أصداء وآراء

“قمة المصالحة” .. صفحة بيضاء في أولى أيام العام الجديد..

المستـشار/ عـبـدالعزيـز بـدر القـطان

كاتـب ومفكـر وقانـونـي – الكـويـت

 

“قمة المصالحة” .. صفحة بيضاء في أولى أيام العام الجديد..

 

بحمدٍ من الله تبارك وتعالى، وبفضله، عادت الأجواء طبيعية ما بين الأشقاء الخليجيين (السعودية وقطر)، ومثل ما قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ د. أحمد ناصر المحمد الصباح حول القمة بأنها “قمة المصالحة”.

إن السياسة بطبيعة الحال هي فن المراوغة، وكل من ينتهج أحد أوجه السياسة خاصة من يسمّي نفسه محلل أو كاتب سياسي، عند إنحيازه لطرف ضد طرف، تخسره أشخاص كثر، على المستويين المهني والشخصي، فلهؤلاء المتخندقين في معسكر ضد آخر، لطالما قلنا لهم ألا ينجروا أو يشمتوا بوقائع سيأتي يوم وتنقلب وتتغير، فها هي المصالحة قد أتت، فبأي عينٍ سيقابلون متابعيهم، وكم خسروا من مهنيتهم جراء هذا المسلك والمنهج الذي اتبعوه، لعل أقرب ما يمكن وصفه أنهم خرجوا بـ “مظهر قبيح” أمام الجماهير العربية والخليجية، والتاريخ لن يرحم كل من كان وقوداً لإذكاء نار التفرقة بين الأشقاء العرب والخليجيين والمسلمين عموماً.

وبالتالي هذه المصالحة على القدر الكبير من أهميتها، لكنها درس كبير لكل الإعلاميين والباحثين والكتّاب والمحللين السياسيين، أن يتعلموا من هذا الدرس، طبقاً للمقولة (صديق اليوم، عدو الأمس وبالعكس)، فبالمسائل السياسية لا يمكن الجزم بها أبداً، ولا وجود للعواطف، لأن السياسة فن المتغير والمتبدل الدائم، فلا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة.

وعلى النقيض من ذلك، هناك الإعلامي الذكي المتسلح الدائم بالمهنية، هو الذي يحلل المواقف السياسية كما هي، بإطلاق رأيه الصريح بين قوسين كحقه في التعبير عن رأيه، مبتعداً عن العاطفة الشخصية في هذا الموضوع أو ذاك، وهذه القضية برزت في العقد الأخير كثيراً مع بداية أحداث “الربيع العربي” وطوال مدته كانت أغلب التحليلات عاطفية ووجدانية، وانفعالية، وكانت بعيدة كل البعد عن العقل، سواء في سوريا أو في مصر، وتونس والعراق، وإلى الآن، كما حالة العراق والاصطفافات الطائفية وتحليل الواقع السياسي بعين العاطفة لا العقل أو المنطق.

نحن أمة إسلامية وعربية واحدة، مهما اختلفنا لا بد لنا من أن نحضن بعضنا مهما حاول البعض زيادة الشرخ في أية مسألة كانت، فمن يريد أن يقرأ واقع الأحداث السياسية عليه ضبط النفس والتوازن والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، خاصة وإن كانت الأزمة عربية – عربية، فالطرح الموضوعي يكسب الكاتب زيادة في الاحترام، فالخصومة ليست من سماتنا لا عال الصعيد الشخصي ولا المهني، ولا وسائل الإعلام ساحات لتصفية الحسابات، فالصدق في التحليل هو أهم عوامل نجاح الكاتب أو المحلل وما شابه ذلك، إن وجهات النظر متاحة، لكن تعبر عن رأي صاحبها، لا تحتاج إلى تسويقها لتبريرها وتبيان مصداقية ما وأهمية ما، فمن راهن على استمرار الخصومة بين الشقيقين الخليجيين، ما هو موقفه الآن ؟!.

وبدوري كمواطن خليجي أولاً، وكويتي ثانياً، وعربي ثالثاً وأنتمي إلى هذه الأمة من محيطها إلى خليجها، أهنئ أمتي وأشقائي في دول مجلس التعاون الخليجي، وفي المملكة العربية السعودية، ودولة قطر، ودولة الإمارات والبحرين ومصر، متمنياً أن يسود الحب ما بين أبناء الأمة العربية والإسلامية، وألا نسمح لأي غريب من اختراقنا مهما كان حجم التحالف متين، فهذا الأمر يجب ان يبقى ضمن البيت الواحد، لا في البيت الأبيض، هذا درس لنا جميعاً، علينا الإستفادة منه، وإن شاء الله تكون هذه المصالحة بداية عودة جميع الدول إلى الحضن العربي الواحد من سوريا إلى العراق إلى اليمن، إلى كل بقعة في أمتنا العربية والإسلامية، فجميعنا تواق إلى الوحدة العربية والإسلامية ما بين أبناء الأمة الواحدة، هذا أملنا وليس هناك بصعبٍ ومستحيل على الله تبارك وتعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى