أصــداء منوعةجوائز ، تكريم

جزيرة مصيرة تحصل على شهادة الاعتراف الدولي من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية..

مصـيرة : بدر بن مراد البلـوشي

 

حصلت جزيرة مصيرة على شهادة الاعتراف الدولي من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية كأول جزيرة صحية على مستوى إقليم شرق المتوسط.

وبهذه المناسبة نظمت وزارة الصحة يوم الاحد احتفالية بنادي مصيره الرياضي الثقافي بتسلم شهادة الاعتراف الدولي ، وذلك تحت رعاية معالي الدكتور هلال بن علي هلال السبتي ـ وزير الصحة ـ وبحضور سعادة الدكتورة فاطمة بنت محمد العجمية ـ وكيلة وزارة الصحة للشؤون الادارية والمالية والتخطيط ، وسعادة الدكتور يحيى بن بدر بن مالك المعولي ـ محافظ جنوب الشرقية وعدد من أصحاب السعادة الولاة وعضو مجلس الشورى والاعيان والمسؤولين بوزارة الصحة وبالمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة جنوب الشرقية والمدعوين.

برنامج فقرات الحفل تضمنت تقديم لوحات ترحيبية وشعبية ، بالاضافة الى تقديم عرض مرئي عن جزيرة مصيرة الصحية ، والقاء كلمات بهذه المناسبة ، ففي البداية القى عبدالحميد بن علي العبري نائب والي مصيرة ـ رئيس المكتب التنفيذي للجزيرة الصحية كلمة قال فيها انه لشرف كبير وسعادة غامرة ان نرى مشروع جزيرة مصيرة الصحية وقد استكمل بناءه ، وحقق أهدافه، وبانت رؤيته، وادى رسالته، وحيث انه مشروع تفردت به سلطنة عمان ليكون نموذجا إقليميا وعالميا ، وإننا نفخر به كونه انجاز حالفه النجاح بتكاتف الجهود المجتمعية , وجهود الهيئات والمؤسسات ذات الصلة ، وما كان ذلك الا بالإصرار والصبر على تخطي العقبات والمعوقات التي كانت تحول دون نجاحه.

وأضاف رئيس المكتب التنفيذي لجزيرة مصيرة الصحية أنه ورغم المصاعب التي تمثلت في مساحة الجزيرة ذات الأطراف المترامية , وعدد السكان , وتباعد تجمعاتهم السكنية , بالإضافة الى كثرة معايير التقييم التي تقيم بها مثل هذه المشاريع في منظمة الصحة العالمية ، الا ان ذلك كان دافعا قويا لتحقيق الهدف وإنجاز المشروع ، ولاشك ان التنمية الاجتماعية والاقتصادية وغيرها قائمة على الممارسة الصحية الشاملة من قبل سكان الجزيرة ، لذا فان هذا المشروع يعطي الصبغة الحقيقية الدافعة لأبناء الولاية لتبني هذا العمل فكرا وسلوكا , وهو ملحظ حضاري مطلوب.

واختتم كلمته قائلا أنه لا يسعنا في هذا المقام الا ان نسجل كلمة شكر لكل الجهات الداعمة الحكومية والخاصة التي شاركت وساهمت في تحقيق الهدف المرجو.

بعدها ألقى سعود بن عامر النظيري ـــ مدير عام الخدمات الصحية لمحافظة جنوب الشرقية ــ كلمة وزارة الصحة أوضح فيها أن إعلان منظمة الصحة العالمية في أن أكثر من نصف سكان العالم يقطنون في المناطق الحضرية ، وأنه بحلول عام 2025 فإن 70% منهم سيكونون من سكان المدن الأمر الذي يبشر بنمو مضطرد في المجتمعات الحضرية محققا بذلك عـدة مزايا، إلا أنه سوف يشكل تحديا مهددا للصحة.

وأضاف النظيري إن التحضر في حد ذاته ليس بقابل للقياس إيجابا أو سلبا ، فهناك العديد من العوامل التي تعتبر ضربا من ضروب الحضارة والحياة العصرية قد تشكل خطرا على الصحة العامة لأفـراد المجتمع بالرغم من وجودها خارج القطاع الصحي ، حيث تشكل هذه العوامل الظروف الإقتصادية والإجتماعية والبيئية التي يعيش بها هؤلاء ، وتتمثل بتوفر خدمات البنية التحتية، والعـدالة في توفير الخدمات الصحية والإجتماعية وإمكانية الوصول إليها ، بالإضافة إلى الدخل المعقول والمقبول وتوفير فرص التعليم وغيرها.

واشار بأن المخاطر البيئية بعناصرها المختلفة تعد هي أبرز التحديات التي تواجه الحياة المدنية، وكلما إرتفع عـدد السكان كانت تلك المخاطر أكبر، بالإضافة إلى إتباع أنماط حياة في المدن باتت تشكل خطرا ذا بعدا إضافيا على صحة الأفراد، مما أدى إلى تغيرات في الخارطة الوبائية ؛ على سبيل المثال الأمراض المزمنة الغير المعدية ، حيث يصل معدل إنتشار السكري بهذه الجزيرة الى حوالي 29% ، مضيفا الى إن التصدي لهذه التحديات التي نطلق عليها المحددات الإجتماعية للصحة ، لا يمكن أن يتم داخل القطاع الصحي بمعزل عن باقي القطاعات وبدون مشاركة المجتمع ، لذلك بدأت الوزارة منذ بدايات العقد الأخير من القرن الماضي تنفيذ برامج ومبادرات تنبني على الشراكة المجتمعية والقطاعية ، إستجابة لمفهوم أطلقته منظمة الصحة العالمية آنذاك تحت مسمى المبادرات المجتمعية. كالمدن والقرى الصحية وبرامج أنماط الحياة الصحية. وإتسمت هذه البرامج بالتعبئة المجتعية باحرازها تقدما ملحوظا في تعزيز الصحة، وتبني أنماط حياة حصية بين أفراد المجتمع في مواقع تنفيذها، ولاقى هذا النهج رواجا مجيدا لقدرته على مواجهة الكثير من المشكلات الصحية ووضع الحلول المناسبة لها.

وأضاف أن جزيرة مصيرة الصحية تعد أبرزهذه البرامج المجتمعية الذي تهدف لتحسين البيئة المادية والإجتماعية والإقتصادية المؤثرة على الصحة ، كما يمكن لافراد المجتمع من تطوير إمكاناتهم بما يحقق الصحة للجميع من خلال كافة القطاعات الحكومية وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص بالتشارك مع أفراد المجتمع المحلي لمقاربة المحددات الإجتماعية للصحة الأمر الذي يتجاوز الخدمات الصحية ، ويسهم بشكل فعال في إدخال التحسينات على البيئة المحلية والمرافق العامة التي تساهم في تحقيق مزيدا من الرفاهية للناس والجودة لنوعية حياتهم ، لياتي إعلان هذه الجزيرة العريقة اليوم كجزيرة صحية ، فهذا يعني أنها ستعمل بإستمرار على تحسين بيئتها المادية والإجتماعية وتوسيع مواردها المجتمعية من خلال نهج تشاركي يمكن الناس من مساندة بعضهم البعض في أداء كافة وظائف الحياة وفي تطوير إمكاناتهم وبناء قدراتهم، الأمر الذي يقودهم في النهاية إلى تعزيز صحتهم.

وأوضح أن حصول جزيرة مصيرة الصحية على الإعتراف الدولي من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية كأول جزيرة صحية على مستوى أقليم الشرق المتوسط ، يعد هذا بحد ذاته إنجاز عظيم ودليل على وجود الإرادة السياسية وروح الإلتزام لتحسين الوضع الصحي والإجتماعي لسكانها ، علاوة على رغبة صادقة في تحويل مسار مواردها و إعتماد السياسات والهياكل التنظيمية اللازمة لجعلها واحدة من الجزر الصحية في العالم ، مشيرا الى ان حصولها على هذا اللقب جاء بعد إستيفائها لمعايير التقييم البالغ عددها ثمانون معيارا تندرج تحت تسعة محاور، وهي السياسات والتوجيهات ، المحور البيئي، التنمية الصحية، التعليم و محو الأمية، مركز المعلومات المجتمعي، اللجان المحلية والمتطوعون ، الإستعداد للطوارئ، تنمية المهارات والتدريب المهني و أنشطة القروض الصغيرة.

وأضاف سعود النظيري أن الوصول لهذا الإعتراف ليس هو نهاية المطاف ، وليس النتيجة المطلوبة بحد ذاتها ، وإنما تعد هي بداية المشوار لعملية مستمرة يتم خلالها إتباع نهج تشاركي يدعم عمليات التنمية المستدامة التي تتبناها بلادنا الغالية.

واختتم قائلا : إننا نهدي النجاح الذي تحقق لكل من ساهم ولا يزال يساهم في تحقيق الإنجازات ولكل من ذلل الصعاب وركب موج التحديات، ولكل من آمن بوطن لا يبنيه إلا بسواعد أبنائه. إلى أهلنا في جزيرة مصيرة قطاعات ومؤسسات و أفراد لهم منا كل الشكر والتقدير ، وبأن وزارة الصحة ستستمر في نشر ثقافة الشراكة مع المجتمع والتوسع في عدد المواقع التي تعمل بمنهج المبادرات المجتمعية و ترسيخ مفهوم الشراكة المجتمعية.

ثم القى سعادة الدكتور جون جبور ممثل منظمة الصحة العالمية بسلطنة عمان كلمة المنظمة قال فيها : إنه لشرف عظيم بترحيبه للجميع باسم منظمة الصحة العالمية في هذه الاحتفالية الخاصة بالاعتراف الدولي بجزيرة مصيرة كأولى الجزر الصحية في إقليم شرق المتوسط ضمن شبكة المدن الصحية لمنظمة الصحة العالمية.

واضاف سعادته إنه لمن حسن الطالع أن يتزامن اقامة هذا الحفل ، وسلطنة عمان تشهد اهتماما غيرِ مسبوقٍ، بإنشاء وتخطيط مدن مستقبلية نموذجية تركز على معايير عالمية لجودة الحياة ورفاهية العيش ، مثل مدينة السلطان هيثم التي تم الإعلان عنها مؤخرا ، وان الاهتمام هذا تواكب مع مبادئ وأهداف التنمية المستدامة، ويتسق مع استراتيجياتِ وخططِ منظمة الصحة العالمية.

بعد أن شهدنا معاً الأوامر السامية من صاحب الجلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ـ بتعزيز اللامركزية ، والاهتمام بتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني ، بما يسهمه في دعم التنمية على مستوى المحافظات ، واشار سعادته جازماً أن النهج هذا سيكون له كبيرُ الأثرِ في الدفع بالتنمية الصحية، وسيُسرِّعُ من وتيرة العمل الحكومي والمجتمعي من أجل وضع الصحة والرعاية الاجتماعية في قائمة أولويات التنمية بالمحافظات مما سيؤدي لترسيخ مبدأ الصحة في جميع السياسات.

واضاف سعادة جون جبور : إنه لا يفوتني في هذا السياق ان أشير للأوامر السامية بإنشاء المركز الوطني للمرأة والطفل ، الذي من شأنه أن يعزز الخدمات الصحية المقدمة لهذه الفئة الحساسة التي تتطلب توفير الحماية والرعاية اللازمتين، مما يدل على الاهتمام الذي توليه حكومة صاحب الجلالة بكافة شرائح المجتمع.

وأشار سعادته ؛ بأن منظمة الصحة العالمية ركزت على المحددات الاجتماعية للصحة ، وعملت على إرساء مبدأ إشراك المجتمع والتنسيق بين القطاعات ذات العلاقة بالصحة، كأحد أهم مكونات النظم الصحية، ومن هذا المنطلق فقد أولت المنظمة عناية خاصة ببرنامج المدن الصحية، ووضعت دلائل العمل اللازمة، كما قامت بإنشاء الهياكل التنفيذية داخل المنظمة لمتابعة تطبيق هذه المبادرة وتقديم الدعم اللازم لها، كما تم وضع دليل عمل يوضح جميع الخطوات اللازمة لاعتماد المدن الصحية التي تبدأ بتقديم طلب الانضمام إلى الشبكة الإقليمية للمدن الصحية من خلال التوقيع على خطاب التعاون مع المنظمة، ومن ثَمّ مرحلة التنفيذ التي تتضمن التنظيم والتعبئة المجتمعية: وتنفيذُ الأنشطة التي تهدف إلى تحسين الوضع الصحي والاجتماعي للسكان، وتعزيز المساواة الصحية، وأخيرا مرحلة التقييم و التي تتضمن التقييم الخارجي من قبل فريق منظمة الصحة العالمية، ومن ثم تلقي شهادة التصنيف من المكتب الإقليمي.

واشار أنه في سبتمبر من العام الماضي 2022 تم عمل التقييمَ النهائي لجزيرة مصيرة الصحية ، من قبل فريق المنظمة بقيادة الدكتورة سمر الفقي ـ المستشارة الإقليمية لتعزيز الصحة بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط ـ وأظهر التقييم استيفاء المدينة للمعاير المطلوبة، وحفلنا اليوم تتويجا لجميع الجهود المبذولة عبر السنوات الماضية لإنجاح هذا المشروع المستدام.

وأضاف سعادته أنهم في منظمة الصحة العالمية بسلطنة عمان حريصون على كل ما من شأنه الدفع بالمبادرات المجتمعية للأمام ، حيث تم تنفيذ العديد من المبادرات والمشاريع الرامية لدعم هذه المبادرات بالتعاون مع وزارة الصحة والشركاء الآخرين، فعلى سبيل المثال قمنا بالتعاون مع وزارة الصحة بعقد مؤتمر وطني بحضور أكثر من 40 من أصحاب السعادة الولاة ، بهدف الترويج لمبادرة المدن الصحية، وتبادل الخبرات بين مختلف المدن المطبقة للمبادرة، كما تم القيام بزيارت ميدانية لمختلف محافظات سلطنة عمان ، واللقاء مع أصحاب السعادة المحافظين وأصحاب السعادة الولاة، وقد تلمسنا من هذه اللقاءات وجود رغبة حقيقية لتبني هذه المبادرات ووضع الصحة في قائمة أولويات التنمية الاجتماعية ، وأكد سعادته على الدور الريادي لسلطنة عمان في الإقليم في هذا الجانب ، حيث لا يُخفى عليكم الإنجازات التي تم تحقيقها في مبادرة المدن والقرى الصحية كأحد المبادرات التي تعمل على تحسين الصحة من خلال التنمية المستدامة واستنهاض جهود المجتمع المحلي لإحداث تغيير حقيقي يسهم في تحسين الصحة ، وفي الحقيقة فإنه ومنذ إطلاقُ هذه المبادرة في إقليم شرق المتوسط في التسعينيات من القرن الماضي، وسلطنة عمان تخطو بخطواتٍ واسعة في ترسيخ مبدأ المبادرات المجتمعية الصحية في نظامها الصحي، مما جعلها في صدارة دول الإقليم من حيث تطبيقها. ولدينا بمكتب منظمة الصحة العالمية بسلطنة عمان خطط طموحة مع وزارة الصحة لدعم المزيد من المدن الصحية، و نتأمل أن نشهد انضمام مزيد من المدن لمبادرة المدن الصحية مثل مدينة البريمي و صحار وينقل و بركاء و مدن أخرى ضمن قائمة المدن الصحية بسلطنة عمان.

وقدّم ممثل منظمة الصحة العالمية بسلطنة عمان شكره لمعالي الدكتور وزير الصحة ولاصحاب السعادة الوكلاء على كل ما يولونه من اهتمام بالغ في دعم كافة المبادرات المجتمعية وتطوير دعائم اللامركزية في القطاع الصحي والارتقاء بالخدمات الصحية لتشمل كافة شرائح المجتمع ، وعلى ما يبذلونه في سبيل تطوير العمل المشترك مع مكتب منظمة الصحة العالمية ، وينطلعون إلى العمل معًا لتحقيق رؤية إقليم شرق المتوسط”الصحة للجميع وبالجميع” في سلطنة عمان.

كذلك ألقت الدكتورة مها العدوي ـ مديرة إدارة تعزيز صحة السكان بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط كلمة قالت فيها : إن المدن الصحية ليست هي مجرد برنامج، بل هي عملية ديناميكية تشجع جميع القطاعات على التعاون والعمل على تعزيز الصحة، من خلال تحسين جميع دِّات والعوامل الصحية، سواء كانت عوامل بيئية أم تعليمية أم اجتماعية أم اقتصادي. ، ويتماشى ذلك مع رؤية إقليم شرق المتوسط 2023 وبرنامج العمل العام الثالث عشر لمنظمة الصحة العالمية “الصحة للجميع وبالجميع 2019 – 2025” ، وأهداف التنمية المستدامة ، وجميعها التزامات إقليمية وعالمية مهمة في مجال الصحة العامة ترشدنا الى تحقيق التغطية الصحية الشاملة، ومن ثم أهداف التنمية المستدامة.

وأكدت ؛ أن التعاون بين الشبكات الوطنية والإقليمية والعالمية لا ينهض وحسب ببرنامج المدن الصحية والمجتمعات المحلية أيضًا من تقييم احتياجاتها والتخطيط بفعالية لتلبيتها ، ويومًا بعد يوم، يتسع نطاق برنامج المدن الصحية في جميع أرجاء سلطنة عُمان في تجسيد عملي لقِّيَمنا الإقليمية الأساسية التي تسعى إلى دمج الصحة في جميع السياسات، وإشراك معظم القطاعات في تحسين الصحة والعافية. وبذلك، تسير سلطنة عمان على الدرب لتحقيق إحدى الغايات المليارية الثلاث التي ينشدها برنامج العمل العام الثالث عشر للمنظمة ، والمتمثلة في “تمتُّع مليار شخص آخر بمزيدٍ من الصحة والعافية”.

وأضافت الدكتورة مها العدوي ، أنه بعد إجراء تقييم دقيق ، تبين أن جزيرة مصيرة تستوفي أكثر من 80 ٪ من المعايير المطلوبة والمؤشرات اللازمة في حصولها على لقب “مدينة صحية” وفقًا للمبادئ التوجيهية الصادرة عن مختلف المجالات ، وبذلك تكون مصيرة أول جزيرة تحصل على هذا اللقب في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، لتنظم إلى أسرة المدن الصحية الآخذة في النمو ، لتحافظ جزيرة مصيرة على التقاليد العريقة لسلطنة عُمان، وتحرص على تحقيق أسلوب حياة يعتمد على العناصر الطبيعية ، وتمد سائر أرجاء سلطنة عمان بالثروة السمكية. ، وتحقق هذا الإنجاز بفضل الجهود التي بذلها الفريق الوطني للمدن الصحية بإشراف سديد من معالي الدكتور وزير الصحة.

في ختام برنامج الحفل ـ تسلم سعادة الشيخ عبد الله بن عبدالله عبدالوالي باعوين ـ والي ولاية مصيرة شهادة الاعتراف الدولي كلا ًمن سعادة الدكتور جان جبور ممثل منظمة الصحة العالمية بسلطنة عمان والدكتورة مها العدوي مديرة إدارة تعزيز صحة السكان بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط.

بعدها قام معالي الدكتور هلال بن علي بن هلال السبتي – وزير الصحة – بتكريم الجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية المشاركة والداعمة والمساهمة في حصول واختيار جزيرة ولاية مصيرة كأول جزيرة صحية على مستوى شرق المتوسط.

هذا .. وتعمل وزارة الصحة على توفير كل الوسائل المعززة لصحة أفراد المجتمع ، وتحسين نوعية حياتهم، وتلبية احتياجاتهم وفق أرقى المعايير، وبما يساهم في تحقيق أهداف رؤية 2040 التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من أهداف التنمية المستدامة التي تمَّ تبنيها ، وابتكار العديد من البرامج والمشاريع المحققة لها، والمبنية أساساً على التشاركية في العمل ؛ الأمر الذي أعطى لمنهج الشراكة المجتمعية والقطاعية بعداً جديداً، وأحدث نقلة نوعية في أعمال القطاع الصحي، والتعامل مع الصحة كجانب تنموي وليس مقدِّم للخدمات فقط.

كما تسعى الوزارة لمواكبة التطورات الحضارية اقليمياً وعالمياً بهدف الحفاظ على ما تمَّ إنجازه خلال المرحلة السابقة، وتؤكد على أهمية وجود توازن بين بعدين أساسيين للصحة الوقائي والعلاجي اللذان يعدان أبرز مكونات العمل الصحي ، من أجل تحقيق التنمية الصحية الشاملة ،وحيث أن القطاع الصحي لا يقتصر دوره على تقديم الخدمات العلاجية بل يمكن أن يكون رأس حربة للتنمية، لذا فقد التزمت سلطنة عمان بكافة المعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة بالعملية التنموية، بدءاً من هدف الصحة للجميع مروراً بأهداف التنمية الألفية، وصولاً إلى أهداف التنمية المستدامة (برنامج العمل العالمي بحلول عام 2030).

ولهدف تعزيز مسيرة العمل التنموي ، فقد اعتمدت الوزارة منهج الشراكة المجتمعية والقطاعية كاستراتيجية لتحقيق الأهداف التنموية، وتم اعتماد المبادرات المجتمعية الصحية بمختلف تدخلاتها، كأحد أدوات تعزيز تلك الشراكة ، ولقد أولت هذا المنهج كل اهتمامٍ ورعاية نظراً لأهميته ودوره بالإسهام في تعزيز الصحة العامة للسكان من خلال مشاركتهم الفعَّالة بتحديد وتحقيق احتياجاتهم التنموية بناءً على الأولويات، والتنسيق بين مختلف القطاعات من خلال اللجان الصحية في مختلف الولايات ؛ كل ما سبق ما كان ليكون لولا تعزيز وتشجيع العمل التطوعي بين أفراد المجتمع، وتعبئتهم واستثمار جهودهم في تعزيز الصحة العامة وتحسين نوعية حياة أفراد المجتمع الذين ينتمون إليه. والعمل على مواجهة التحديات التي سببت ارتفاعاً ملحوظاً في نسب عوامل الاختطار على الصحة العامة، والازدياد في معدَّل الإصابة بالأمراض غير المعدية، وغيرها من المشاكل الصحية، لثبوت جدوى المشاركة المجتمعية في مواجهة تلك التحديات، فقد تم اعتبارها مدخلاً أساسياً للرعاية الصحية الأولية.

وأن منظمة الصحة العالمية روجت لبرامج الشراكة المجتمعية كأدوات ساهمت في تعزيز الصحة، واستراتيجية متَّبعة لبلوغ مجمل أهداف التنمية المستدامة، لذا فقد قامت الوزارة بتصميم وتنفيذ العديد من البرامج التنموية لهذا الغرض ، منها برنامج المدن والقرى الصحية. تقوم على الشراكة مع أفراد المجتمع، واعتبارهم العاملين الحقيقيين، وباقي القطاعات ميسرة وداعمة لأعمالهم التنموية، مستندين في ذلك مبدأ التخطيط القاعدي، وبما يرفع عتبة الإحساس بالملكية المجتمعية لهذه البرامج، بما يعمَّق إحساسهم بما أنجزوه وانتمائهم للمكان الذي يعيشون فيه. تركَّزت محاور العمل على تحقيق هذه الأهداف في التوسُّع بتطبيق منهجية المدن والقرى الصحية في مختلف المحافظات، وتعميق العمل بمكونات هذا المنهج، حيث وصلنا حالياً إلى8 مدن و 33 قرية وجزيرة مصيرة الصحية التي نحتفل اليوم بإعلانها كأول جزيرة صحية تحصل على الإعتماد من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية وإنضمامها إلى الشبكة الاقليمية للمدن الصحية ، إنَّ هذا بحد ذاته إنجاز عظيم، ودليل على وجود الإرادة السياسية وروح الالتزام لتحسين الوضع الصحي والاجتماعي لسكانها، علاوة على رغبة صادقة في تحويل مسار مواردها واعتماد السياسات والهياكل التنظيمية اللازمة لجعلها واحدة من المدن الصحية في العالم ، وإن برنامج المدن الصحية يعتبر أداة ومنصة تعمل من خلالها كافة القطاعات الحكومية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص بالتشارك مع أفراد المجتمع المحلي ، لمقاربة المحددات الإجتماعية للصحة الأمر الذي يتجاوز تقديم الخدمات الصحية ويسهم بشكل فعال في إدخال التحسينات على البيئة المحلية والمرافق العامة التي تساهم في تحقيق مزيد من الرفاهية للناس والجودة لنوعية حياتهم.

وعلى الرغم من التحديات التي واجهها تنفيذ البرنامج في جزيرة مصيرة ، من حيث صعوبة الوصول وطبيعة الجزيرة مترامية الأطراف والتناثر والتباعد للمجموعات السكانية في الجزيرة وغيرها، الا إن إرادة العمل التنموي والتعاون المثمر والخلاَّق بين أهالي مصيرة والقطاعات الحكومية المختلفة المتمثلة باللجنة الصحية في الجزيرة التي يرأسها سعادة الشيخ والي مصيرة كان له كبير الأثر في تدشين العمل في إبريل 2016 وتحقيق أفضل النتائج في فترة قصيرة جداً بشكل نسبي.

وان حصول جزيرة مصيرة على هذا اللقب جاء بعد استيفائها لمعايير التقييم البالغ عددها ثمانون معياراً تندرج تحت تسعة محاور ، وهي السياسات والتوجيهات، المحور البيئي، التنمية الصحية، التعليم ومحو الأمية، مركز المعلومات المجتمعي، اللجان المحلية والمتطوعون، الاستعداد للطوارئ، تنمية المهارات والتدريب المهني وأنشطة القروض الصغيرة ، واليوم وبإعلان جزيرة مصيرة الصحية، فهذا يعني أنها ستعمل باستمرار على تحسين بيئتها المادية والاجتماعية وتوسيع مواردها المجتمعية، من خلال نهج تشاركي يمكِّن الناس مساندة بعضهم البعض في أداء كافة وظائف الحياة ، وفي تطوير إمكاناتهم وبناء قدراتهم، الأمر الذي يقودهم في النهاية لتعزيز صحتهم. إن هذا الإعلان سيوفر مزيداً من التبني لمفهوم المدينة الصحية ، وسيشكل عنصراً هاماً في تحقيق أهدافها ، وهو بمثابة التعبير عن الاستعداد لتقديم كافة الوسائل الضامنة لنجاحها بما ينعكس إيجاباًعلى نوعية حياة الناس في المدينة ، وأن الوصول إلى هذا الاعتماد ليس هو بنهاية المطاف ، وليس بالنتيجة المطلوبة بحد ذاتها، وإنما هو بداية مشوار لعملية مستمرة يتم من خلالها اتباع نهج تشاركي يدعم عمليات التنمية المستدامة التي تتبناها بلادنا سلطنةعمان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى