أصداء وآراء

نـرفـض التـطـبـيع واتـفـاقـيات العار والإسـتـسـلام..

   الكاتـبة/ د . كريمة الحفناوي – مصر

 

نـرفـض التـطـبـيع واتـفـاقـيات العار والاسـتـسـلام..

إستيقظت الشعوب العربية والشعب الفلسطينى الأبى الحر على الخبر الأسود فى يوم الخميس الأسود الموافق الثالث عشر من أغسطس عام 2020 على خبر زفه إلى العالم تاجر الصفقات حامى حمى أمن وديار الكيان الصهيونى العنصرى الغاصب المحتل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب. وقف ترامب فى مولد “صفقة القرن” ليزف لنا الإعلان عن الاتفاق بين (دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل) على بدء علاقات مباشرة وكاملة بين “الدولتين” يؤدى إلى النهوض بالمنطقة من خلال تحفيز النمو الاقتصادى وتعزيز الابتكار التكنولوجى وتوثيق العلاقات بين الشعوب، وأنشدت الجوقة الواقفة حوله وخلفه فى مولد سيدنا التطبيع مع العدو الصهيونى فى إطار تسويق الاتفاقية “إن الاتفاقية تتعلق بقطاعات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والتعليم والثقافة والبيئة وإنشاء سفارات متبادلة” أى ان التطبيع يشمل جميع المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية والأمنية.

(وجلا جلا جلا جلا تعالى قرب وشوف الفضيحة والكدب ع المكشوف تعالوا ياسادة ياكرام واسمعوا وافهموا العبارة) وهى “أن الاتفاق سيوقف ضم أراضى غور الأردن ومستوطنات الضفة” (نقصد تعليق الضم لا لا نقصد تجميد الضم) هذه العبارة السابقة قالتها لنا الإمارات فى محاولة لمداراة تلطيخ ثوبها ووجهها باتفاق الخزى والذل والعار مع العدو الصهيونى الذى مازال يعتدى على البشر والحجر مرتكبا جرائم هدم منازل الفلسطينيين يوميا وتهويد القدس وقتل الأطفال والنساء واعتقال أكثر من عشرة آلاف من الأسرى فى سجون الاحتلال. ويجىء صوت نتنياهو عاليا ليقول لنا وللصهاينة من اليمين المتطرف إننا ياسادة أجلنا ضم الأراضى الفلسطينية والذى كان مقررا فى الأول من يوليو من قبل الاتفاق لأننا ننتظر موافقة الولايات المتحدة على الميعاد المناسب والضم آت آت آت.

ورغم أن الشعوب العربية المسيحية والإسلامية ترفض التطبيع مع الكيان المحتل وترفض الذهاب إلى القدس بتأشيرة دخول إسرائيلية قال لنا الشيخ محمد بن زايد حاكم أبو ظبى ونائب حاكم دولة الإمارات المتحدة فى محاولة لتزويق العروسة أقصد اتفاقية الانبطاح قال لنا “يجوز لجميع المسلمين أن يأتوا لزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه وستظل الأماكن المقدسة الأخرى فى القدس مفتوحة أمام المصلين من جميع الأديان.

وقبل أن ينفض سوق تصفية القضية الفلسطينية ومولد التطبيع وبيع دم الشهداء الذين سقطوا برصاص العدو دفاعا عن أرضهم تزف إلينا الأخبار بأنه فى الطريق دولتين أو أكثر والله أعلم ستوقعان اتفاقيات “سلام تاريخى” مع العدو الصهيونى وبدأت الأسماء تلوح فى أفق غيمة الذل والخيانة والعار ومنها دولة السودان ودولة موريتانيا حيث أفادت هيئة البث الإسرائيلى أن يوسى كوهين رئيس الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” قال (إن اسرائيل والسودان على وشك توقيع اتفاقية سلام بينهما ربما قبل نهاية العام). وقالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية  فى 16 أغسطس الحالى إن موريتانيا عبرت عن دعمها لدولة الإمارات فى قرارها بتوقيع اتفاق مع إسرائيل لتطبيع العلاقات. جاء ذلك ضمن الأخبار العربية والعالمية فى جريدة الأهرام الإثنين 17 أغسطس 2020.

وقبل أن ينفض المولد الذى أقيم للإعلان عن الاتفاق الإماراتى – الإسرائيلى ذهب يوسى كوهين رئيس الموساد الإسرائيلى يوم الإثنين 17 أغسطس  إلى زيارة الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبو ظبى لبلورة تفاصيل اتفاقية السلام التى سيتم توقيعها بينهما وقال “إن العلاقات بين الدولتين سيتم تطويرها فى عدة مجالات هى التعاون الاقتصادى والعلمى والطبى وتعزيز التعاون بمعالجة وتطوير لقاح لفيروس كورونا المستجد بجانب التعاون الثقافى والتكنولوجى فى المرحلة الأولى مما سيؤدى حتما إلى علاقات دبلوماسية واتفاقات ثنائية بقطاعات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية والاتصالات والرعاية الصحية وإنشاء السفارات.ونزف إليكم بشرى تشغيل الاتصالات التليفونية بين الدولتين فى نفس اليوم. وهذا معناه ياسادة أنه بالتأكيد سبق ذلك اتصالات ومباحثات وزيارات سرية على فترات قبل الإعلان أليس كذلك؟ وبالعامية المصرية (مش كده والا إيه). كما نزف إليكم خبر أول ظهور لرئيس وزراءإسرائيل نتنياهو على قناة “سكاى نيوزالعربية” الإماراتيه إثر الإعلان عن الاتفاق الإماراتى – الإسرائيلى حيث أكد “أن هذه لحظة كبيرة فى التاريخ وأن الشعوب ملَّت من الحروب والصراعات وآن الأوان أن ننشر السلام”. وتم الإعلان ياسادة يامستمعين ومشاهدين عن تحويل بنود الاتفاق إلى واقع ملموس وستتم رحلات الطيران بين الإمارات وإسرائيل تمر عبر الأجواء السعودية والتى قال ولى عهدها محمد بن سلمان فى حوار مع إحدى الصحف الأمريكية أنه يرغب فى التطبيع مع إسرائيل ولكنه يخشى ردود فعل التيارات المحافظة !!.

مسـار التـطـبـيـع ..

تأتى هذه الاتفاقية تذييلا لمسار طويل من تاريخ التطبيع مع العدو الصهيونى والاستسلام فلقد سبقته خطوات تطبيعية وعلاقات واتصالات فى الخفاء والعلن بين عدد من الأنظمة العربية والكيان الصهيونى بدءا من اتفاقية كامب ديفيد 1978 ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية فى مارس 1979. ثم اتفاقية أوسلو 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينيية وإسرائيل . وتلاها اتفاقية وادى عربة للسلام بين الأردن وإسرائيل 1994.  وفى عام 1996 زار الرئيس الإسرائيلى شمعون بيريز قطر وتم افتتاح المكتب التجارى الإسرائيلى فى الدوحة ووقعت اتفاقيات بيع الغاز القطرى لإسرائيل وإنشاء بورصة الغاز القطرية فى تل أبيب.

وفى مايو عام 1996 فتحت إسرائيل مكتباً للتمثيل التجارى فى سلطنة عمان. وفى نفس العام فتحت إسرائيل فى تونس مكتبا لرعاية المصالح. ومن الجدير بالذكر أن بعض هذة المكاتب تم غلقها مع اندلاع الانتتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 ومع العدوان الصهيونى على غزة 2008. وفى نفس الوقت ومنذ عام 1993 تمت مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليىين لأكثر من 26 سنة كان نتاجها مزيدا من التوسع الإسرائيلى فى قضم أجزاء من الأراضى الفلسطيينية والتوسع فى بناء المستوطنات الإسرائيلية على أراضى الضفة الغربية المحتلة والعدوان المستمر على الشعب الفلسطينى وقتله وتدمير منازله وتهويد القدس، وحفائر مستمرة تحت المسجد الأقصى بزعم وجود هيكل سليمان. هذا بجانب إصدار الكنيست لقانون عنصرى وهو قانون قيام الدولة اليهودية 2017 تلاه اعتراف الرئيس الأمريكى ترامب بالقدس العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس وإعلان ضم الجولان السورية المحتلة من أجل حماية أمن إسرائيل. ثم أخيرا إعلان ترامب ونتنياهو عن ضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية والتى تبلغ مساحتها 30% من مساحةالضفة الغربية الفلسطينية، وبعد ذلك تم عقد قمة البحرين الاقتصادية بحضور أمريكا وإسرائيل لتسويق الشق الاقتصادى لصفقة القرن فى يونيو 2019، هذا غير مشاركة الإمارات المتحدة فى 28 يناير الماضى فى حفل الاستقبال الذى أقامه ترامب للإعلان عن خطة السلام ( صفقة القرن) وضم أراضى الضفة وغور الأردن وأعرب كل من ترامب ونتنياهو عن تقديرهما للتصريحات الداعمة التى أدلت بها دولة الإمارات المتحدة!!. وفى بداية عام 2020 وفى إطار سعى الحكومة السودانية لرفع العقوبات الدولية والأمريكية عنها باعتبارها دولة راعية للإرهاب ومن أجل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى لحل أزمتها الاقتصادية رضخت لمطالب أمريكا بالتطبيع مع إسرائيل والتقى رئيس المجلس السيادى السودانى رئيس وزراء إسرائيل فى شهر فبراير الماضى فى مدينة عنتيبى بأوغندا واتفقا على بدء التعاون المؤدى إلى التطبيع بين الجانبين وكانت البداية رفع حظر الطيران بين إسرائيل والسودان.ولا ننسى أن رئيس سلطنة عمان استقبل نتنياهو 2018.

كل ماسبق من مسارات التطبيع مع الكيان الصهيونى والاستسلام أمام القرارات الأمريكية الصهيونية أدي ويؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية المحورية والمركزية بالنسبة للأمن القومى العربى والمصرى وذلك عن طريق تنفيذ مخطط إنشاء الشرق الأوسط الجديد وفى القلب منه دولة إسرائيل القوية بجانب بناء الحلف الأمريكى الصهيونى العربى “السنى” ضد مايسمى الخطر “الشيعى” الإيرانى ويتحول ياسادة عدونا الصهيونى إلى صديق ويصبح عدونا هودولة إيران.

ولا ننسى أن الاتفاق الإماراتى الصهيونى (والذى يتم بموجبه التطبيع الكامل مع إسرائيل بلا أى مقابل أو التزام على إسرائيل)  مخالف للمبادرة العربية للسلام التى قدمتها المملكة العربية السعودية فى قمة بيروت 2002 والتى نصت على أن التطبيع الكامل مع إسرائيل مقابل الأرض بمعنى إنشاء دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 . كما يجب أن ننتبه لتوقيت الاتفاق عقب كارثة تفجير ميناء بيروت والذى تردد أنه ربما يكون للعدو الصهيونى يد فيه. انه التوقيت المناسب ياعرب للحلف الأمريكى الصهيونى العربى للإقدام على تكوين الشرق الأوسط الجديد الذى تحدث عنه الصهيونى شمعون بيريز فى كتابه الشرق الأوسط الجديد عام 1994 عن الشرق الأوسط الذى يقوم بأموال الدول الخليجية العربية والأيدى العاملة العربية والعقلية والخبرة التكنولوجية الإسرائيلية وذلك تأكيدا لما سبق أن قاله بيجين أثناء زيارته لمصر ردا على زيارة السادت للقدس نوفمبر 1977.

الأمـل فـي الشـعـوب ..

فى الوقت الذى يهاجم فيه فيروس كورونا البشرية ليصيب أكثر من 22مليوناً ويقتل أكثر من 750 ألف من سكان الكورة الأرضية أثناء كتابة المقال وفى الوقت الذى تسعى فيه الدول لمواجهة تفشى الفيروس طبيا ومواجهة تداعياته الاقتصادية والاجتماعية التى تزيد من البطالة وفقدان الملايين من البشر لوظائفهم وزيادة أعداد الفقراء وانخفاض معدل النمو الاقتصادى لمعظم دول العالم بل وتعداها فى بعض الدول إالى نمو سلبى أى الكساد.

وفى الوقت الذى يعاني فيه كل من ترامب ونتنياهو داخليا من فشل فى مواجهة فيروس كورونا وأزمات العنصرية والبطالة الحادة فى أمريكا، مع اتهام نتنياهو بالفساد والتربح، والمشكلة الكبرى فى تدنى شعبية ترامب واحتمال سقوطه فى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم. فى مثل هذا الوقت الملىء بالأزمات يجىء الاتفاق الإماراتى الإسرائيلى ليعطى قبلة الحياة لترامب لكسب أصوات اللوبى اليهودى الصهيونى الأمريكى وليعطى لنتنياهو شعبية لدى اليمين واليمين اليهودي المتشدد.

فها هو التطبيع والاعتراف بإسرائيل يجرى على قدم وساق.وهاهى التنازلات العربية والانبطاح والاستسلام لتحقيق أمن وأمان العدو الصهيونى وتحقيق المصالح الأمريكية فى المنطقة العربية يأتى على حساب تصفية القضية الفلسطينية وعلى حساب الدم العربى الذى سال عبر قرن من الزمان ضد العدو الصهيونى ودفاعا عن الأرض الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية.

وتعالوا بنا نرى الصورة عن قرب، الصورة الآن يا سادة ياكرام نرى فيها الحكام والملوك والشيوخ العرب مع رؤساء الوزراء الإسرائيليين السابقين والحاليين والرؤساء الأمريكيين السابقين والحاليين يرفعون السيوف ويتمايلون بها رقصا على أجساد الشهداء ويستمتعون طربا بأصوات قرع الكوؤس المملوءة بدماء الشهداء ويرفعون أياديهم بعلامة النصر ممسكين بكل معاهدات واتفاقيات الخزى والعار والاستسلام والخيانة لأمن وأمان كل الشعوب العربية.

لذا لابد وأن تستمر الشعوب العربية فى مساندتها للمقاومة الفلسطينية ولتكوِّن الشعوب (الحلف الشعبى العربى فى مواجهه الحلف الصهيونى الأمريكى العربى) وتستمر فى مقاطعة العدو الصهيونى والدول المساندة له والمُطبِّعه معه فى كل المجالات اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ورياضيا وفنيا. ولتحيى كل الشعوب الحرة المساندة للحق الفلسطينى لجان دعم المقاومة الفلسطينية، ولجان مناهضة التطبيع، ومناهضة الصهيونية، وجبهات القوى الوطنية والتقدمية واليسارية المساندة والمناصرة للمقاومة الفلسطينية ضد الكيان العنصرى المحتل ليرتفع صوتها عاليا ويهدر ويزأر فى كل أنحاء العالم حتى تستمر القضية الفلسطينية حية أمام كل المنظمات الدولية المنوطة بالدفاع عن حقوق الشعوب المشروعة فى مقاومة المحتل وحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته وعاصمتها القدس وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم.

ولايكتمل هذا إلا بإنهاء الانقسام الفلسطينى – الفلسطينى وعودة وحدة الصف الفلسطينى، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أساس ديمقراطى وتمثيل الشعب الفلسطينى بكل فئاته، والتمسك بالحقوق والثوابت التاريخية للشعب الفلسطينى والمقاومة الشاملة للعدو الصهيونى بكافة الأشكال.

إننا نُحَيّي كل المنظمات والقوى الوطنية والسياسية والمفكرين والمثقفين الذين عبروا عن رفضهم للاتفاق الإماراتى الإسرائيلى فى كل الدول العربية، ونحيى الأدباء المغاربة الذين أعلنوا انسحابهم من جائزة الشيخ زايد للكتاب احتجاجا على اتفاقية التطبيع.

إننا نرفض الاتفاق الإماراتى – الصهيونى ونرفض التطبيع مع الكيان الصهيونى ونؤكد على أن فلسطين عربية وأن فلسطين فى وجدان وفكر وعقل وقلب الشعب العربى.

يا فلسطين منسيناكي     كل الشعب العربى فداكي ..

المجد للشهداء ، والنصر للمقاومة ، والشعوب باقية ، والإحتلال إلى زوال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى