“.

رابعا : العبادة فيها خير من ألف شهر :

أي أن عبادة هذه الليلة المباركة أفضل من عبادة ألف شهر (أي ثلاثا وثمانين عاما وأربعة أشهر) كما قال الله تعالى ” لَيلَةُ ٱلقَدرِ خَير مِّن أَلفِ شَهرٖ”(القدر-3).

خامسا : نزول الملائكة وجبريل فيها بالخير والبركة :

ونزول الملائكة هنا متكرر إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة كما قال الله تعالى “تَنَزَّلُ ٱلمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمرٖ” (القدر-4) وقال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة : “إنَّ الملائِكةَ تلْكَ الليلةَ في الأرْضِ أكثَرُ من عدَدِ الحَصَى”.

سادسا : ليلة السلام :

وتعني ليلة السلام الخالية من الشر والأذى لكثرة الطاعات فيها وأعمال الخير والبر والسلامة من العذاب وهي سلام من أولها إلى آخرها كما قال الله تعالى : “سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مطلع الفجر” (القدر-5).

كيفية قيام ليلة القدر :

يكون قيام هذه الليلة بالاجتهاد في العبادة والصلاة قليلا أو كثيرا وإطالة الصلاة بقراءة القرآن مع إطالة الركوع والسجود والاعتكاف فيها إن أمكن وذكر الله والصدقة والإقبال على الله بكل الجوارح وحث الأهل وإيقاظهم لقيام هذه الليلة المباركة، وبالنسبة لعدد ركعات الصلاة فقد ثبت عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِه ، على إحدَى عشرةَ ركعةً” (صحيح الترمذي).

علامات ليلة القدر :

* ظهور الشمس صباح هذه الليلة دون شعاع أو كأنها مغطاة لقوة شعاعها بسحابة خفيفة.

* شعور المؤمن بالطمأنينة والسلامة وانشراح القلب وعدم الشعور بالقلق أو التوتر لأنها سلام حتى مطلع الفجر.

* تكون الرياح ساكنة والجو في هدوء واعتدال بحيث لا يكون شديد البرودة ولا شديد الحرارة.

* تكون السماء مضيئة في هذه الليلة ونورها أقوى من الليالي العادية ويميزها عن غيرها من الليالي.

دعاء ليلة القدر :

ذكرت السيدة عائشة رضي الله عنها، أنها سألت الرسول عن ذلك : قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، أرأيْتَ إنْ وافَقتُ لَيلةَ القَدْرِ، ما أقولُ فيها؟ قال: قولي: اللَّهمَّ إنَّكَ عَفوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فاعفُ عني” (أخرجه الترمذي والنسائي).

ويمكن للمسلم الدعاء بما يشاء من الأدعية المأثورة عن النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة والصالحين.

ورسالتي الأخيرة من هذا المقال لكل مسلم يحب الاختصار في قيام هذه الليلة على الليالي الوترية من العشر الأواخر كما حثنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام (وهو أمر جائز وصحيح)، ماذا لو كان هناك خطأ في دخول شهر رمضان المبارك من الأساس وتبدلت الليالي الوترية بليالي زوجية بسبب هذا الخطأ غير المقصود والوارد، لأننا بشر نخطئ ونصيب، فهل يعقل أن نخسر قيام ليلة عظيمة لا تتكرر في السنة إلا مرة واحدة ولا نعلم أننا سوف نكون في عداد الأحياء أو الأموات العام القادم، لذا دعونا نجتهد في قيام العشر الأواخر جميعها وترية وزوجية بنفس الاجتهاد كي نضمن بفضل الله وكرمه أجر هذه الليلة وثوابها عنده.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى